عمرو الخياط يكتب: جدد ثورتك

عمرو الخياط

من الخطورة بمكان أن يتم إقناعك خلال المعركة أنه لم يعد هناك معركة، من الخطورة بمكان أن يتم استدراجك إلي حالة وهمية من اللا معركة بينما عدوك يقف علي مسافة ليست بالقليلة منك، من الخطورة بمكان أن تخوض معركة لا تعرف مداها، ساعتها سيتمكن عدوك من الالتفاف حولك.. ساعتها ستجده أكثر شراسة مدعوماً برصيد مختلط من نشوة الانتصار عليك والرغبة في الانتقام منك.

عن الانتخابات الرئاسية نتحدث بلا مواربة، القدر قرر أن تكون هذه الانتخابات جولة في ثورة ٣٠ يونيو، التصويت هذه المرة ليس فعلاً سياسياً مجرداً بل استمرار لفعل ثوري نحو قلب الوطن.

من هذا المنطلق فإن حقك في التصويت لم يعد ممارسة شخصية بل أصبح فرضاً وطنياً حالاً وتأكد هذه المرة أن صوتك فرض عليه المشاركة الحتمية إما أن يكون رصيداً في صندوق الوطن أو خصماً مباشراً من هذا الرصيد، بعدما تحولت العملية الانتخابية من حالة سياسية إلي حالة وطنية.

• • •

الواقع الانتخابي هذه المرة يفرض حالة حتمية شديدة التأثير والانعكاس علي الوطن وليس علي أشخاص المرشحين، حتي الامتناع عن التصويت لن يكون هذه المرة عملاً سلبياً بل رصيد جديد وكسب مساحة أرض للمتربصين بالوطن، هذه المرة كل ناخب ليس صاحب حق الصوت مجرداً من مسئولياته، بل صاحب حق استخدام الصوت محمل بمسئولية وطنية جسيمة.

إذا كنت قد شاركت في ٣٠ يونيو فتأكد أن الحالة التي دفعتك للثورة.. هناك من يحاول استخدام صوتك لإعادتها، فلا تدعي أن صوتك حر وأنت تترك من يستخدمه لفرض حالة تخالف إرادتك.

• • •

والآن إذا كنت قد قررت المقاطعة وأنت بكامل قواك السياسية فدعني أسألك ما الذي سيدفعك إلي المشاركة عام٢٠٢٢، والإجابة عن هذا السؤال لن تخرج عن الفرضيات التالية:

إن الرئيس السيسي سينجح لفترة ثانية رغم مقاطعتك، وأنه خلال هذه الفترة سينجح في تغيير الظروف التي دفعتك للمقاطعة وبالتالي يكون قاد تغييراً جذرياً دفعك إلي تغيير موقفك تماماً، وعلي ذلك يكون موقفك من الرجل غير دقيق منذ البداية وإلا كان من الأحري بك أن تؤيد مرشحا ثبت أنه قادر علي تحقيق رغبتك.

إن الرئيس السيسي لن ينجح وفاز مرشح آخر وبالتالي يكون التغيير الذي تنكره قد حدث بالفعل وأنت غير مدرك وتدعي أن المقاطعة هي موقف سياسي بينما هي قرار انسحابي لأنك غير واع بما يدور حولك.

إن الرئيس السيسي نجح برغم مقاطعتك ولكنه لن يكون مسموحاً له الترشح عام ٢٠٢٢، وبالتالي فإنك ستشارك دعماً لمرشح تراه قادرا علي تغيير الأسباب التي دفعتك للمقاطعة وأنه بحلول عام ٢٠٢٢ يكون قد انتهي فعلاً من تغيير هذه الظروف لتتأكد أنك أمام مرشح صاحب برنامج يحقق جزءا من مطالبك، أو أنك أمام مرشح نجح في إقناعك بامتلاكه هذه القدرة، فإذا نجح ولم يحقق ما اعتقدته فيه فإنك ستعود إلي المقاطعة بعد أن ارتضيت علي نفسك أن تكون مواطناً للتجارب السياسية.

الحقيقة أنك ستظل هكذا ما دام أنك مقتنع أنك ليس لك أي دور في التغيير المنشود وأنك ستقضي عمرك انتظاراً لصاحب مبادرات التغيير دون أي عناء منك سوي الاستمتاع بحالة التعلق بالأمل ثم الإحباط ثم الأمل وهكذا بلا نهاية.

• • •

الآن دعني استعرض معك فلسفة المقاطعة في محاولة للبحث عن أسبابها، لكن عليك أن تدرك أن العمل السلبي بالامتناع عن إتيان الفعل قد يكون متاحاً إذا كانت الظروف المحيطة به تسمح بذلك، أما في هذه الحالة فإن مقاطعتك التي تظن انها امتناع سلبي هي ليست كذلك بل عمل إيجابي حتماً ويقيناً سيصب في رصيد التنظيم الإخواني المعادي لفكرة الدولة المصرية وليس للمرشحين عبدالفتاح السيسي أو لموسي مصطفي موسي، فإذا كانت مقاطعتك رفضاً لموقف معين فإنه من غير المنطق أن تساهم في مقاطعة من الممكن أن تؤدي إلي وضع سبق لك أن شاركت في الثورة عليه ورفضته وأسقطته، إلا إذا كنت مشاركاً ومنفذاً لبرنامج إخواني للتسلل إلي الدولة المصرية مرة أخري بوعي أو بغير وعي.

ثم تعال نستعرض ما يمكن تسميته بمشروعية المقاطعة، فإذا كانت في ظاهرها عملاً مشروعاً فلابد ان يترتب علي ذلك نتائج مشروعة، لكن واقع الحال يقول إنه من غير المنطقي أن تستخدم عملاً يبدو مشروعاً- لو مارسناه مجرداً ومنفصلاً عن سياقه الحالي - لسحب الشرعية عن وضع مشروع من أجل تنظيم إرهابي غير مشروع، هكذا يفرض الوضع المعقد الحالي.

نحن هنا نحاول التوصيف التشريحي الدقيق لمفهوم المقاطعة لكي تتخذ قرارك وأنت علي بينة من أمرك وأمر وطنك.

• • •

بعد ذلك فلنستعرض ما هي نتائج هذه المقاطعة إذا كنت لا تملك وسيلة قياس حقيقية لحجمها لأنك لا تستطيع حساب الكتلة المترتبة علي ذلك بشكل دقيق، لوجود فارق بين من قاطع كقرار وبين من لم يصوت لانشغاله أو مرضه أو ضيق وقته أو حتي لعدم اهتمامه.

ثم لماذا تقاطع إذا كنت قادراً علي الفعل الإيجابي وهو إبطال صوتك وهو موقف يمكن حسابه بدقة ومن واقع أرقام رسمية ستعلنها الهيئة الوطنية للانتخابات، وهي كتلة يمكن البناء عليها إذا اعتبرنا ذلك موقفا سياسيا موحدا، وإذا اعتبرنا أن هناك من أدار عملية الإبطال. وضع في اعتبارك أن الأصوات الباطلة قد تفرقت من قبل علي مرشح سابق هو أحد مشاهير المقاطعة الآن.

نتجه بعد ذلك إلي موجبات المشاركة الكثيفة والفاعلة في الانتخابات والتي يمكن استعراضها فيما يلي :

> جدد ثورتك وأكد شرعيتها وأثبت أنك كنت مدركاً لما تريد عندما خرجت في يونيو ٢٠١٣ وأن خوفك علي وطنك كان حقيقياً وليس نزوة ثورية.

> أكد شرعية ثورتك التي خرجت كأضخم حركة تاريخية لإنقاذ الدولة المصرية.

> أكد علي أن وضع ماقبل ثورة ٣٠ يونيو هو وضع غير قابل للتكرار أو للعودة لأنه لايمس حالة سياسية قابلة للذهاب والإياب وإنما يمس حالة وجودية بين الدولة واللادولة.

> أكد أن مصر تحكمها إرادة المصريين فقط.

> أكد أنك لم تعد تسمح أن يتم خداعك مرة أخري كإحدي أدوات التنظيم الإخواني.

> إثبت لنفسك ولأبنائك أنك لم تعد قابلاً للاستخدام في حالة من »‬اللامشروع »‬التي تحترفها مجموعات محسوبة علي النخبة.

. أقض علي أوهام المتربصين بأن بلدك يمكن إعادة تقويضه إقليمياً أو دولياً.

> لا تمنح الفرصة لمن يحاول فرض إملاءات علي وطنك تحت مسمي صفقة القرن أو غيرها.

> اثبت لرئيسك القادم أن إرادتك ما زالت حية ومؤثرة وقادرة علي حسم معركة وطنها.

> افرض علي رئيسك القادم سقف طموحات بحجم الملايين التي ستشارك.

> الق الرعب في قلوب من اعتقد يوماً أنه قد كسر وطنك.

• • •

سيدي الناخب الآن وبعد هذا العرض وهو ليس من وحي أفكار كاتبه فقط بقدر ماهو من وحي وضوح الواقع الانتخابي الموصول بواقع وطن يخوض أشرف معاركه علي الجبهات المتعددة، الآن يأتي دورك علي جبهة الانتخابات حيث المصير المجهول والتنظيم الدولي ومشغليه من خلفك وصناديق الاقتراع من أمامك وفِي المسافة بينهما مخزون شهامتك ونخوتك ووطنيتك.

أنت وحدك صاحب الحق في تقرير المصير، أنت وحدك تملك أن تكون إرادتك رصيداً إضافياً لإرادة وطنك، أنت وحدك صاحب العزم الذي يزيد وطنك عزما علي عزمه.

نقلا عن اخبار اليوم