محسن صلاح لـ الأهرام العربي: 2 مليار دولار حجم استثمارات «المقاولون العرب» في أفريقيا

أتمنى وضع تجربة الصين فى إفريقيا فى الاعتبار

طريق القاهرة – كيب تاون مشروع الألفية

نتعامل في بعض الدول الأفريقية مع صانعي القرار مباشرة

.............................................................................................

تلعب شركة المقاولون العرب، بقيادة المهندس محسن صلاح، رئيس مجلس إدارة الشركة دورا رئيسا في تعزيز الاستثمار المصري، مع القارة الأفريقية، عبر إقامة العديد من المشروعات بدول القارة السمراء، فضلا عن بمشاركتها في المشروعات العملاقة بمصر.

وكشف صلاح خلال حوار له مع مجلة الأهرام العربي عن دور المقاولون العرب في مد الجسور مع أفريقيا خاصة أن مصر تستعد لتولي رئاسة الاتحاد الأفريقي.

وقال المهندس محسن صلاح، رئيس مجلس إدارة المقاولون العرب إن طريق القاهرة – كيب تاون سيربط القارة الإفريقية طوليا وهذا منوط به كل الدول الإفريقية التى يمر بها الطريق، حيث إنها مسئولة عن الجزء الخاص بها، لأنه يمر بمعظم دول حوض النيل من الشمال إلى الجنوب، لكن الربط البرى عبر هذا الطريق يعطى له أهمية قصوى.

وتابع صلاح «بعد الربط البرى، سيكون هناك ربط بالسكك الحديدية التى ستربط هذه الدول ببعضها البعض، وأكثر من سيستفيد من هذا الربط دول حوض النيل مع جنوب القارة، وبداية ونهاية الطريق هما أكثر دولتين تقودان إفريقيا، حيث إن القاهرة تقود الشمال الإفريقى بالكامل، وجنوب إفريقيا تقود الجنوب الإفريقى، لما لهما من ثقل فى القارة الإفريقية، ونحن كشركة نشارك فى الطرق الداخلية داخل مصر، لأننا الشركة الرئيسية فى منظومة الدولة، ولنا مشروعان فى إثيوبيا شارفا على الانتهاء، وهناك دول لم تبدأ هذا الربط، ونحاول أن يكون لنا تداخل مع بقية الدول، وبالطبع الشركات الجنوب إفريقية لها باع كبير فى هذا المجال فى جنوب القارة، ونحن نتنافس مع شركات جنوب إفريقيا فى زامبيا وبتسوانا، ونحن موجودون فى غرب ووسط إفريقيا بقوة، إما بمشاريع قائمة أو بمشروعات تم تنفيذها، أو مشروعات ما زلنا ننافس عليها، عن طريق العطاءات المطروحة، أو حتى عن طريق مكاتب التمثيل الموجودة هناك، ونحن كشركة «المقاولون العرب» نفتخر بأننا موجودون بها، وعلى علاقة طيبة بالقيادات والحكومات الإفريقية».

وأضاف صلاح « عملية الربط بين الدول الإفريقية صعبة، فالسفر بالطيران بين بعض الدول يصل إلى 17 ساعة طيران، وهناك بعض الدول لابد أن تسافر إلى أوروبا أولا ثم تعود إلى إفريقيا مرة أخرى، فالطرق البرية والسكة الحديد ستربط بينها بطريقة سهلة وميسرة ورخيصة، وهذه نقطة مهمة، لتقارب الشعوب والتكامل الاقتصادى بينها، وهناك بعض الدول مغلقة لا يوجد بها بحار، فالربط البرى سيسهل الارتباط والتكامل معها، وهى دول ليست عندها وسائل نقل بحرية، فالربط البرى والسكك الحديدية سيسهل من هذا الأمر، لأن هناك دولا إفريقية عندها ثروات لا تستطيع أن تقيم تكاملا اقتصاديا بينها وبين بقية دول القارة، ومن هنا تأتى أهمية الاعتماد على القارة وليس على بلدها فقط، فليس شرطا أن تستورد من دول أوروبية، فهناك دول إفريقية قريبة منها، الصعوبة فى عملية النقل، ومن هنا تأتى أهمية المشروع».

وكشف عن أنشطة المقاولون العرب في أفريقيا قائلاً: « بالتأكيد هناك بعض الدول لا توجد لديها الرغبة فى الوجود ضمن هذا المشروع، لضعف العوامل الاقتصادية والتمويلية، لكن بالقطع إفريقيا منذ نحو 5 أو 10 سنوات بدأت تطور من نفسها، نظرا لظهور البترول فى بعض هذه الدول مما أعطى الدافع لتطورها، لكن انخفاض أسعاره أدى إلى تأثر هذه البلاد وتوقف مسار التنمية هناك، وبدأت تعتمد على التمويل الأجنبى من خلال البنوك، وهذا ما كان له الأثر فى عدم استكمال الطريق، ولكن هناك الكثير من الدول الإفريقية ترى أن هذا الطريق مهم جدا، نظرا لأنه يعقبه خط السكة الحديد الذى سيربط الدول الإفريقية بعضها البعض، أما بالنسبة للأنشطة، فإننا موجودون فى عدة دول إفريقية بقوة، خصوصا الغرب الإفريقى، ولا أعتقد أن هناك أية شركات أخرى وصلت لما وصلت إليه المقاولون العرب فى إفريقيا، فالعلم المصرى يعطينا القوة عند هذه الدول، وهذا ما يجعل لنا كرامة سياسية عند هذه الدول وعند القادة الأفارقة، من حيث إنهم يكرمون العلم المصرى، وبالتالى يعطون للمصريين أعلى الأوسمة، فقد حصلنا على أوسمة من غينيا وتشاد والكاميرون وكوت ديفوار وتوجو، وذلك لتكريم الشركة أو تكريم المصريين عموما، فالشركة تأخذ المقابل المادى لما تقوم به من أعمال، أما الانطباع السياسى فهذا موضوع آخر، وهو الذى يعمل على التواصل بين هذه الدول، والجنسية المصرية فى الدول الإفريقية مرحب بها جدا، هناك أريحية فى التعامل معنا كمصريين فى الدول الإفريقية جميعا، وهذا ما يعطينا الدافع للتوسع فى العمل بإفريقيا.

وأردف صلاح « نحن موجودون فى إفريقيا منذ نحو عشرين عاما، والممر الذى مهد لنا الدخول إلى السوق الإفريقية كان من خلال ليبيا، من بعدها تعاملنا مع نيجيريا، ونفذنا هناك مشروعات كثيرة، ثم بعد ذلك دول الغرب الإفريقى، ثم الشمال الإفريقى المغرب والجزائر وتونس، أما فى الشرق فنحن موجودون فى إثيوبيا ونسعى للوجود فى إريتريا، ونحن موجودون فى السودان فى الشمال والجنوب، ولنا أيضا وجود فى زامبيا وتشاد وتنزانيا، كذلك لنا دور مهم فى بناء السفارات المصرية فى إفريقيا،أما بالنسبة للمشروعات فلنا مشروعات متنوعة، لكن مشروعات الطرق هى أكثر المشروعات التى لنا وجود فيها، تليها مشروعات بناء المستشفيات والأبنية الحكومية والوزارات والبنك المركزى فى تشاد، قمنا بإنشاء مطارات فى غينيا والمغرب، لكن أكثر المشروعات التى لنا اهتمام بها هى مشروعات البنية التحتية عموما، من طرق أو مياه أو صرف صحى»

واستطرد رئيس شركة المقاولون العرب « نحن نتعامل فى البزنس، وهو ليس له أية علاقة بالسياسة، معايير البزنس تخضع لأمور أخرى غير الرؤى السياسية، لكننا فى وقت من الأوقات نتأثر بالتوجهات السياسية، ولا ننسى أننا كمصريين فى إفريقيا لنا تقدير ولنا ثقلنا، بخلاف أى جنسية أخرى حتى ولو كانت عربية، الوجود المصرى من أيام عبد الناصر أعطى لنا ثقلا كبيرا هناك فى التعامل مع القيادات الإفريقية، ومن هنا فإن الخلافات السياسية لا تؤثر على وجودنا لأننا مترابطون مع الشعوب، فلا تستطيع أى قيادة سياسية أن تفصلنا عن علاقتنا بهذه الشعوب، وهناك بعض الدول نستعين بعمالة كثيرة من أهلها، ومن هنا تتم المعايشة مع العمالة المصرية الموجودة هناك، ويحدث هذا الترابط والتجانس بينهم، ومن هنا يأتى تأثير الوجود المصرى فى إفريقيا حتى ولو على سبيل المعرفة، من عادات المصريين أننا مسالمون ونحب التعايش مع الآخرين، وبدورنا ننتقى العمالة التى تذهب إلى هناك، مع احترامى لكل الجنسيات التى تذهب إلى هناك وما يترتب عليها من مشاكل، فنحن لنا شكل وطباع وسماحة فى التعامل مع الناس فى هذه البلاد، فنحن ننشئ مدارس ومساجد وكنائس لهم، وهذا ما يحدث التقارب والاندماج لشركتنا وسط هذه المجتمعات».

وتابع صلاح « هناك بعض الدول لنا معاملات مباشرة مع صانعى القرار فيها، وبالتالى نحن نستطيع أن نعرف تطلعاتهم وما الذى يقترحونه، ونستطيع أن نوصل إليهم بعض الأفكار، على سبيل المثال الرئيس الغينى استعان بنا فى استكمال بناء المطار هناك فى مدة شهرين بعد إخفاق الشركة التى كانت تتولى بناءه، وكانت لنا بعض الاقتراحات فى إقامة بعض المشروعات هناك، وبالفعل اقتنع بها وقام بتنفيذها، فنحن مع من يصنع القرار فى بعض هذه الدول بأن نفكر معهم ونقترح عليهم مشاريع تخدم هذه البلاد».

وأضاف رئيس المقاولون العرب « بالنسبة لفترات الازدهار وقت ارتفاع أسعار البترول، مع ارتفاع أسعار الدولار، كانت الحكومات تحاول أن تخدم بلادها من خلال البنية التحتية، المشكلة فى الدول الإفريقية  الاستوائية تحديدا، هناك بعض القرى المجاورة لبعضها البعض، لا تستطيع التواصل إلا عن طريق الطيران، ومن هنا كانت هذه المناطق معزولة عن بعضها، خصوصا المنطقة الاستوائية، لأن القرى تنشأ وتقام ولا يكون بينها تواصل وطرق، فكان لابد من عمل طرق وشرايين لهذه القرى فى المنطقة الاستوائية فى منتصف القارة، وهى منطقة غابات، فكانت الطرق هى السبيل الوحيدة لفتح التواصل بينها، فالفترة التى تم عمل طرق لهذه المناطق كانت فترة ارتفاع البترول والدولار عبر هذه الغابات، ولك أن تتخيل ما تعرضنا له من مخاطر فى هذه الغابات، هذه الفترة كانت فترة ازدهار لشركتنا لإتمام عمل هذه الطرق، بالإضافة إلى أعمال البنية التحتية عموما من توصيل المياه والصرف، وكذلك تجميع مياه الأمطار والسدود وعمل بحيرات فى بعض هذه البلاد، أما الفترة الحالية التى نعمل فيها الآن، فإن الحكومات والشعوب تعتمد اعتمادا كليا على التمويل الخارجى من الصناديق التى تمول المشروعات التنموية فى هذه البلاد.

هناك شركات أخرى كبيرة لها باع فى التواصل هناك، لكن مشروع تنزانيا، السويدى هو من أنشأ محطات الكهرباء هناك، وأساس المشروع هو مشروع توليد كهرباء، وبالتالى بدأت فكرة أن يتم إنشاء سد مثل السد العالى، فكان لا بد أن تكون معنا شركة متخصصة فى ذلك، وتم الاتفاق بيننا وبين السويدى على أن نخوض هذا العطاء، أمام شركات أخرى سواء هندية أم تركية أم صينية وتنافسنا معهم منافسة شريفة جدا وفزنا به، لأننا أحسن العروض وأقل الأسعار، وتم الحصول عليه من خلال مناقصة دولية».

وكشف صلاح عن حجم استثمارات المقاولون العرب في أفريقيا قائلاً: « فى وقت الازدهار كان لنا حجم استثمارات وصل إلى 4 مليارات دولار، كانت تدر علينا نسبة ربحية كبيرة، لكن اليوم حجم التعاقدات أقل من ذلك بكثير نحو 2 مليار تقريبا، عملية الربحية هذه نقطة مهمة جدا، لأن الفترة السابقة كان من الممكن أن نحصل على مشروعات دون عطاءات، فهناك لا توجد منافسة شرسة من شركات أخرى، أما الآن فهناك منافسة من الجانب الصينى بالذات، لأنهم يضعون أسعارا لو وضعناها نحن لخسرنا، ولكن فى بعض الأحيان نحصل على مشروع بهامش ربح صغير جدا لمجرد أننا موجودون هناك».

وأكد أنه يتم التعامل مع الشركات الأهلية  في أفريقيا من الباطن أحيانا نظرا لاحتياجنا المقاولون إليهم فى تنفيذ بعض الأعمال التى يقومون بها, ولا تستطيع الشركة تنفيذها نظرا للتكلفة الباهظة فى عملية نقل المعدات الخاصة بنا.

وتابع صلاح «نفذنا مشاريع لبعض القبائل الأفريقية ، فنيجيريا، دولة تدرس لوحدها، فمساحتها ضخمة جدا 4 أضعاف مساحة مصر، مقسمة إلى جزءين شمال وجنوب، سكان الجنوب أغلبهم مسيحيون، أما الشمال فأغلبهم مسلمون، حتى إن من يتولى الحكم هناك مرة يكون مسيحيا وأخرى رئيسا مسلما، والحكم هناك حكم فيدرالى، أى كل مملكة منفصلة عن الأخرى لها ملك ولها حكومتها، فنحن نتعامل مع عدة دول داخل دولة واحدة، ونحن نتعامل مع كل هؤلاء ولا بد أن نتعامل معهم، وفى نيجيريا بالذات لا بد أن نتعامل مع شركة محلية، فأصبح لنا شركاء نيجيريون وعلاقتنا بهم وثيقة الصلة».

وأردف «دائما نخاطب الأفارقة على أننا أشقاء، وقبل أن نبحث عن تنمية البزنس نبحث عن تنمية القارة عموما، وهذه طبيعة المصريين من أيام عبد الناصر، ونحن نعمل لصالح الشعب الإفريقى، لأن عبد الناصر كان لا ينتظر أية مكاسب، فإنهم لا يملكون البترول حتى يطمع فيهم، وإنما كان يساعدهم على التحرر، وقد رأوا الاستعمار فى أبشع صوره خصوصا الجانب الغربى من القارة، لذلك هم يكنون لمصر كامل الاحترام، لأن عبد الناصر هو الذى ساعدهم على التحرر».

واختتم رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب « أتمنى أن نضع تجربة الصين فى إفريقيا فى الاعتبار برغم أن تجربتهم ليست قديمة، حيث إن لديهم ميزة هى أن عدد الشركات ضخم جدا، فعند وجود أى عطاءات فى أى مشروع تجد نفسك فى مواجهات شرسة مع عدة شركات صينية، فلا بد للشركات المصرية أن تبدأ ويكون لها وجود هناك، الأمر الثانى أن كل شركة صينية لا تذهب إلى هناك إلا ويكون الشريك معها بنك صينى، على عكسنا تماما، نحن لا يوجد أى بنك لنا فى إفريقيا، أين البنوك المصرية الموجودة فى إفريقيا؟! فالتجربة الصينية تجربة مفيدة جدا، بالإضافة إلى أن عندهم عمالة رخيصة جدا، ويعيشون حياة زاهدة جدا، بحيث إن التكلفة تصل إلى أقل قدر ممكن.