هيئة الاستعلامات: زيارة الرئيس السيسي لإيطاليا تصب في مصلحة الشرق الأوسط

قالت الهيئة العامة للاستعلامات إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإيطاليا، والتي ستشهد لقاء قمة بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي، تؤكد عودة التعاون الإستراتيجي بما يصب في صالح البلدين ومنطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط.

وذكرت الهيئة أن الرئيس السيسي سيشارك خلال زيارته الرسمية التي تستغرق يومين في أعمال القمة المصغرة للقادة المعنيين بالملف الليبي والتي تعقد بمدينة باليرمو يومي الاثنين والثلاثاء بحضور أهم أطراف النزاع في ليبيا، في محاولة لإطلاق عملية انتخابية وسياسية تستهدف انتشال ليبيا من حالة الفوضى، حيث أكد رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي إن "مؤتمر باليرمو خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار فى ليبيا وأمن حوض البحر المتوسط برمته".

و يشارك ممثلون من دول أوروبية بينها فرنسا والولايات المتحدة فضلا عن دول عربية فضلا عن حضور الشخصيات الرئيسية فى ليبيا وهم رئيس حكومة الوفاق الوطنى المعترف بها دولياً فايز السراج، والمشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة فى طرابلس خالد المشري، كما تحضره شخصيات بارزة وعدد من أعيان القبائل والمجتمع المدني في ليبيا.

وأكدت الهيئة العامة للاستعلامات في تقرير لها أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ايطاليا تكتسب اهمية كبيرة، حيث إنها تعد أهم الدلائل على عودة العلاقات المصرية الإيطالية إلى سياقها التاريخي والطبيعي بعد محاولات اصطنعتها أطراف قامت بتفجير القنصلية الإيطالية في القاهرة، واختلقت إدعاءات حول قضية الباحث الإيطالي جوليو رجيني، حيث تؤكد هذه الزيارة وما سبقها من زيارات رفيعة المستوى لمسئولين إيطاليين إلى مصر خلال الفترة الماضية أن محاولات إفساد العلاقات مع مصر قد فشلت، حيث تغلبت في النهاية الحقائق التاريخية لهذه العلاقات من تفاعل حضاري منذ آلاف السنين وإرث ثقافي منذ مئات السنين، وتزاوج شعبي مازالت آثاره ماثلة في أحياء الإسكندرية والقاهرة وفي لوحات الفنانين وفي كل مجالات الإبداع.

وأضاف تقرير الهيئة "لقد تغلبت حكمة القيادة في الدولتين وأدركت الأهمية الإستراتيجية لهذه العلاقات من أجل صالح الشعبين والأمن والاستقرار في البحر المتوسط والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلاً عن طيف واسع من المصالح الاقتصادية والسياحية والتجارية".

 

ويضيف تقرير هيئة الاستعلامات أنه على الصعيد الثنائي تمتد جذور العلاقات المصرية الإيطالية لآلاف السنين، وقد مرت هذه العلاقة ببعض التحديات، والتي استطاع الجانبان التغلب عليها وتجاوزها بالثقة المتبادلة بين الجانبين واستعادة زخم العلاقات بالزيارات الدبلوماسية والبرلمانية المتبادلة التى تمت بين الجانبين في الفترة الأخيرة.

وتمتد جذور العلاقات التاريخية بين مصر وإيطاليا إلى الفترات التي تُعرف تاريخيًا بـ"شعوب البحر"، وهي الشعوب التي يلعب البحر الدور الرئيسي في كل شئون حياتها، ثم إلى عصور ما قبل الميلاد ثم مع دخول مصر نطاق الدولة الرومانية، حيث ظلت مصر جزءًا من الإمبراطورية الرومانية حتى الفتح الإسلامي سنة 20 هـ، واستمر التفاعل الثقافي بين البلدين بعد الفتح الإسلامي، فخلال عصر النهضة كانت المدن الإيطالية هي المعابر التي انتقل من خلالها العلم العربي إلى أوروبا.

وقد تنامت هذه العلاقات وتشعبت إلى عدة مجالات غير التجارة مع بداية عصر محمد علي باشا في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلادي، حين أرسل محمد علي بعثات تعليمية إلى إيطاليا لتعلم فن الطباعة، كما تم الاستعانة في عهده بالخبراء الإيطاليين للمعاونة في بناء دولة حديثة في مصر، وذلك في مجالات البحث عن الآثار والمعادن، وفي رسم أول خريطة مسح لدلتا النيل، كما صمم الإيطاليون مبنى الأوبرا الملكية بناءً على طلب الخديوي إسماعيل، أثناء الاحتفال بافتتاح قناة السويس، وقام أيضًا أحد المصممين الإيطاليين وهو بييترو آفوسكانى عام 1891م ببناء كورنيش الإسكندرية، كذلك قامت شركة بناء إيطالية “جاروزو زافارانى” في عام 1901م ببناء المتحف المصري بالقاهرة.

وفي الفترة التالية ظهرت الصلات العميقة بين إيطاليا ومصر في عدة مجالات؛ منها الحضور المميز والكثيف للجالية الإيطالية في مدينتَي الإسكندرية والقاهرة في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، ومنها أيضاً الحركة النشطة للاستشراق الإيطالي، وهي حركة امتدت لقرون طويلة مازالت مستمرة حتى اليوم.

وقد بدأ تبادل السفراء بين الدولتين عام 1914، ولكن توقفت هذه العلاقات خلال الفترة من عام 1940 حتى عام 1945 خلال الحرب العالمية الثانية، وفي نهاية الثمانينيات جاء المشروع العالمي لإحياء مكتبة الإسكندرية والذي حصل على دعم إيطالي كبير، ولم يقتصر هذا الدعم على المستوى الحكومي فقط؛ بل امتد للمؤسسات الإيطالية والأفراد، وكل ذلك يعد مؤشرات دالة على مستقبل طيب للعلاقات الوثيقة بين البلدين.

 

ثم عادت العلاقات بين الدولتين بالتدريج، وشهدت العلاقات السياسية والزيارات الرسمية بين مصر وإيطاليا تطورًا كبيرًا بعد ثورة 30 يونيو وكانت الحكومة الإيطالية تدعم خارطة الطريق التي نفذتها مصر بعد 30 يونيو.

تفاهم سياسي

على الصعيد الإقليمى، يقول تقرير هيئة الاستعلامات إن الدولتين تنسقان جهودهما الجادة بشأن القضايا الإقليمية المختلفة، التى تفرض تحديات مشتركة مثل الملف الليبى والهجرة غير الشرعية وموضوعات مكافحة الإرهاب، حيث تحرص إيطاليا على التنسيق مع مصر لتعزيز الأمن الإقليمى، وهو الأمر الذى يجسد الحرص المتبادل على ترسيخ التشاور المشترك حول الأمن الإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط، لاسيما فى ظل التحديات الأمنية وتنامى ظاهرة الإرهاب، كما يتطلع الجانبان للارتقاء بأطر التعاون وآليات التنسيق فى هذا الشأن.

وتدعم الحكومة الإيطالية مصر في حربها ضد الإرهاب، وترى أن مصر تخوض حربًا ضد الإرهاب ليس فقط للدفاع عن نفسها بل دفاعًا عن أوروبا بإكمالها، كما يوجد تقارب كبير في التوجهات بين القاهرة وروما في القضايا المتصلة بأمن البحر المتوسط، ومكافحة الإرهاب والتطرف، فضلًا عن تحديد السياسات التي يتعين اتخاذها من أجل مواجهة تصاعد التيارات الأصولية المتطرفة، سواء في منطقة القرن الأفريقي أو شمال أفريقيا، وانعكاساتها على أمن البحر المتوسط.

ويُعد الموقف بشأن الوضع في ليبيا على درجة عالية من التوافق حيث إن الدولتين تتأثران بما يجري في ليبيا وتعملان على دعم جهود بناء الدولة الليبية ومنع سقوطها بيد التنظيمات الارهابية.

وتتفق الدولتان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية على ضرورة الرجوع لحل هذه القضية وفقا للشرعية الدولية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وان تكون القدس عاصمة لها ، كما تدرك ايطاليا الجهود المصرية المبذولة ازاء تطورات القضية الفلسطينية، مع الأطراف الإقليمية والدولية لوقف عمليات التصعيد وتشجيع الأطراف على استئناف المفاوضات واعادة أطلاق عملية السلام ومسار الرعاية المصرية لعملية المصالحة الفلسطينية.

 

وبخصوص الأوضاع فى القارة الأفريقية، وخاصة منطقة القرن الأفريقى والصومال، تتفق الرؤى بين القاهرة وروما بشأن سبل دعم الاستقرار ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والتهريب فى تلك المنطقة التى تهم البلدين.

الزيارات المتبادلة

شهدت الفترة الاخيرة تبادلاً مكثفاً للزيارات الرسمية، حيث استقبل الرئيس السيسي روبرتو فيكو رئيس مجلس النواب الإيطالي في سبتمبر 2018 كأرفع مسئول إيطالي يزور القاهرة منذ عودة السفير الإيطالي للقاهرة، بجانب زيارتين لوزيري الخارجية والداخلية الإيطاليين على نحو يعكس العلاقات والروابط التاريخية بين شعبي البلدين، والتطلع إلى توثيق العلاقات البرلمانية وتكثيف الزيارات المتبادلة بين المسؤولين من الجانبين

وفى 7/10/2018 قام عز الدين أبو ستيت وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بزيارة لإيطاليا للمشاركة فى فعاليات الدورة السابعة من مؤتمر أرض البحر الأزرق بعنوان (معرض البحر الأبيض المتوسط للدول الأفريقية والشرق أوسطية كما بحث الجانبان سبل تنمية العلاقات بين البلدين في المجال الزراعي، وفى 16/9/2018 قام روبرتو فيكو رئيس مجلس النواب الايطالى بزيارة لمصر، استقبله د. على عبد العال رئيس مجلس النواب. بحثا الجانبان سبل تعزيز العلاقات البرلمانية بين البلدين والتنسيق في مختلف المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية، وصياغة نموذج تعاون بين البلدين.

 

وفى 4/8/2018 قام إينزو موافيرو ميلانيزي وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي والوفد المرافق له بزيارة لمصر، استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسى، كما التقى اينزو د. مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء وزير الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وبحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدي وتعزيز العلاقات الاقتصادية ومن بينها التعاون في المجال الزراعي من خلال الإعتماد علي إيطاليا كمنفذ لدخول الصادرات المصرية الزراعية لدول الإتحاد الأوروبي، والتعاون في مجال التعليم وتطوير برامج التعاون بين الجامعات المصرية والإيطالية، وإمكانية التعاون في مجال الرعاية الصحية والمستشفيات وتقديم الخبرات الإيطالية في هذا المجال، فضلاً عن التعاون في مجال الثقافة وتبادل الخبرات في مجال المتاحف وأعمال الترميم.

 

وفى 18/7/2018 قام ماتيو سالفينى نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي بزيارة لمصر، استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسى وبحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وشهد اللقاء تبادل للرؤى ووجهات النظر تجاه عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة آخر مستجدات الملف الليبي والهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، وفى 12/7/2018 قام وفد من الغرفة التجارية وجهاز تنمية التجارة الدولية الإيطاليين بزيارة لمصر استقبلته خلالها شيرين الشوربجي رئيس الجهاز التنفيذي لهيئة تنمية الصادرات، وبحث الجانبان سبل تعزيز التعاون وفرص تعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

 

وفى 20/3/2018 قام وفد من الشرطة الإيطالية بزيارة لمصر للمشاركة فى ورشة عمل بين الشرطة المصرية والإيطالية في مكافحة جرائم الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، وفى 14/3/2018 قام سامح شكري وزير الخارجية بزيارة لإيطاليا لترأس المؤتمر الدولي لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى جانب وزيري خارجية الأردن والسويد، وذلك باعتبار مصر الرئيس الحالي للجنة الاستشارية للوكالة، وفى 17/12/2017 قام ماركو مينيتي وزير الداخلية الإيطالي بزيارة لمصر، استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث نقل مينيتى للرئيس تحيات وتقدير الرئيس الإيطالي، وكذلك تحيات رئيس الوزراء الإيطالي، وبحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

 

وفى 29/11/2017 قام سامح شكري وزير الخارجية بزيارة لإيطاليا للمشاركة في منتدى الحوار المتوسطى، وعقد شكري جلسة مباحثات مع نظيره الإيطالي أنجلينو ألفانو، وبحث الجانبان العديد من التطورات المرتبطة بالأوضاع الإقليمية، وفى 22/10/2017 قام فينسنزو اميندولا سكرتير الدولة الإيطالى للشئون الخارجية بزيارة لمصر، بحث خلالها العلاقات المصرية الإيطالية وسبل تعزيزها في شتى المجالات، إلى جانب مناقشة القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك بما في ذلك تطورات الوضع في سوريا وليبيا والقضية الفلسطينية، كما بحث الجانبان الموضوعات المتعلقة بالهجرة غير المشروعة والجهود الدولية في مجال مكافحة الإرهاب.

 

وفى 11/7/2017 قام وفد من البرلمان الإيطالي برئاسة نيكولا لاتوري رئيس لجنة الدفاع بمجلس الشيوخ، وعضوية ماوريتسيو جاسباري نائب رئيس مجلس الشيوخ بزيارة لمصر، استقبلهما خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسى وبحث الجانبان سبل تفعيل العلاقات السياسية بين الدولتين، وفى 28/3/2017 قام وفد من مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية بمهمة عمل إلى ايطاليا لاستخراج بطاقات الرقم القومى للمواطنين المصريين المقيمين فى إيطاليا.

 

وفى 5/2/2017 قام وفد برلمانى برئاسة د. على عبد العال رئيس مجلس النواب بزيارة لإيطاليا استقبله خلالها عدد من المسئولين والبرلمانيين فى إيطاليا، وبحث الجانبان سبل التعاون بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وفى 1/2/2016 قام سامح شكرى وزير الخارجية بزيارة لإيطاليا للمشاركة فى الاجتماع الوزارى للتحالف الدولى ضد داعش.

5 مليار يورو تبادل تجاري

وفيما يخص العلاقات الاقتصادية بين البلدين، فبخلاف كونها تشهد تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة تم الإعلان خلال الفترة القليلة الماضية عن رفع سقف المحفظة الائتمانية الإيطالية في مصر من قبل هيئة ائتمان الصادرات الإيطالية إلى 8 مليارات يورو أمام الشركات ورجال الأعمال الإيطاليين، وهو أكبر معدل مسموح به لمحافظ إيطاليا الائتمانية في العالم، وتعد هذه الخطوة أكبر مؤشر فعلي على حجم الاستثمارات الإيطالية بالقاهرة.

وتعد إيطاليا الشريك الثاني لمصر أوروبياً والرابع عالمياً بحجم تبادل تجاري 5 مليارات يورو، وتعد أكبر مستورد من مصر بقيمة 1.8 مليار دولار، وخامس أكبر مستثمر أجنبي في مصر بقيمة 8 مليارات يورو وتُبدي إيطاليا اهتمامًا كبيرًا بالكثير من المشروعات داخل مصر، من خلال مشاركتها في تنفيذ الكثير من المشروعات القومية الكبرى التي تستهدف الحكومة المصرية تنفيذها، خصوصًا في إطار تنمية محور قناة السويس، إلى جانب مشروعات في مجال البتروكيماويات ومكونات السيارات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

كما تسهم الحكومة الإيطالية في تطوير عدد كبير من المشروعات الصناعية في مصر خاصة فيما يتعلق بتوفير الدعم الفني لمدنية الجلود بالروبيكي، وتوفير المعدات الحديثة للمركز التكنولوجي بالمدينة، وإتاحة قروضًا ميسرة لتوفير الدعم الفنّ لمدينة الأثاث بدمياط.

وتتوزع الاستثمارات الإيطالية في مصر على عدة مجالات منها مجالات الصناعة والخدمات والتمويل وتكنولوجيا المعلومات والمقاولات والزراعة إلى جانب الاستثمارات في مجالات الغاز، وتمر 60% من تجارة إيطاليا عبر قناة السويس، وتحل في المرتبة السادسة في قائمة الدول التي تُصدر سائحين إلى مصر، وبلغ حجم السياحة الإيطالية إلى مصر في عام الذروة السياحية لمصر عام2010 نحو مليون سائح.

كما تعبر إيطاليا دائما عن رغبتها فى ضخ المزيد من التمويل لدعم قطاع الصناعات لصغيرة والمتوسطة فى مصر، وكذا دعم قطاع الزراعة وتزايد الاعتماد على الصادرات الزراعية المصرية، وشهدت السنوات الثلاث الماضية ضخ الشركات الإيطالية استثمارات كبيرة فى مجالات الصناعات التحويلية والطاقة النظيفة والمتجددة والخدمات اللوجيستية، بالإضافة إلى التعاون فى مجال النقل البحرى والدعم الإيطالى للمشروعات الصغيرة، بما يخدم أهداف التصور الاستراتيجى للتنمية الاقتصادية فى إطار رؤية "مصر 2030"

إيني وظُهر والغاز

التعاون القائم في مجال الغاز بين مصر وإيطاليا والذي أرسى نموذجًا يحتذى به في المنطقة، والدور المصري وسعيه للتحول إلى مركز إقليمي لتصدير الغاز في جنوب المتوسط إلى أوروبا، يأتي مكملاً للسعي الإيطالي للتحول إلى مركز إقليمي لاستقبال الغاز بشمال المتوسط، نظرًا لأن مصر تمتلك مصادر الغاز الهائلة ولديها أكبر منشآتين لتسييل الغاز في الجنوب، فيما تمتلك إيطاليا ثلاث محطات لاستقبال الغاز المسال، فضلاً عن امتلاكها للشركات الرائدة بمجال الغاز والتي تعمل بالفعل في مصر.

كما تلعب إيطاليا دورا محوريا لمساندة مصر في مساعيها للتحول إلى مركز إقليمي لتداول الطاقة ونقلها إلى القارة الأوروبية، حيث تستمر عمليات التنقيب والاستكشاف التي تقوم بها شركة ENI، التي اكتشفت حقل ظهر العملاق للغاز في البحر المتوسط فضلاً عن العقد الموقع مؤخراَ بين وزارة البترول وشركة TECHNIP الإيطالية لرفع القدرة التكريرية لمعمل MIDOR بالإسكندرية بتكلفة تتجاوز 1.5 مليار دولار.

التعاون الثقافي والتعليمي

كان للعوامل التاريخية والقرب الجغرافي وتواجد البلدين على ضفتي متقابلتين من البحر المتوسط أثر كبير في تدعيم الروابط الثقافية بينهما حيث أرسل محمد علي بعثات تعليمية إلى إيطاليا لتعلم فن الطباعة.

 

كما تُسهم الأكاديمية المصرية للفنون في روما في تقوية الروابط الثقافية بين البلدين من خلال التعريف بالفنون والثقافة المصرية في إيطاليا، ومزج الإبداع المصري بالفن ون الإيطالية بشكل مت واصل، حيث يشمل الموسم الثقافى في الأكاديمية المصرية للفنون عددًا من الفعاليات الثقافية فى الموسيقى والشعر والآثار والفن التشكيلي.

 

ويرعى المركز الثقافي المبعوثين المصريين الدارسين في إيطاليا، ويشرف على امتحانات أبناؤنا في الخارج ، ويقدم لهم الخدمات التعليمية الواجبة، كما يُساهم في نشر الثقافة واللغة العربية في المجتمع الإيطالي.

 

كذلك يتعاون البلدان في مجال التعليم العالي، حيث توفر الحكومة الايطالية لمصر المنح الدراسية، في مجالات تعلم اللغة الايطالية والآثار والزراعة، بينما قدمت وزارة التعليم العالي المصرية منحًا دراسية لتعلم اللغة العربية والدراسات الإسلامية والقبطية والآثار لـلدارسين الإيطاليين.

 

وتشمل العلاقات الثقافية بين البلدين أيضًا التعاون في مجال التعليم الفني، حيثُ يعد معهد Don Bosco للتعليم الفنّى في كل من القاهرة والإسكندرية أحد انجح الأمثلة على التعاون المصري الايطالي في هذا المجال الهام نظرًا لما يوفره من فرص تدريب وتعليم فنّ للطلبة المصريين الذين يتم تأهيلهم للعمل في المجالات الفنية من خلال الدراسة في المعهد، كما يُجيزُ للطلبة الخريجين من المعهد الالتحاق بالجامعات المصرية أو الايطالية طبقا لنص اتفاقية دعم التعاون العلمي والثقافي والفنّى بين البلدين.

 

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلن أن 2019 عام التعليم المصري، وهناك اهتمام بالغ من قبل الحكومة المصرية بمشروع إنشاء جامعة إيطالية في مصر عبر إطلاق شراكة بين جامعة حكومية والجامعات والمؤسسات الأكاديمية الإيطالية المهتمة بالمشروع

الجالية الإيطالية

بلغ عدد أعضاء الجالية الإيطالية فى مصر قبيل الحرب العالمية الثانية "1939- 1945" 55 ألفاً، وتركزت إقامتهم فى القاهرة والإسكندرية، وكانت تعد ثانى أكبر جالية أجنبية فى مصر بعد الجالية اليونانية، إلا أنها بدأت تنكمش فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، هذا، فيما بيبلغ تعدادهم حاليا حوالي 3.374 فرداً (أغلبهم من العاملين بالشركات الإيطالية الموجودة فى مصر)، كما يتركزون في الإسكندرية وقد ساهمت الجالية الايطالية فى الحياة الاجتماعية بشكل كبير فى مصر وكذلك الحال بالنسبة للجالية المصرية فى ايطاليا لها دور ملموس فى المجتمع الايطالى.

 

كما يشار ايضا إلى الدور الرائد للمستشفى الإيطالى بالقاهرة والتى قامت بتجديدها وتطويرها مؤخراً جمعية SIB الخيرية بهدف تعظيم دورها الخيري من خلال تقديم العلاج المجاني لعدد أكبر من المصريين، بما يجعلها رمزاً للتعاون والتواصل بين الشعبين المصرى والإيطالى.