السيسي أمام «تيكاد»: «أفريقيا ملتزمة بحماية الكوكب وفق اتفاق باريس للمناخ»
شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، فعاليات الجلسة الافتتاحية لقمة "تيكاد" المقامة في اليابان.
وفيما يلي نص كلمته:
السيد شينزو آبي رئيس وزراء اليابان
أصحاب الجلالة والفخامة والمعالى رؤساء الدول والحكومات الإفريقية
السيد موسى فقيه رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى
السيدات والسادة الشركاء المنظمين للتيكاد
الحضور الكريم
أود فى البداية أن أعرب عن التقدير للسيد رئيس وزراء اليابان شينزو آبى ولشعب اليابان على حفاوة الضيافة وحسن التنظيم وما بذل من جهد فى إطار الإعداد للقمة السابعة لمؤتمر طوكيو الدولى للتنمية فى إفريقيا "التيكاد" الذي تبدأ أعماله اليوم فى يوكوهاما، تلك المدينة اليابانية التى طالما كانت إحدى بوابات اليابان للانفتاح والتفاعل مع العالم الخارجى.
وأود كذلك أن أتقدم بالشكر للشركاء المنظمين على الإعداد الموضوعى المتميز لهذه القمة، وما يبذلونه من جهد مستمر ودؤوب لتوطيد الشراكة بين إفريقيا واليابان.
السيدات والسادة
إنه لمن دواعى سرورى أن أتحدث اليوم أمام هذا المحفل الذى يجمع أفريقيا مع أحد أقدم شركائها الاستراتيجيين والذى يرتكز على التعاون وتحقيق المصالح المشتركة بهدف دفع جهود التنمية فى دول القارة الإفريقية منذ إطلاقه عام 1993، ويمكننى اليوم تأكيد أن شراكتنا فى إطار التيكاد حققت قدرًا كبيرًا من الإنجازات، وتفاعلت بالإيجاب مع المعطيات الدولية والإقليمية.
إننى أحدثكم اليوم، واعيًا لحجم التحديات التى لازالت تواجه دولنا وتؤثر على شراكتنا، فى ظل مناخ دولى تجتاحه موجات الحمائية الاقتصادية والتجارية، فضلًا عن التوقعات المتشائمة بتراجع النمو العالمى، وارتفاع معدلات البطالة خصوصًا بين الشباب، وتفاقم تداعيات ظاهرة تغير المناخ، وما يعصف بالعالم من نزعات التطرف وموجات الإرهاب، بما يُفاقم من التحديات التى تواجه الدولة الوطنية، فى وقت تتزايد فيه تطلعات الشعوب، وتغلُب عليه نُدرة الموارد وسوء التوزيع، حيث تحتم علينا تلك الظروف تعزيز تعاوننا على مختلف الأصعدة التنموية.
السيدات والسادة
نجتمع اليوم تحت شعار "النهوض بتنمية إفريقيا عبر الشعوب والتكنولوجيا والابتكار"، وهو عنوان غنى بالمعانى، ويمهد الطريق للمزيد من التعاون فيما بيننا، إذ أن نقل التكنولوجيا ودعم برامج وخطط تطوير قدرات إفريقيا وتزويد مواردها البشرية وتنميتها بأدوات العصر يتسق مع رؤيتنا لتكامل قارتنا، والتى تعد بالفعل خطوات أساسية لتحقيق أهداف أجندتنا التنموية 2063 وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030.
واتصالًا بما سبق، فإننى أدعوكم إلى تكثيف تعاوننا العلمى والتنموى للاستفادة من قُدرات القارة الإفريقية الطبيعية في تنويع مصادر الطاقة، من خلال دعم مشاريع الطاقة المُتجددة والنظيفة، بما يُسهم فى تخفيف الآثار البيئية لظاهرة تغير المُناخ، وإذ تلتزم إفريقيا بالعمل على حماية كوكبنا وفقاً لاتفاق باريس للمُناخ، فإنها تدعو دول العالم المُتقدم إلى الالتزام بتعهداتها، لا سيما وأن هذه الدول هى الأكثر تأثيرًا على مُناخ الأرض والأكثر استفادة من مواردها.
وفى إطار الأولوية التى توليها قمة التيكاد السابعة لدور القطاع الخاص، فإننى أتوجه باسم إفريقيا بدعوة لمؤسسات القطاع الخاص العالمية والشركات الدولية مُتعددة الجنسيات للاستثمار فى قارتنا، فأسواق إفريقيا مفتوحة والظروف الاستثمارية مُهيئة وأيادينا ممدودة للتعاون وأراضينا غنية بالفرص والثروات، وعزمنا على بناء مُستقبل قارتنا فى شتى المجالات لا يلين.
وأُطالب مؤسسات التمويل الدولية والقارية والإقليمية بأن تضطلع بدورها فى تمويل التنمية بإفريقيا، وتوفير الضمانات المالية لبناء قُدرات القارة بما يُسهم فى تعزيز التجارة وزيادة الاستثمار، وأذكرهم دومًا أن لكل قارة خصائصها، ولكل دولة خصوصيتها وظروفها، ولقد آن الأوان بأن تقدم مؤسسات التمويل الدولية أفضل شروط لتمويل جهود التنمية فى إفريقيا.
واتساقًا مع ما تقدم، أود الإشارة إلى ثلاثة محاور يجب التركيز عليها للإسراع بتحويل إفريقيا للشريك الاقتصادى الذى ننشده جميعًا.
أولها تطوير البنية التحتية الإفريقية، من خلال تنفيذ المشروعات العابرة للحدود، لا سيما المشروعات المدرجة ضمن أولويات الاتحاد الإفريقى كمشروع ربط القاهرة بريًا بكيب تاون، ومشروع الربط الكهربائى بين الشمال والجنوب، وربط البحر المتوسط ببحيرة فكتوريا، ومشروعات السكك الحديدية والطرق، ومشروعات توليد الطاقة المتجددة.
وثانى هذه المحاور يتصل بتفعيل كل المراحل التنفيذية لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، بما يساهم فى تخفيض أسعار الكثير من السلع، ويزيد من تنافسية القارة الإفريقية على المستوى العالمى، ومن جاذبية الاستثمارات لتصنيع وتحديث اقتصاديات القارة.
ويتمثل المحور الثالث فى أولوية السعى لتوفير المزيد من فرص العمل وزيادة التشغيل الكثيف، لا سيما بالنسبة للشباب، الأمر الذى يتطلب حشد الاستثمارات الوطنية والدولية وجذب رؤوس الأموال وتوطين التكنولوجيا، ولقد أتى عنوان القمة ليعطى بعدًا جديدًا للتفاعل بين دول الاتحاد الإفريقى واليابان يرتكز على مبادئ تنمية العنصر البشرى الإفريقى من خلال تشجيع الكوادر الإفريقية الشابة على الابتكار لخدمة أوطانها وشعوبها.
السيدات والسادة
انطلاقًا من الترابط القائم بين تحقيق التنمية والحفاظ على الأمن الاستقرار، فإننا نقدر دعم التيكاد لخطتنا الطموحة لإسكات البنادق فى كل أرجاء إفريقيا بحلول عام 2020، غير أنه لا يخفى عليكم أن الطريق أمامنا لا يزال طويلًا لطى تلك الصفحة الأليمة من تاريخ النزاعات، التى قوضت آمال التنمية، وهيأت بيئة خصبة لانتشار آفة التطرف والإرهاب.
من هنا فإننى أؤكد الحاجة الماسة لدعم سياسة الاتحاد الإفريقى الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، ومركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، والذى يعمل على تحصين الدول الخارجة من النزاعات ضد أخطار الانتكاس، وبناء قُدرات مؤسسات الدولة لتضطلع بمهامها فى حماية أوطانها ترسيخاً للاستقرار والسلام.
السيدات والسادة
اسمحوا لى أن أعيد عليكم ما ذكرته حينما توليت مسئولية رئاسة الاتحاد الإفريقى للعام الجارى من أن الشراكة مع أفريقيا فُرصة حقيقية لتحقيق المكاسب المُشتركة، واستثمارًا رابحًا اقتصاديًا وأمنيًا وتنمويًا، إن إفريقيا وهى تحرصُ على تعزيز تكاملها تبقى منفتحة على العالم، وسنسعى لتعميق التعاون مع شركاء القارة الحاليين لاعتماد خطط تنفيذية قابلة للتفعيل وتعود على شعوب القارة بنتائج ملموسة.
وفى الختام أؤكد تطلعى لخروج قمتنا بنتائج ملموسة وقابلة للتطبيق من أجل دفع عجلة التعاون بين اليابان ودول الاتحاد الإفريقى، خصوصًا فى ظل تطلع شعوبنا لما ستسفر عنه أعمال هذه القمة، فالهدف المنشود يكمن فى ترجمة القرارات والتوصيات التى ستصدر عن القمة إلى خطوات عملية محددة، تضمن مواصلة الإنجازات التى حققتها علاقات التعاون بين اليابان ودول الاتحاد الإفريقى على مدار العقود الماضية، واستكمال مسيرتنا لتحقيق المصالح المشتركة.