روسيا تواجه واشنطن .. بالطريقة الأمريكانى !!

من أبسط حقوق الإنسان أن تكون الدولة التى يعيش فيها آمنة وحكومتها مستقرة وليست فى مهب الريح أو تحت رحمة تصفية الحسابات الدولية والأطماع الخارجية!

فعلى مدى عقود مرت منذ سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتى بعد الحرب الباردة، مارست أمريكا بصفتها القوة العظمى الوحيدة دور الحارس الأمين على حقوق الإنسان والديموقراطية، وتدخلت لقلب الأنظمة فى بنما عام 1989، وقبلها قلبت النظام فى الصومال عام1992، وفى البوسنة عام 1995، وفى هايتي 1994، وانتهاءً بكوسوفا 1999، وحاصرت العراق ثم أسقطت الدولة والنظام بتهمة حيازة أسلحة الدمار الشامل واحتلتها عام 2003،وناصبت النظم فى إيران وكوريا الشمالية وسوريا العداء، وساندت الفوضى التى واكبت ما أسمته الربيع العربى منذ 2011 تحت شعار حماية حقوق الإنسان والحريات!

وأمس شاهدت على الهواء البوليس الأمريكى يحاصر طاقم مراسلى قناة السى إن إن في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا الأمريكية أثناء تغطيتهم مظاهرات الاحتجاجات على الممارسات العنصرية المعادية لحقوق الإنسان، ثم يحكم البوليس الحصار عليهم ويكبلهم بالكلبشات ويقتادهم داخل بوكس الشرطة إلى مكان مجهول!

وشاهدت على الهواء بعد دقائق تحت عنوان «خبر عاجل» بيان لوزارة الخارجية الروسية تناشد السلطات الأمريكية اتخاذ إجراءات جدية لتصحيح الوضع والعودة إلى تنفيذ التزاماتها الدولية وتكييف تشريعاتها مع المبادئ الأساسية للأمم المتحدة لاستخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الأجهزة الأمنية والتحقيق في مقتل المواطن الأمريكى جورج فلويد!.

وتمضى التداعيات والتصريحات الصادرة عن موسكو تطالب واشنطن باحترام نفس المبادئ التى طالما نادت بها عن حق التظاهر واحترام حرية الصحافة، وأن هذه الحادثة ليست الأولى في سلسلة مظاهر التعسف والعنف غير المبرر من قبل الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة، وأن هناك تراكما للمشاكل الهيكلية في مجال حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، من بينها التمييز العنصري والديني وتعسف الشرطة وتحيز منظومة العدالة وامتلاء السجون واستخدام الأسلحة النارية بلا رقابة' إلى آخر العبارات التى حواها البيان الروسى على انتهاك البوليس الأمريكى لحقوق الإنسان، فهاهى الدوائر تدور ونشاهد روسيا تتدخل فى الشأن الأمريكى، لنكتشف فى النهاية أن تطبيق للديمقراطية وحقوق الإنسان هو مجرد غطاء وأكذوبة تتخذها الدول ذريعة للتدخل فى شئون الدول الأخرى، ولو لم تتفق هذه التدخلات مع أحكام الشرعية الدولية، ولو لم تحقق أهدافها وثبت زيفها.

والآن .. لا يهمنى الممارسات الأمريكية والاعتراض الروسى عليها أو الممارسات الروسية والاعتراض الأمريكى عليها فى الماضى، لكن الذى يهمنى إلى متى نستمر فى هذه المسرحية الدولية الهزلية التى تغلف التدخل المباشر فى شئون الدول وسيادتها تحت مسمى الدفاع عن حقوق الإنسان والديموقراطية ، والتى تعطى المبرر للتدخل الخارجى بالدعم والتسليح لبعض المنظمات والجماعات الإرهابية كما حدث فى سوريا وتواصل ممارسته تركيا الآن فى ليبيا لمنع الوصول إلى حل سياسى بين شركاء الوطن الواحد، يضمن وحدة الوطن الليبى!

السؤال الآن: أين الأمم المتحدة وأين الشرعية الدولية التى تحمى سيادات الدول الأعضاء، ولماذا لا يكون هناك بروتوكول أو ميثاق أو معاهدة تضعها المنظمة الدولية تمنع تدخل الدول فى شؤون الدول الأخرى تحت أى زريعة ؟.

أتمنى أن تسعي المنظمة الدولية لوضع قانون يحكم العالم وتلتزم بتطبيقه الدول الأعضاء لتحمى الدول من التدخل الأجنبي فى شئونها بأى حجة من الحجج، أليست الحاجة إلى الأمن والاستقرار من أبسط حقوق الإنسان؟!

حسين هريدي: ما يحدث في أمريكا أزمة هوية والانتخابات المقبلة في غاية الشراسة

العفو الدولية تطالب أمريكا بالكف عن العنف ضد المتظاهرين