عقار أسيوط المنهار.. مأساة أسرتين واستغاثة تحت الركام تكشف اللحظات الأخيرة

في صباحٍ لم يحمل سوى الهدوء الظاهري، استيقظت مدينة أسيوط على واحدة من أبشع المآسي الإنسانية، بعدما انهار منزل مكون من أربعة طوابق بحي شرق، وابتلع بين جدرانه تسعة أفراد من أسرتين، لم يتبقَ منهم سوى الذكريات… وصوت أخير خرج من تحت الأنقاض.

المنزل، الواقع في شارع فاروق كدواني خلف مدرسة خديجة يوسف الثانوية، كان يضم أسرتين تجمع بينهما القرابة والمودة، كما تجمع بينهما الآن مأساة واحدة لن تُنسى.

في الطابق الثاني، كانت تعيش الدكتورة سحر عبد الباقي أحمد، أستاذة بمعهد الأورام، وهي سيدة في الخامسة والخمسين من عمرها، أفنت سنوات عمرها في علاج مرضاها، وتعيش رفقة ابنتيها: مريم إمام حسين، في العقد الرابع من عمرها، وشقيقتها نهال، الفتاة العشرينية التي ستصبح لاحقًا أيقونة هذه القصة بصوتها الأخير الذي نادَى من تحت الركام قائلة: 'الحقوني'.

في الطابق الأعلى، كانت تعيش مروة محمد مصطفى، موظفة بمستشفى جامعة الأزهر، مع بناتها الثلاث: جنى، ذات الـ12 عامًا، وفاطمة، 10 سنوات، وفريدة، رضيعة لم تُكمل عامها الأول بعد. كانت الأسرة تحتمي في دفء الجد محمد مصطفى أحمد، البالغ من العمر 80 عامًا، والجدة صباح عبد الحليم أحمد.

في لحظة، تبدل كل شيء، عقار كامل سقط كأنه لم يكن، وأصبح مأهولًا بالأحجار والغبار بدلًا من الضحكات والدفء.

مع بلاغ الأهالي، انتقلت قوات الحماية المدنية و8 سيارات إسعاف إلى موقع الحادث، وبدأت عمليات البحث وسط الأنقاض في سباق مع الزمن لإنقاذ من تبقّى على قيد الحياة.

لكن اللحظة التي أبكت الجميع، كانت حين تلقى أحد الجيران اتصالًا من الفتاة نهال، من تحت الأنقاض، تناشدهم النجدة بكلمات مرتعشة، فاستعانت قوات الإنقاذ بأجهزة متطورة لتحديد موقعها، لكن حين وصلوا إليها، كانت قد فارقت الحياة، وهُزمت الاستغاثة، لكن ظلت محفورة في ذاكرة الحي.

تم انتشال الجثامين تباعًا، وأُعلن أن الحصيلة النهائية للضحايا بلغت 9 أفراد من الأسرتين، بينهم ثلاث أطفال، وسيدة كانت تحمل بين ذراعيها حلم المستقبل لطفلتها الرضيعة.

محافظ أسيوط، اللواء هشام أبو النصر، ومدير الأمن، اللواء وائل نصار، توجها فورًا إلى موقع الحادث لمتابعة الموقف عن كثب، وأُصدر قرار بتشكيل لجنة هندسية لفحص أسباب الانهيار، كما تم إخلاء المنازل المجاورة لحين التأكد من سلامتها، ووجهت مديرية التضامن الاجتماعي بسرعة تقديم الدعم المادي والمعنوي للأسر المنكوبة.

oplus_0

oplus_0