فؤاد المهندس.. أب صارم حنون وممثل حريص على قراءة القرآن قبل الصعود فوق خشبة المسرح

تحل اليوم، 16 سبتمبر، الذكرى التاسعة عشرة لرحيل الفنان الكبير فؤاد المهندس، أحد أهم رموز الكوميديا والفن المصري، الذي ترك بصمة خالدة في المسرح والسينما والتلفزيون.
وبرغم رحيله، ما زالت كواليس حياته الفنية والشخصية تكشف الكثير عن شخصيته الصارمة خلف الكواليس، والإنسانية في بيته ومع أولاده.
في كواليس المسرح، كان فؤاد المهندس يحرص دائمًا على قراءة القرآن الكريم قبل بدء العروض، ويجلس منفردًا ليتلو الآيات لمدة نصف ساعة أو ساعة، ثم يجمع فريق العمل لقراءة الفاتحة معًا قبل رفع الستار.
فؤاد المهندس
هذا الطقس الروحاني جعل من عروضه حالة مميزة تجمع بين الالتزام الفني والجانب الإيماني، ورغم كونه رمزًا للكوميديا على المسرح والشاشة، إلا أنه كان معروفًا بجديته وانضباطه في الكواليس، حتى أنه لم يتردد أحيانًا في معاقبة الممثلين إذا خرجوا عن النص، كما حدث مع الفنان محمد أبو الحسن في مسرحية 'سك على بناتك'.
وكانت شخصيته الصارمة جزءًا من أسلوبه الفني، إذ عُرفت الفنانة الراحلة سناء يونس بمدى التزامها وانغماسها في المسرح، إلى درجة أن جسدها كان يتحول للون الأزرق من شدة اندماجها في مشاهد الضرب على خشبة المسرح بمسرحية 'هالة حبيبتي'.
خارج الكواليس، كان فؤاد المهندس أبًا محبًا ومربيًا صارمًا في الوقت نفسه، فقد حرص على تربية أولاده على الحرية المسؤولة، حيث منحهم مساحة كبيرة للتعبير عن أنفسهم، لكنه لم يتهاون في معاقبتهم إذا أخطأوا.
وكان يصطحب أبناءه إلى مواقع التصوير والمسارح مثل ستوديو مصر، ستوديو النحاس، ومسرح الزمالك، ليعيشوا معه أجواء الفن عن قرب، تلك التجربة صنعت طفولة مميزة جمعت بين الانطلاق والانضباط.
فؤاد المهندس
كما أتاح ارتباطه بعالم الفن فرصة نادرة لأبنائه للتواجد مع عمالقة الفن في ذلك الزمن، حيث جلسوا بجوار عبد الحليم حافظ، شادية، عمر الشريف، وفريد شوقي، وغيرهم من رموز السينما المصرية، وقد انعكست هذه التجارب على شخصية أبنائه الذين تعلموا منه قيم 'الجدعنة' وتحمل المسؤولية.
وبرغم إصابته بأمراض القلب في سنواته الأخيرة، رفض فؤاد المهندس التخلي عن خشبة المسرح، وكان يصر على التمثيل حتى في الأيام التي يشعر فيها بالإجهاد، وكأنه اعتبر المسرح بيته الأول ومكانه الأثير.
تسعة عشر عامًا مرت على رحيل فؤاد المهندس، لكن إرثه الفني ما زال حاضرًا في وجدان الجمهور، ليس فقط من خلال أعماله الكوميدية الخالدة، بل أيضًا من خلال قصصه وكواليسه التي تكشف عن رجل آمن بالفن والالتزام، وترك وراءه مدرسة كاملة خرجت أجيالًا من النجوم، بينهم عادل إمام، سناء يونس، وشيريهان.