قصص أغاني رمضان.. «رمضان جانا» كيف أصبحت أغنية محمد عبد المطلب أيقونة الشهر الكريم؟

على مدار عقود، أصبحت أغنية 'رمضان جانا' للفنان الراحل محمد عبد المطلب جزءًا لا يتجزأ من أجواء شهر رمضان، حيث لا يمر الشهر الفضيل دون أن تتردد كلماتها في الشوارع والمحال والمنازل، لكن خلف هذه الأغنية الشهيرة قصة مدهشة، لعبت فيها الصدفة دورًا كبيرًا في وصولها إلى صوت عبد المطلب، ليصبح هو صاحبها ويخلدها الزمن.
من كان سيغني رمضان جانا قبل عبد المطلب؟
لم يكن محمد عبد المطلب الخيار الأول لغناء 'رمضان جانا'، إذ كان من المقرر أن يؤديها الفنان أحمد عبد القادر، الذي اشتهر بأغنية رمضان الأخرى 'وحوي يا وحوي'.الأمور أخذت منحى غير متوقع، حيث قرر عبد القادر التخلي عنها لصالح عبد المطلب مقابل ستة جنيهات فقط، هذه الصدفة غيرت مسار الأغنية، وجعلتها تحقق نجاحًا منقطع النظير، متجاوزة جميع الأغاني الرمضانية الأخرى التي أُنتجت بعدها.
محمد عبد المطلب
أول مرة تُذاع فيها الأغنية
شهد يوم 2 رمضان 1362 هـ، الموافق 2 سبتمبر 1943، الظهور الأول لأغنية 'رمضان جانا'، وسط أجواء صعبة فرضتها تداعيات الحرب العالمية الثانية.فقد تأثرت الحياة الفنية بشكل كبير آنذاك، حيث أُغلقت العديد من دور العرض والمسارح، ومع ذلك، وجدت الأغنية طريقها إلى الجمهور، وأصبحت بسرعة هائلة من العلامات المميزة لاستقبال الشهر الكريم.
محمد عبد المطلب.. من الكورس إلى القمة
وُلد محمد عبد المطلب عام 1910 بقرية شبراخيت في محافظة البحيرة، وكانت بدايته الفنية في كورس الفنان محمد عبد الوهاب، حيث تعلم أصول الغناء قبل أن يبدأ مسيرته المستقلة على مسرح بديعة مصابني خلال ثلاثينيات القرن الماضي.تمكن عبد المطلب من فرض اسمه كواحد من رواد الأغنية الشعبية، واكتسب شهرة كبيرة بلقب 'ملك المواويل'، نظرًا لقدرته الفريدة على غناء المواويل بأسلوب مؤثر جعل الجماهير تطالبه بإعادتها مرارًا وتكرارًا.
كما دخل عالم الإنتاج السينمائي، حيث أنتج له محمد عبد الوهاب فيلم 'تاكسي حنطورة'، بجانب إنتاجه لعدة أفلام أخرى.
300 مرة متتالية.. النجاح الساحق للأغاني الشعبية
لم تقتصر شهرة عبد المطلب على 'رمضان جانا' فقط، بل امتد نجاحه إلى العديد من الأغاني التي أحبها الجمهور، أبرزها 'أنا وأنت في الهوى'، التي حققت انتشارًا واسعًا لدرجة أنه اضطر لغنائها يوميًا لمدة تسعة أشهر متواصلة، أي حوالي 300 مرة متتالية، استجابةً لطلب الجماهير. محمد عبد المطلب
ووفقًا لما نشرته مجلة 'الفن' عام 1950، فقد كان عبد المطلب واحدًا من أكثر المطربين تأثيرًا في جيله، حيث عُرف بأسلوبه المميز الذي يجمع بين العاطفة الصادقة والتعبير القوي، وهو ما جعله يحظى بشعبية جارفة امتدت لسنوات طويلة.
"رمضان جانا".. الأغنية التي لا تموت
رغم مرور أكثر من ثمانين عامًا على إطلاق 'رمضان جانا'، إلا أنها لا تزال تحتفظ بمكانتها كواحدة من أكثر الأغاني الرمضانية شعبية وتأثيرًا.فبمجرد أن يحل شهر رمضان، يبدأ الناس في ترديد كلماتها بتلقائية، لتظل واحدة من أبرز العلامات الموسيقية التي تعلن قدوم الشهر الكريم.
من أغنية كانت ستذهب لمطرب آخر، إلى واحدة من أكثر الأغنيات الخالدة في تاريخ الموسيقى العربية، تبقى 'رمضان جانا' شاهدًا حيًا على عبقرية محمد عبد المطلب، الذي استطاع بصوته العذب أن يضع بصمته في ذاكرة الأجيال، ويصنع إرثًا فنيًا لا يُنسى.