لحظة مغادرة السيسي تونس بعد مشاركته في القمة العربية
صرح السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، عاد إلى القاهرة بعد مشاركته في القمة العربية الثلاثين في تونس.
وأكد السيسي خلال كلمته بالقمة العربية، أن القمة العربية في نسختها الحالية المقامة في تونس تأتي في منعطف خطير في تاريخ الأمة العربية وازدادت فيه التحديات، وتعددت الأزمات، وتعقدت المهام المطلوبة لمواجهتها.
وكشف السيسي أن بعض هذه التحديات متراكم، وهو جزء من إرث مرحلة التحرر الوطني، ومرحلة تأسيس جامعة الدول العربية في الأربعينات من القرن الماضي، ويأتي على رأسها الصراع العربي الإسرائيلي، والذي أثق في أننا جميعا نتفق على أنه لا مخرج نهائي منه إلا بحل سلمي شامل وعادل، يعيد الحقوق إلى أصحابها، بحيث يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتعود الجولان المحتلة إلى سوريا، لتتحرر جميع الأراضي العربية المحتلة، ويتم طي هذه المرحلة المؤلمة، التي استنزفت الأمة وطاقاتها لسبعة عقود، وتبدأ مرحلة السلام الشامل والعادل وإعادة البناء.
وتابع السيسي في كلمته : «غير أن الأمر لا يقتصر على تراكمات موروثة، واستحقاقات متبقية من مرحلة التحرر الوطني، وإنما هناك أيضا التحديات التي شهدناها في العقد الأخير، وحزمة الأزمات التي تفجرت منذ ثمانية أعوام في أكثر من بلد عربي، من سوريا.. إلى ليبيا واليمن، وغيرها من الدول العربية، لتحمل أخطار التفكك والطائفية، والإرهاب الذي بات يهدد صلب وجود الدولة الوطنية ومؤسساتها في منطقتنا العربية، ويهدر مبادئ العروبة والعمل المشترك، لصالح تدخلات إقليمية في شؤون دولنا، وتوجهات طائفية ومذهبية تفرق بدلا من أن تجمع، وتهدم بدلا من أن تبني».
وأضاف السيسي أن تلك التراكمات، وهذه التحديات الجديدة، تضع على عاتق القادة العرب في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ الأمة العربية مسئولية عظيمة، فما سيتم اتخاذه من قرارات لمواجهتها سيكون له أثر حاسم، ليس فقط على الحاضر وإنما أيضا على مستقبل الأجيال القادمة، التي ستحاسب الجميع، كما سيحاسبنا التاريخ، على القرارات التي سنتخذها، وعلى النهج الذي سنتبعه في توجيه دفة دولنا، إما إلى بر الأمان أو نحو مصير لا تحمد عقباه إن لم نحسن الاختيار، ونتمسك بالعمل المشترك الرشيد، الذي يعلي المصالح العليا لأمتنا العربية على كل اعتبار آخر.
وحول القضية الفلسطينية قال السيسي : «إن استمرار الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني، سيبقى وصمة عار حقيقية على جبين المجتمع الدولي، طالما استمر ضرب عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية، وبقيت محاولات الالتفاف على مرجعيات السلام ومحدداتها.. لقد اختار العرب السلام، وقدموا مبادرة شاملة تمد اليد بالسلام العادل، مقابل تحرير الأراضي العربية المحتلة كافة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية. ولازالت اليد العربية ممدودة بالسلام العادل والشامل، القائم على التمسك الكامل بكافة الحقوق المشروعة، وبمقررات الشرعية الدولية، ورفض أية محاولة للالتفاف عليها».
وتابع : «إننا اليوم أمام استحقاق آخر، لا يقل إلحاحا أو تأثيرا على مستقبل منطقتنا، بل والعالم كله، وهو المواجهة الشاملة لجميع أشكال الإرهاب، وما يتأسس عليه من فكر متطرف، يبيح قتل الأبرياء، وينتهك كل التعاليم الدينية السمحة، والمبادئ الأخلاقية والأعراف الإنسانية كافة .. إن مواجهة خطر الإرهاب، الذي بات يهدد وجود الدولة الوطنية في المنطقة العربية، تقتضي التحرك بشكل سريع وبدون مماطلة، لتطبيق جميع عناصر المقاربة الشاملة لمكافحة الإرهاب، التي تضمنتها قرارات جامعة الدول العربية ذات الصلة، وعلى رأسها قرار “تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب”، الذي اعتمد في القمة العربية الأخيرة في الظهران».
وأضاف السيسي : «لايزال الدم العربي يراق في عدد من الأوطان العربية، بأيد عربية حينا، وعلى يد إرهابيين أجانب وميليشيات عميلة لقوى إقليمية، تسعى للتدخل في الشؤون العربية لإعلاء مصالحها، أحيانا أخرى .. ألم يئن الأوان لوقف هذا النزيف المستمر للدم العربي؟ ألم يحن الوقت لتسوية عربية لتلك الأزمات.. تحقن الدماء وتحفظ دولنا، وتوقف الإهدار المستمر لمقدرات شعوبنا وثرواتها؟».
وطالب الرئيس السيسي بالتحرك الفوري، لبدء المفاوضات في إطار عملية جنيف، لتحقيق تسوية شاملة للأزمة في سوريا، تحفظ وحدتها، وسلامتها الإقليمية، التي باتت اليوم مهددة أكثر من أي وقت مضى، منذ اندلاع هذه المحنة قبل ثمانية أعوام، وتحقق الطموحات المشروعة لشعبها، وتعيد بناء هذه الدولة العربية العريقة ومؤسساتها، وتقضي على الإرهاب البغيض.
وطالب الرئيس بتحرك شامل لتنفيذ كافة عناصر مبادرة الأمم المتحدة للتسوية في ليبيا، والتي اعتمدها مجلس الأمن منذ أكثر من ثمانية عشر شهرا.. قائلا : «مرة أخرى أقول، إن عناصر التسوية قائمة ومعروفة للكافة، والمطلوب هو إرادة سياسية تتعالي على المصالح الضيقة، وتعلي مصلحة ليبيا واستقرارها فوق المزايدات السياسية والمطامع الشخصية، وأن يقف المجتمع الدولي وقفة حازمة في وجه قوى معروفة للجميع، تورطت ولا تزال في تهريب السلاح والمقاتلين إلى ليبيا، ودعم المنظمات الإرهابية بدون أي رقابة أو محاسبة».
وفي اليمن، أعلن الرئيس السيسي ضم صوته إلى كل المطالبين بتطبيق اتفاق ستوكهولم، وتنفيذ الانسحاب الكامل والفوري من ميناء الحُدَيْدَة، كمقدمة لبدء المفاوضات الرامية لتسوية الأزمة اليمنية وفقا لمرجعياتها المعروفة: قرار مجلس الأمن 2216، والمبادرة الخليجية، ومقررات الحوار الوطني.. ونطالب الجميع بالتخلي عن منطق الغلبة والاستقواء، والتوصل إلى كلمة سواء، تعلي مصلحة اليمن وشعبه الشقيق.