مصر والسعودية.. مصير مشترك
إلهام أبو الفتح
تشير المقدمات التي سبقت زيارة الأمير محمد بن سلمان التي تبدأ اليوم أنها ستكون أهم زيارات ولى العهد السعودى للقاهرة، فهي دليل على مكانة مصر في قلوب السعوديين وتعبير عن عمق التفاهم والرؤية المشتركة للمصالح الاستراتيجية بين البلدين ، كما أنها تأكيد لمتانة العلاقة بين القيادتين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس عبد الفتاح السيسي ورسالة قوية بأن البلدين مصممان على الدخول إلى مشروعات المستقبل فى إستراتيجية 2030 على أرضية صلبة تبدأ من التصدى للإرهاب والدول الداعمة له بما يمثله من خطر ليس على شعوب المنطقة فقط ولكن على العالم كله.. والتنسيق التام حول الملفات الإقليمية.. خاصة أنهما قطبا القوة ودرع الحماية والأمان لأمتهم العربية.
وتفتح المؤشرات للمراقبين أوسع الآفاق للتفاؤل بحسم العديد من الملفات المهمة وعلى رأسها المشاريع المتوقع تنفيذها في سيناء والأوضاع الفلسطينية والحرب في اليمن والأزمة القطرية والقضية السورية.. وملف القمة العربية وامكانية نقلها وتعديل مواعيدها لتزامنها مع الانتخابات الرئاسية في مصر.
والعلاقات بين مصر والسعودية ليست وليدة اليوم أو الأمس وإنما هي علاقة أزلية امتدت عبر التاريخ فقد ارتبطت العديد من الأسر السعودية بعلاقات نسب ومصاهرة مع مصر كما تستقر السعودية بلد الحرمين الشريفين فى مكانة راقية داخل قلوب المصريين فكانت هذه العلاقة السامية حصن أمان يجعل من كل أزمة تمر بها المنطقة، عامل من عوامل المنعة والقوة والصلابة بين البلدين الشقيقين.
فمصر لا تنسى من وقف بجوارها.. بداية من موقف المملكة في حرب أكتوبر 73 والموقف الوطني للملك فيصل حينما أعلن منع إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة والبلدان الأخرى التي تؤيد إسرائيل وتمدها بالدعم.
وقد عبر الرئيس السيسى للأشقاء فى السعودية عن تحية خاصة بعد ثورة 30 يونيو.. عندما أعلنت دعمها ومساندتها لمصر ،فى الأيام الأولى للثورة على لسان قادتها حين اعتبر عاهلها الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز أن دعم ثورة 30 يونيو حدا فاصلا فى علاقة بلاده مع العالم كما دعمت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مصر لاجتياز أزماتها الاقتصادية ،وقدمت الرياض حوالي 20 مليار دولار دعما للاقتصاد المصري، كما وفرت الغاز الطبيعي لتزويد محطات الكهرباء المصرية بالطاقة اللازمة للإنتاج، وفى المقابل فإن مصر أيضا لم تتخل عن السعودية فاعتبر الرئيس السيسي أن أمن الخليج من أمن مصر القومى، ودعمت مصر التحالف العربي الذي تقوده المملكة في اليمن ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران ،وفي مكافحة التنظيمات المتطرفة ومقاطعة الدول الداعمة للإرهاب وعلى رأسها قطر التي تموله وتتقارب مع إيران على حساب المصالح الخليجية والعربية والأمن القومي العربي.
وبهذه المناسبة أتوجه بالتحية للسفير أحمد قطان سفير خادم الحرمين الشريفين فى مصر ومندوب المملكة لدى الجامعة العربية والذي أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، قرارًا بتعيينه وزيرا للدولة لشئون الدول الأفريقية بالخارجية السعودية فشاءت الأقدار أن يتواصل علاقته مع مصر من موقعه الجديد بعد أن لعب دورا مهما فى ترتيبات هذه الزيارة ولم لا وأنا أعتبر السفير "قطان" مصريا مثلما هو سعوديا لحبه الشديد لمصر وإقامته فى القاهرة منذ دراسته بجامعة القاهرة حتى أصبح سفيرًا لبلاده لفترة امتدت فترة عمله 8 سنوات وليس غريبا ما قاله عقب انتهاء مهمته كسفير لبلاده أن من يشرب من ماء النيل لابد ألا ينساها وسيعود إليها مرة أخرى.