أبرزها الانتخابات والاقتصاد والإعلام.. تفاصيل لقاء الرئيس السيسي مع المتقدمين لـ أكاديمية الشرطة

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أن مصر تواجه تحديات كبيرة على مختلف المستويات، مشددًا على أهمية تكاتف الجميع لتحقيق أهداف التنمية والنمو الاقتصادي.

وقال الرئيس - خلال زيارته لأكاديمية الشرطة، وحديثه مع بعض الطلاب المتقديمين - : "إذا كانت فكرة العمل متجذرة فينا، وعملنا بالجهد المطلوب، سنضمن جودة عالية في مختلف القطاعات، سواء في الدولة أو القطاع الخاص، لتحقيق ما نطمح له لمصرنا"، مضيفًا أن الوعي ليس مجرد كلام يُقال، بل هو فهم متطلبات الحياة وتجاوز الفشل والتحديات والمخططات السلبية.

وأوضح أن الوعي يشمل جميع جوانب الحياة، من التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي إلى الغذاء والعلاقات الروحية مع الله عز وجل، وأنه لا توجد مسألة يمكن تجاهلها.

وتابع الرئيس: "عندما يصل المواطنون إلى مستوى الوعي الكامل بكل جوانب حياتهم، سيكون هذا بمثابة مسار قوي لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي المنشود لمصر"، مؤكدًا أن التزام جميع المصريين بالعمل الواعي والمثمر سيكون مفتاح تحقيق الإنجازات المستقبلية للبلاد، في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن فهم المواطن البسيط للإنفاق والمصروفات الشخصية يمكن أن يكون نموذجًا لفهم الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أن مصر قبل عام 1970 لم تكن لديها ديون، وأن الديون بدأت بعد حرب 1967 نتيجة الحاجة إلى تمويل متطلبات الدولة.

وقال الرئيس: "منذ السبعينيات وحتى اليوم، شهدنا توسعًا كبيرًا في الإنفاق، وأحيانًا تكون الموارد المالية المتاحة غير كافية، لذا نلجأ إلى الاستدانة لتغطية الفجوة بين المصروف المتاح والمطلوب".

وأضاف أن التخلص من الدين العام يتطلب إرادة جماعية ووعي مجتمعي كبير، مشددًا على أهمية إدراك المواطنين لسياسات الدعم وتحديد الأسعار، قائلاً: "عندما أضطر لتقليل دعم الوقود، فإن ذلك ليس من باب الزيادة، بل لضبط الدين ومنع زيادته، والفهم المجتمعي لهذه الإجراءات ضروري".

وأشار الرئيس إلى أن مصر واضحة في إدارة الدين الداخلي والخارجي، مع سداد الفوائد المستحقة بانتظام، مؤكدًا أن الشفافية والتخطيط المالي المتوازن هما مفتاح السيطرة على الديون وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، مجيباً عن سؤال حول أوجه الدعم المقدمة لتقليل تأثير الأوضاع الاقتصادية على الفئات الأكثر احتياجا:"افترض أن الدعم ضروري، لكن هذا سيجعل اقتصاد الدولة لن يتعافى.. فهل نكمل فيه أم لا؟"، مؤكدا أهمية وعي المواطن بحجم تكلفة الدعم وصوره المختلفة.

وأوضح الرئيس السيسي حجم العبء قائلاً:"هل يعرف أحد كم دعم البوتاجاز؟.. منذ عامين كان سعر الأنبوبة 350 جنيهاً، وكانت تباع في ذلك الوقت بـ100 جنيه، إذا فإن الدولة تدفع 250 جنيها في الأنبوبة الواحدة".. موضحا أن الاستهلاك السنوي يتراوح بين 250 إلى 300 مليون أسطوانة، ما يعني أن دعم البوتاجاز وحده يصل إلى 30 مليار جنيه سنوياً.

وضرب الرئيس مثالاً مبسطاً لتوضيح حجم الإنفاق على الدعم قائلاً:"حينما توزع الدولة جنيها على مليون شخص، فإنها تدفع مليون جنيه.. والشخص من هؤلاء يقول.. أنا أخدت حاجة هذا جنيه فقط".

وأشار إلى أن فاتورة الدعم، وتشمل الوقود والخبز والسلع التموينية والكهرباء وعدداً من الخدمات الأخرى، تبلغ 600 مليار جنيه، مؤكداً أن قيمتها كانت أكبر من ذلك بكثير، قائلا:"أنا الذي قلت لازم أحل مسألة مصر وفقرها.. وأعلم أن الحل قاس ومؤلم؛ لكنه دواء صعب جداً، ولا يوجد حل آخر.. لو تريدون أن نتخلص من هذه الظروف ونتجاوز مرحلة الفقر والديون فلا يوجد حل غير أننا نقسى على أنفسنا".

وقال الرئيس السيسي "مهم جداً أن تدركوا تفاصيل الواقع كجزء من الدولة المصرية.. حتى لا يعبث أحد بعقلك ويقول لك: أنظر ماذا تفعل البلد ولا تقوم، وهو يقول لك نصف الحقيقة"، متسائلا "هل الحل إننا نهدها عشان ممكن نبنيها بعد ذلك؟.. فإذا كانت البلد غير قادرة على المضي من غير هدم.. فلو هدمت حتى تبني؛ فإن البلد لن تقوم مرة أخرى ولا بعد 100 سنة".

وتحدث الرئيس السيسي عن حجم الموارد المطلوبة لرفع كفاءة الخدمات العامة قائلاً: "حتى تكون لديك موازنة جيدة وتصرف منها جيدا، فأنت محتاج 50 تريليون جنيه في السنة دون أن تستلف.. 50 تريليون يوفرون كل ما يحتاجه الناس.. فلو استلفت هذا المبلغ.. فأنت بتخربها".

واختتم الرئيس السيسي بالتأكيد على أن تقليل الاعتماد على الاقتراض لن يتحقق إلا بضبط الإنفاق العام، قائلاً: "تحدثنا كيف نقلل فاتورة السلف؟ أن أجعل مصروفي ليس فيه أعباء دعم.. ما أمكن".

وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن الدولة تبذل جهودًا كبيرة لتأهيل الشباب في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، مشددًا على أن هذه الفرصة تمثل خطوة حاسمة لتحقيق التنمية بفضل العدد الكبير لشباب مصر.

وأشار إلى أن التعليم الرقمي الذي تبنته الدولة للشباب يتم عبر ثلاث مراحل متدرجة، تبدأ بدورة أساسية مدتها 3 أشهر، يليها مرحلة متقدمة 9 أشهر، وصولًا إلى مرحلة الماجستير لمدة سنتين، والتي تهدف إلى تخريج كوادر قادرة على العمل في مجالات كبيرة ومتقدمة، بما يضمن فرص عمل مرتفعة الأجر.

وأوضح أن المرحلة التمهيدية تُجهز الشباب للعمل في مشاريع التعهيد، بينما المرحلة الثانية تمنحهم خبرات أكبر، والمرحلة الثالثة تؤهلهم للعمل في مواقع قيادية أو في وظائف ذات دخل مرتفع قد يصل إلى 30 ألف دولار شهريًا.

وأضاف الرئيس السيسي:"إذا استطعنا جذب حتى 10% من طلاب الثانوية العامة لتعلم الحواسب والبرمجة، سنحقق طفرة حقيقية في الكوادر الرقمية، وستصبح مصر في صدارة الدول الرائدة في هذا المجال".

وأشار إلى أن الكليات والمعامل المجهزة لاستيعاب آلاف الطلاب هي خطوة عملية لضمان وصول التدريب إلى أكبر عدد من الشباب وتأهيلهم لسوق العمل الحديث.

وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن الاستقرار والأمن يشكلان الأساس الحقيقي لأي انطلاقة اقتصادية، وفي مقدمتها قطاع السياحة، مشددًا على أن هذا القطاع لا يمكن أن ينمو إلا في ظل دولة مستقرة وآمنة.. وقال إن الدول الكبرى نفسها تصدر نشرات دورية تحدد فيها الوجهات الآمنة لمواطنيها، ما يعكس التأثير المباشر للأمن على حركة السياحة.

وأضاف:"لو وفّرنا الأمن والاستقرار، نستطيع أن نؤسس تنمية سياحية حقيقية ونبني مدارس ومعاهد تروّج للسياحة بشكل مناسب؛ لأن المسار وقتها سيكون ناجحا".

وأشار الرئيس السيسي إلى أن أي هزات أمنية قد تؤدي إلى انكماش أو توقف السياحة، وهو ما يفرض ضرورة الحفاظ على حالة الاستقرار بكل قوة.

وأوضح أن المتحف المصري الجديد يمثل "محطة صغيرة" في خطة تطوير السياحة، مؤكدًا أن مصر تمتلك إمكانيات تمكنها من استضافة 60 مليون سائح سنويًا، رغم أن الأعداد الحالية تتراوح بين 13 و14 مليون سائح فقط.

وشدد الرئيس السيسي على أن استمرار العمل بنفس النهج سيقود مصر قريبًا إلى تحقيق 28 مليون سائح، بما يعزز الاقتصاد ويدعم مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية.

وبسؤال عن رؤية الدولة للاستفادة من طاقة الشباب لتحقيق التنمية الشاملة ورفع مكانة مصر إقليميًا ودوليًا، قال السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي: يا (أحمد) أوعى تأخذ الإجابات النظري، وكل الذي نتحدث عنه نستهدف به الشباب، حينما أقول أخفض فاتورة الدين من أجل أن يعمل (أحمد) واستطيع زيادة راتبه بشكل جيد، ولما الدكتور (فارس) يعمل طبيبا استطيع أن أعطيه راتبا جيدا، وعندما يكون هناك شخص يعالج، استطيع إحضار علاج جيد له، والموضوع على بعضه، لكن أنا في تقديري يبدأ من شيئين مهمين جدًا هما: الاقتصاد والتعليم".

ووجه الرئيس حديثه للطالب (أحمد) صاحب السؤال، قائلا : "كان هناك رأي يا (أحمد)، أنه عندما توليت كان هناك رأي بالتركيز على التعليم وحده، وهذه كانت وجهة نظر في وقتها، وعندما بدأنا العمل استمعنا إلى متخصصين من الجامعات على أرقى مستوى، وتم وضع خيارات.. وتنفيذ خطة يتساوى فيها الإنفاق على كل القطاعات أو المسارات".

وقال الرئيس السيسي "عندما بدأنا الحرب على الإرهاب، وقيل وقتها لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولا تعمل تنمية، ولكنني قلت بفضل الله سبحانه وتعالى، سنحارب الإرهاب وسنقدم تعليما ونوفر ونبني في كل القطاعات، لكن لازم تعرفوا أن يد الله تعالى كانت معنا وما تزال.. وبالحسابات البلد دي لا تقوم أبدا، لذلك أنا الوحيد اللي عارف أن ربنا معنا؛ لأنه طبقا للمعايير الموجودة لا نستطيع بناء ربع ما أنجزناه في الطرق والسكك الحديدية بالإمكانات التي كانت متاحة لنا، لكنها تمت بكرم الله تعالى".

وتابع: "ربنا معانا أوي وكل ما نقرب منه ونخاف منه كويس ونخلي بالنا من بعضنا ويكون لدينا إخلاص في العمل ستكون النتائج أفضل من ذلك بكثير ويارب يديم علينا فضله وكرمه ونصره وسلامه، وأنا سعيد بكم و بلقائكم وأتمنى لكم كل التوفيق وبلغوا أسركم كل التحيات والسلام".

وحول قطاعي الرياضة والإعلام، أكد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن تشييد المنشآت ليس كافياً وحده، فالعنصر البشري يظل الركيزة الأساسية للنجاح، قائلا "إن مصر ستشهد، بفضل الله سبحانه وتعالى، إنشاء مدينة إعلام متكاملة خلال ثلاث سنوات، لنكون قد نفذنا المنشآت.. ويتبقى الإنسان؛ لأن من يقدم هو الإنسان وليس المنشآت".

وأضاف الرئيس السيسي أن جودة المرافق مهما كانت عالية فلا يمكن أن تعطي نتائج حقيقية؛ إذا لم يكن القائمون عليها على المستوى المطلوب "فالمدرسة الحديثة أمر جيد، لكن لو أن من يعمل فيها ليس بكفاءة، فلن يخرج منتج تعليمي جيد.. ونفس الأمر في الرياضة؛ أهم مدرسة كاراتيه أو كرة قدم فإنها لن تخرج لاعبا مميزا من غير نظام أساسي قوي".

وتساءل الرئيس السيسي:" تريدون أن تخبروني بأن بلدا فيه 60 مليون شاب غير قادر على تأهيل 6 آلاف لاعب كرة مثل محمد صلاح؟"، مؤكداً أن مصر قادرة على التغير بوتيرة أسرع بكثير، لكن المشكلة دائماً تكمن في اختيار الإنسان المناسب: "أي إنسان وزير، لاعب كرة، أي أحد لو اخترناه وجهزناه كويس سيكون جيدا".

وفي حديثه عن الإعلام والفن، قال الرئيس إن بناء إعلام موضوعي وعقلاني يحتاج إلى سنوات طويلة حتى يتشكل المزاج العام لدى الجمهور، مشيرا إلى أن ما يُقدَّم في المسلسلات والأعمال الفنية يتشكل عبر كاتب وسيناريو ومخرج وممثل ومنتج، وتساءل:"هل استطيع أن أصنع تصورا لبناء شخصية مصرية بمعايير علمية ونفسية دقيقة؟ يمكن هذا المسلسل لا يعجب البعض؛ لأننا ظللنا 60 سنة نسير على شكل معين من الفن أثر علينا من غير ما نشعر، جعلنا نفكر بهذه الطريقة".

وضرب الرئيس السيسي مثالاً بارتفاع نسب الطلاق قائلاً: "نسب الطلاق زادت ليه؟ لأن الدراما لم تقدم لنا نموذج الست التي تكافح مع زوجها، ولم يعرض أن بيت الزوجية ممكن ألا يكون غاليا جدا.. هم يعرضون دايماً فللا وشققا غالية، مع أن ثلثي المصريين لا يقدرون عليها.. وحينما ترى (الست) ذلك بأن منزلها ليس مثلهم فإنه تكون غير راضية.. لا عن والدها ولا زوجها".

وأكد أهمية التشخيص الجيد قبل العلاج، قائلا "تريد علاج المرض، فلابد أن تشخص جيدا.. فإذا لم تشخص الحالة، فلن تصل إلى حلول".

وأوضح الرئيس السيسي أن التحديات التي واجهتها مصر كانت ضخمة: قائلا" أنا جئت في وقت كل حاجة كانت على الأرض.. فن، قيم، تعليم، صناعة، اقتصاد، وعي .. وهذا كلام صعب جداً".

ووجّه الرئيس حديثه للشباب قائلاً: "أنتم الأمل كله.. وما تم إنجازه خلال العشر سنوات الماضية - بفضل ربنا - هو أقصى ما يمكن عمله بكرم وبركة من رب العباد لبلدنا.. ولو بلدنا وشعبها مش حاسين بالفضل ده.. دي أكتر حاجة أخاف عليكم منها".

واختتم الرئيس عبدالفتاح السيسي قائلا "الذي أقوله هذا كنت أفهمه وأنا عقيد ثم عميد ثم لواء في الجيش.. ولو بتحبوها (بلدكم) ذاكروها كويس، حتى تعرفوا العلاج وأين المرض لنعالجه".