إلهام أبو الفتح تكتب.. الجو نار.. والفيضانات تغرق العالم

ماذا تخبئ الطبيعة من كوارث لبنى البشر على الأرض، فعلى مدى الأسبوعين الماضيين شهد العالم موجات غريبة من غضب الطبيعة وخلفت عددا كبيرا من الوفيات والمفقودين، فى ألمانيا حيث توفى 19 شخصا على الأقل واختفى العشرات من المفقودين. ولقى ثمانية حتفهم فى جنوب مدينة بون. ومن حوض الراين انتقل الغضب إلى بلجيكا وجنوب هولندا، حيث تابعت كليبا لأحد المدونين يتابع مأساة فتاة فى عز شبابها بدلا من محاولة إنقاذها يتسلى بمنظرها وهى يجرفها الفيضان وتختفى عن العيون. وسط ركام المنازل المدمرة وفيضانات الأنهار، ضمن موجة الأمطار القياسية فى غرب أوروبا التى ألقت بظلالها حول الأنهار واجتاحت المنازل واقتلعت الأشجار وجرفت السيارات وتغمر الأقبية. وعبرت موجة الغضب إلى بريطانيا التى تعانى موجة جفاف منذ عامين لكن غمرت الفيضانات شوارع العاصمة لندن فغرقت في شبر مية كما يقول المثل المصرى مما اضطر السلطات إلى تعليق سير الحافلات والسيارات، وعلى الضفة الأخرى للأطلسى اجتاحت موجة الغضب العديد من الولايات الأمريكية ووصلت ميتشجان حيث وصل ارتفاع الأمطار إلى سبع بوصات على مناطق ديترويت وتسببت الأمطار الكثيفة فى تقطع السبل بمئات المركبات على الطرق السريعة التى غمرتها المياه مما دفع إلى إنقاذ حوالى 50 سائقا. فقط بينما جرفت السيول نحو 350 مركبة ولم تبخل عليهم كاميرات الفضوليين وأظهرت بعضهم وهم يصرخون تحت الماء خلف زجاج النوافذ المغمورة بالمياه، وفى الصين حملت الأنباء الشحيحة أخبار وفاة 12 شخصا وإجلاء 200 ألف آخرين جراء فيضانات شهدتها مناطق وسط الصين، كما تفجرت سدود بسبب الأمطار الكثيفة وارتفع منسوب المياه فى أنهار مقاطعة خنان جراء الأمطار الغزيرة. وخرج الرئيس الصينى عن صمته وحذر أن بلاده تواجه فيضانات «خطيرة للغاية».

أما فى أفريقيا فيُعتبر النصف الشمالى من القارة صحراء بشكل أساسى، بينما تحتوى أجزاء القسم الأوسط من قاراتنا على مناطق الغابات شديدة الكثافة والأمطار الغزيرة ومنها طبعا هضبة الحبشة حيث يتحرك حزام الأمطار عبر القارة إلى الوسط بحلول شهر أغسطس، وهو ما شجع الإثيوبيين على تعجل الملء الثانى لسد «الغبرة الإثيوبى» دون توقيع اتفاق قانونى ملزم بعدم الضرر مع دول الحوض ومنها دولتا المصب.

ودون الدخول فى الكلام الجاف عن علم تساقط الأمطار فى الأرض وبيانات علماء الأرصاد الجوية وتوقعاتهم عن الأقاليم الأوسع تساقطا، لكن الملاحظ أن المناطق التى شملها غضب الطبيعة من الحرارة الشديدة إلى الأمطار والعواصف خلال الأسابيع الماضة هى نفس الدول التى تشهد خناقات تحول دون التوقيع على اتفاقية المناخ ومن المتسبب فى الاحتباس الحرارى وثقب الأوزون، ومن يدفع الفاتورة وهل يتحملها الأكثر تسببا فى الانبعاثات أو توزع الانبعاثات على عدد السكان فيتحملها الغلابة والمساكين كالعادة فى العالم الثالث الكثيف السكان الذين يدفعون ضريبة سباق الكبار فى صناعة السلاح وحروب الفضاء والأسلحة النووية، ورغم ذلك لن أمل من التفاؤل بأن العالم مازال فى إمكانه السيطرة على التغييرات المناخية من خلال توقف الدول الكبرى عن الحرق المستمر للمواد البترولية.

والحمد لله أن مصرنا لازالت بعيدة عن خطر الفيضانات والأمطار الكثيفة، لكن ما يدفعنى للأمل فى إنقاذ العالم من غضبة الطبيعة هو أن المؤتمر القادم سيعقد فى القاهرة بما لها من تاريخ وثقل حضارى وما تتمتع به إدارة مصر الجديدة من عقل وحكمة.

موضوع التغيرات المناخية فى منتهى الأهمية ولا يحتمل التأجيل وقمم المناخ التى عقدت بالعالم لم تأت بنتيجة.. والأمل الآن أن يستيقظ العالم لينقذ الأرض من الغرق أو الفناء.