إلهام أبو الفتح تكتب: فى إعادة تطوير منطقتى الفسطاط والهرم.. لى بعض الملاحظات
إلهام أبو الفتح
كلما قرأت عن تطوير منطقة أثرية أضع يدى على قلبى، فتطوير المناطق الحديثة شئ وتطوير المناطق الأثرية شئ آخر.. وللأسف هذا المبدأ غائب أو شبه غائب عندنا فى مصر، فبعض الأماكن الأثرية تتعرض للتحديث، وليس للترميم وهذا ليس تشاؤما ولكنه تحذير أو استباق لما قد يحدث... كان هذا هو أول خاطر ورد لذهنى وأنا أتابع تفاصيل خطط تنفيذ رؤية مصر 2030 مع أول أيام العام الجديد، فمن منطلق مسؤوليتها الحضارية كراعية للسلام وضمير للإنسانية وحارسة على الذوق الفنى والحضارى، بما تضمه من كنوز تراثها الإنسانى والأثرى على مر العصور كان هذا الاجتماع الهام الذى تم بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى لتشجيع السياحة الثقافية وإعادة المناطق الأثرية لسابق عهدها.. ولكننا لن نشجعها إلا بالترميم الجيد المدروس الذى لايصيب الأثر او المناطق الأثرية بسوء.. الاجتماع ترأسه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بحضور المسؤولين والخبراء وأعضاء المجلس الأعلى للتخطيط العمرانى.. لتطوير منطقة الفسطاط والمنطقة المحيطة بمتحف الحضارة، وفق رؤية شاملة تتناسب مع القيمة التاريخية لها، وإعلان العد التنازلى للشكل الحالى لمناطق الجيارة، وحوش النخيل، والسكر والليمون، بحى مصر القديمة، والتى ستدخل عصرا جديدا من التطوير السياحى والذوق الحضارى ضمن تصور لشكل العاصمة التاريخية برئتيها المصرية القديمة فى الجيزة والإسلامية والقبطية فى القاهرة، وفى المنطقة التى تمتد على طول كورنيش النيل، ويمتد المخطط لتطوير منطقة الأهرام والمنطقة المحيطة بالمتحف الكبير، والذى يهدف إلى تعظيم القيمة الاقتصادية والتراثية لهذه المنطقة الواعدة.
أسعدنى أن تمتد يد الرعاية والتطوير لتحتضن مدينة الفسطاط الساحرة فى رسالة لها أكثر من دلالة بفضل مكانتها وعراقتها التاريخية وجذورها المتميزة، فهى المدينة التى وضع لبناتها الأولى عمرو بن العاص (سنة 640م 41 هـ ) حيث بناها فى الفضاء الواسع بين نهر النيل وتلال المقطم، وبنى فيها أول مسجد فى مصر ومن القاهرة انطلق الإسلام والسلام ليسكن القلوب فى كل أفريقيا ولا يزال « مسجد عمرو بن العاص شاهدا وموجوداً بشموخه وبمساحته الشاسعة وتصميمه الفريد. حيث كانت البيوت فى منطقة الفسطاط فى أول الأمر مشيدة من طابق واحد ثم زاد ارتفاعها وتعددت طوابقها.. وكانت تحتوى على آبار وصهاريج للماء العذب وبعضها مزود بنافورة أو بركة، ولا تزال مدينة الفسطاط شاهداً على ما تعاقب على مصر من أديان سماوية، فهى تضم أعظم المناطق الأثرية والدينية المهمة مثل جامع عمرو والمتحف القبطى وكنيسة أبى سرجة والست بربارة والمعبد اليهودى.
وثقتى كبيرة فى أن تطل علينا قاهرة المعز برؤية سياحية جديدة تضاف للمقاصد والأماكن الأثرية والتاريخية والمعمارية، للعمل على جذب السياحة بالمنطقة الفاطمية. بإعادة روح الماضى واعادة الأثر إلى شكله الأصلى.. والمطلوب تشكيل لجنة من علماء الآثار الكبار على مستوى مصر والعالم بمشاركة اليونسكو لأن آثار مصر هى تراث إنسانى وهى أقدم آثار العالم.. والهرم هو العجيبة الوحيدة الموجودة على وجه الأرض ويجب أن يعامل بمنتهى الدقة ولن أقول القداسة. اعلم ان الهدف من التطوير هو تحقيق مبدأ التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، وتنويع المنتج السياحى..ودعم الموقف التنافسى لصناعة السياحة المصرية فى أسواق السياحة العالمية، ولكن لن يتم هذا إلا بالعودة إلى الشكل الأصلى للآثار فهذا هو التفرد والميزة الحقيقية لمصر.