الإهمال والإخلال الجسيم تهم موجه للمتهمين فى قضية «حادث محطة مصر»

أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار جابر يوسف المراغي، وعضوية المستشارين محمد عزت مناع و محمد أحمد عبد المالك، وأمانة سر سيد نجاح و أحمد رضا، حيثيات حُكمها الصادر في حق المُتهمين بالتسبب في "حادث محطة مصر".

وعاقبت المحكمة في جلسة التاسع من مارس علاء فتحي بالسجن لمدة 15 سنة عما أسند اليه، وألزمته بأن يؤدي للسكة الحديد مبلغ 8 ملايين و 888 الف و 263 جنيهًا تعويضًا للأضرار التي لحقت بها.

وقضت بمعاقبة أيمن الشحات و عاطف نصر بالسجن المشدد 10 سنوات ، ومعاقبة كل من أيمن محمد و سامح صبحي و يحيى سعد و عادل سيف يوسف و مصطفى عبد الحميد بالسجن المشدد 7 سنوات .

وقضت بمعاقبة محمود حمدي بالسجن 3 سنوات لما اسند اليه بتعاطي المخدر، وغرامة 10 الاف جنيه، والحبس 10 سنوات.

وقضت المحكمة بمعاقبة محمود فتحي و مسعد رشاد بالحبس مع الشغل 10 سنوات، كما قضت بمعاقبة السيد ابو الفتوح بالحبس مع الشغل 5 سنوات عما أسند اليه، ومعاقبة مهدي عبد العال بالحبس لمدة ثلاث سنوات مع الشغل .

وقضت كذلك بمعاقبة محمد عبد العزيز بالحبس مع الشغل سنتين، والزام المحوم عليهم بالمصاريف الجنائية، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة.

وقالت المحكمة في حيثيات حُكمها بالقضية إنه اطمأن وجدانها استخلاصاً من التحقيقات التي تمت فيها وسائر أوراقها وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنها قصة إهمال استشرى في أهم مرفق من مرافق الدولة، والذي يقع على كاهله نقل البشر وأموالهم في كل مناكب مصر المحروسة.

وتابعت المحكمة قائلةً :"إنها قصة إهمال تراكمت من عقود انقضت حتى أصبحت مرض عضال لا تنفعه أو تجبره مجرد مسكنات اعتادت الهيئة على حقنها في شرايين هذا المرفق الذي وهن ، فمرض ، فعجز عن أداء رسالته وظيفته على النحو الذي خطط ونفذ من أجله ، فتوالت الحوادث والنكبات التي أبكت العيون وأدمت القلوب على أرواح بريئة مطمئنة ازهقت وأموال أنفقت فأحترقت وتطوير لم يشأ أن يضع بصماته ليواكب التكنولوجيا الحديثة في أهم مرفق من مرافق النقل".

وقالت المحكمة :"أصبحت مترهلة عقيمة نال منها بعض قيادات توالت عليها ، وعاملين في أروقتها غير مؤهلين لحمل الأمانة وبث الاطمئنان في نفوس المتعاملين مع هذا المرفق الحيوي الهام ، وبالرغم من التحديث الذي تحاول الدولة جاهدة بذله لرفع مستوى الأداء لهذا المرفق سيظل العنصر البشري هو حجز الزاوية لأي عمل ناجح ، فإختيار القيادة وتوظيف العاملين المؤهلين ، وتأهيلهم وتدريبهم المستمر والمحافظة على لياقتهم الصحية والنفسية والعناية بوضعهم المالي وتحسين ظروف العمل وتطبيق قواعد السلامة المنظمة لحياتهم العملية والوظيفية ، هو الطريق القويم للارتقاء بهذا المرفق، ودونه استمرار لنكباته وحوادثه وفقدان للأمن والأمان وضياع للأنفس والأموال".

وقالت المحكمة :"جل حوادث السكة الحديد كانت نتيجة لاستشراء الاهمال من أولئك العاملين وعدم تأهيلهم وتعليمهم والترقي بمستواهم الصحي والاجتماعي، والضرب على أيدي المخالفين للوائح منهم، والذي كان نتائجه هذا الحادث الجلل الذي يمثل صورة مثلى للإهمال الذي ضرب أوصال هذا المرفق".

وانتقلت الحيثيات لسرد تفاصيل يوم الحادث، وقالت :"في صباح يوم 27/2/2019 حيث أشرقت الشمس بأشعتها الذهبية على أرض الكنانة الآبية والمواطنين في حركة دائبة على أرصفة سكك حديد مصر بمحطة القاهرة القلب النابض لهيئة السكة الحديد وقعت الواقعة، فأهتزت لدويها قلوب المصريين في كل مكان".

وتابعت :"دمعت عيون المصريين على أناس كتب القدر أن يكونوا من ضحاياها دون جريرة أو ذنب سوى أنهم استقلوا قطارات هذا المرفق ، وأطمئنوا إلى أنهم في أيد أمينة ترعى الله والوطن ، ولكن أنى يكون ذلك ؟ في مرفق إعتاد العاملون فيه على مخالفة اللوائح وارتكاب الأخطاء والجرائم حتى أصبحت هذه الأخطاء وتلك الجرائم هي قواعد التشغيل التي يتربى عليها العاملين جيلاً بعد جيل".

وقالت المحكمة إنها اطمأنت المحكمة إلى ادلة الإثبات في الدعوى وأنها تلتفت عن إنكار بعض المتهمين ، كما أن أوجه دفاع المتهمين لم تلق قبولاً لدى المحكمة وأن المحكمة تشير إلى أن النيابة العامة قد أخطأت حينما وصفت المتهمين الثاني والثالث من أنهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية إذ ثبت بالدليل القاطع أنهما موظفين عموميين وفق التوصيف الوظيفي المقدم بالأوراق.

كما أن المحكمة تهيب بالمشرع أن يضطلع بمسئولياته الوطنية ويمارس مهامه التشريعية بتغليظ العقاب على العاملين في نطاق نقل الأشخاص حين ارتكابهم لجريمة القتل الخطأ وذلك لإعادة النظر في العقوبات التي اشتملت عليها المادة 238 من قانون العقوبات.

وسردت المحكمة أقوال الشهود، وبرز من بينهم شهادة سعد محمد الصادق سعودي، رئيس الإدارة المركزية للتخطيط والصيانة بالوحدات المتحركة بالهيئة القومية لسكك حديد مصر، الذي قال ‘ن الجرارات المستخدمة في أعمال المناورة داخل الحوش والورش محدد له سرعة لا تجاوز الثمانية كيلو ساعة لطبيعة العمل داخل هذه المناطق ولا يجوز زيادة السرعة هذه وذلك طبقاً للائحة التشغيل.

وأن هذه الجرارات مزودة بنظام الامان "رجل الميت" وأن الجرار رقم (2302) المتسبب في الحادث من نوع جينرال اليكترك أمريكي الصنع سعة خزان الوقود ستة ألاف لتر وبه ثماني سرعات اقصاها 120 كيلو/س .

وشدد على أن أن وسيلة الامان "رجل الميت" كانت معطلة إذ لو كانت سليمة لوقف الجرار بعد ثلاثين ثانية من إنطلاقه دون أن يتسبب في الواقعة ، وكان يجب على السائق "المتهم الأول" أن يبلغ عن وجود مثل هذا العطل ، بل أن السائقين هم أنفسهم من يقوم بتعطيله خلاصاً من الإنذار الذي يبثه هذا الجهاز كل عدة ثواني مما يسبب إزعاجاً لهم.

ولفتت المحكمة إلى ما ورد يتقرير اللجنة المشكلة من المهندسين المختصين بالهيئة المهندسين للقوات المسلحة والمكتب الاستشاري بالكلية الفنية العسكرية وأحد أعضاء هيئة الرقابة الإدارية.

وخلص تقرير اللجنة إلى أن أسباب الحادث تعود إلى تحرك الجرار رقم (2305) (قاطراً العربة السبنسة) من السكة رقم (5) متجهاً إلى سكة رقم (1) بدون التأكد من خلوها "أي بدون التأكد من عدم وجود جرارات أو عربات على سكة رقم (1) حتى يتسنى اتمام عملية المناورة بسلام" ويرجع في ذلك لعدم تواجد عامل المناورة المصاحب للجرار بالمكان المناسب بمقدمة الجرار لإعطاء إشارات التحرك والوقوف للسائق حيث أن عامل المناورة كان متواجد خلف السائق بالعربة السبنسة ، فضلاً عن عدم وجود مساعد للسائق بالجرار وأدى ذلك إلى حدوث المحاشرة مع الجرار رقم (2302).

كما لفتت لعدم مراقبة ومتابعة عمليات المناورة المنفذة بنطاق حوش أبي غاطس للتأكد من تنفيذها وفقاً للتعليمات المنصوص عليها سواء بدليل أعمال المناورة أو لائحة سلامة التشغيل بهيئة السكة الحديد المعمول بها اعتباراً من 1/4/2014 مما ساعد في حدوث واقعة المحاشرة

وأشارت اللجنة في تقريرها إلى عدم وجود تنسيق بين ناظر وملاحظ الحوش وعمال المناورة لتنظيم العمل بحوش أبي غاطس مما أدى إلى حدوث المحاشرة، وعدم وجود مساعدي السائق في جراري محدثي المحاشرة.

يُضاف لذلك عدم اتباع مراقب برج إشارات الشمال لتعليمات بإبقاء إبرة السقوط في اتجاه الدخول لمحطة سكك حديد القاهرة في وضع السقوط "التأمين" رغم عدم تلقيه طلب إذن بدخول أحد جرارات المناورة على السكة، وعدم تفعيل وسائل الآمان المزود بها الجرارات المستخدمة في المناورة ومنها ألية تأمين الجرار في حالة الإغماء أو الوفاة للسائق التي تسمى رجل الميت.

كما انتهت اللجنة إلى أن إجمالي قيمة التلفيات التي لحقت بالسكة الحديد جراء الحادث بلغت 8.288.263 جنيهاً ثمانية ملايين ومائتين وثمانية وثمانون ألف ومائتين وثلاثة وستون جنيه.

وذكرت الحيثيات أن المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن وبصفتهم موظفين عموميين على ارتكاب تزوير محررات رسمية إذ اشترك المتهمون فيما بينهم بطريق الاتفاق والمساعدة على ارتكاب تزوير في دفتري الحضور والانصراف الخاصين بتوزيع السائقين والمساعدين على القطارات وكذا عمال المناورة.

وذكرت المحكمة بأنه بخصوص واقعة التزوير التي أتاها المتهم الثالث بقيامه بتزوير توقيع العاملين بدفتر الحضور والانصراف بما يفيد حضورهم العمل على غير الحقيقة والتوقيع بأسمائهم زعماً بحضورهم ، فإنه يتضح وبجلاء أن الفعل ليس مقرراً بالقانون وأن إتيانه يشتمل على جريمة واضحة كاملة الأركان بما يلحق الضرر بالهيئة والعاملين بها ، وهذا يؤكد توافر أركان جريمة التزوير في حق المتهم بل أنه أقر بارتكابه الواقعة وأنه إعتاد على اقترافها وأن هذا الاعتياد يؤكد إصرار المتهمين بالتزوير على ارتكابها وإلحاق الضرر بالهيئة التابعين لها ومن ثم المواطنين المتعاملين مع هذه الهيئة ، كما أنه لا يقبل الدفع بارتكاب الفعل طاعة لأمر رئيسه، وهو ما دفع به الحاضر مع المتهم الأول ـ ذلك أنه من المقرر أن طاعة المرؤوس لرئيسه لا تكون في أمر من الامور التي يجرمها القانون.

وذكرت الحيثيات أن المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن وبصفتهم موظفين عموميين اعتادوا على ارتكاب تزوير محررات رسمية إذ اشترك المتهمون فيما بينهم بطريق الاتفاق والمساعدة على ارتكاب تزوير في دفتري الحضور والانصراف الخاصين بتوزيع السائقين والمساعدين على القطارات وكذا عمال المناورة.

وذكرت المحكمة بأنه بخصوص واقعة التزوير التي أتاها المتهم الثالث بقيامه بتزوير توقيع العاملين بدفتر الحضور والانصراف بما يفيد حضورهم العمل على غير الحقيقة والتوقيع بأسمائهم زعماً بحضورهم ، فإنه يتضح وبجلاء أن الفعل ليس مقرراً بالقانون وأن إتيانه يشتمل على جريمة واضحة كاملة الأركان بما يلحق الضرر بالهيئة والعاملين بها ، وهذا يؤكد توافر أركان جريمة التزوير في حق المتهم بل أنه أقر بارتكابه الواقعة وأنه إعتاد على اقترافها وأن هذا الاعتياد يؤكد إصرار المتهمين بالتزوير على ارتكابها وإلحاق الضرر بالهيئة التابعين لها ومن ثم المواطنين المتعاملين مع هذه الهيئة ، كما أنه لا يقبل الدفع بارتكاب الفعل طاعة لأمر رئيسه، وهو ما دفع به الحاضر مع المتهم الأول ـ ذلك أنه من المقرر أن طاعة المرؤوس لرئيسه لا تكون في أمر من الامور التي يجرمها القانون.