الرئيس السيسي يدعو إلى ضرورة الاستجابة لمواجهة التحديات الناتجة عن الأزمات الدولية وتغير المناخ

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أهمية استجابة المجتمع الدولي لسبل مواجهة التحديات الناتجة عن الأزمات الدولية وتغير المناخ، وقال: إن مصر استضافت قمة الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) في شرم الشيخ، واستهدفت إبراز حجم المشكلة وضرورة تدبير التمويل اللازم لمواجهتها لكي نستطيع التحرك على المستويين الوطني والدولي، لبلوغ أهداف التنمية المستدامة.

جاء ذلك في مداخلة للرئيس السيسي خلال مشاركته في المائدة المستديرة "طريقة جديدة- شراكات النمو الأخضر"، ضمن فعاليات القمة الدولية ميثاق التمويل العالمي الجديد، المنعقدة، اليوم الخميس، في العاصمة الفرنسية باريس.

ونوه الرئيس السيسي باستضافة فرنسا لقمة "ميثاق التمويل العالمي الجديد" في باريس، التي تعقد وسط الأزمات المتعاقبة في العالم على مدار 3 سنوات مضت، والتي ألقت بظلالها على العالم وتسببت في أعباء أكبر على الدول النامية، مما يهدد مكتسبات هذه الدول التي تحققت خلال الفترة الماضية.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن الواقع الجديد الذي نعيشه يفرض على الجميع التكاتف لتعزيز النظام متعدد الأطراف، ليصبح أكثر استجابة لاحتياجات الدول النامية، وأكثر قدرة على الصمود أمام الأزمات، مما يمكن من مجابهة تحديات تغير المناخ، التي لم نكن المتسبب الرئيسي فيها، ولكن نحن الأكثر تضررا منها.

ونوه الرئيس السيسي إلى أن مصر استضافت قمة تغير المناخ بشرم الشيخ في نوفمبر الماضي، وكانت تستهدف ترجمة الطموح والتعهدات لواقع ملموس بما يدعم التحول العادل من أجل النمو الأخضر، وبلوغ أهداف التنمية المستدامة، وفقا للأولويات الوطنية لكل دولة.

وأضاف: "دائما ما نذكر حجم المشكلة والتمويل وكيف يتم تدبير هذا التمويل، وبغير ذلك لن يتم أبدا التحرك في تقديرنا لحل أي مشكلة نطرحها سواء كانت على المستوى الوطني أو الدولي".

ولفت الرئيس السيسي إلى أنه سيقوم بتقسيم مداختله إلى شقين، الأول: هو عبارة عن تسجيل لوجهة نظر مصر في كامل الموضوع، والثاني يتضمن الجهد والإجراءات وما تحقق على المستوى الوطني.

ووجه الرئيس السيسي الشكر للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على استضافة هذا المؤتمر المهم الذي يعقد وسط هذه الأزمات المتعاقبة التي عصفت بالعالم على مدار أكثر من ثلاث سنوات، والتي ألقت بظلالها الكبيرة على العالم، وأعباء أكبر على الدول النامية ذات الاقتصاديات الهشة، والتي يمكن أن تهدد المكتسبات التي نفذتها هذه الدول خلال الفترة الماضية.. كما وجه الشكر أيضا لرئيسة وزراء فرنسا بربادوس ميا موتلي، على حديثها الرائع والملهم، ولكل من تحدث في الجلسة الافتتاحية.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن رؤية مصر في تحقيق "النمو الأخضر" ترتكز على توفير فرص عمل وسبل عيش كريم وتعزيز مقدرات الدول عبر التحول العادل إلى أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدام تقوم على الأسس العلمية والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والامتثال لاعتبارات كفاءة الطاقة، وبالتالي فإننا نقدر أن النمو الأخضر ليس بديلا عن التنمية المستدامة وإنما محفز لها.. مشيرا إلى مجموعة من المشروعات التي تم تنفيذها في إطار يخدم النمو الأخضر وفي ذات الوقت يحقق التنمية المستدامة.

وأضاف الرئيس السيسي: أنه في هذا السياق تحضرني التجرية المبتكرة لبرنامج "نوفي" وهذا البرنامج هو برنامج أطلقناه، ولاقى زخما دوليا كبيرا لاستهداف تعزيز الشركات وتوفير التمويل العادل والمستدام لدفع العمل المناخي بالتركيز على قطاعات المياه والغذاء والطاقة في إطار متكامل.

وتابع: أن البرنامج يتضمن منصة وطنية للمشروعات القابلة للاستثمار، تم إطلاقها بمشاركة تمويل مؤسسات دولية وشركاء التنمية والقطاع الخاص، لدعم البرنامج من خلال التمويل الإنمائي الميسر والمختلط.

واستطرد: أنه في ضوء ما تقدم تبرز محورية التمويل باعتباره العامل المحوري في تحقيق التنمية المستدامة، بما فيها مواجهة تغير المناخ وتحقيق أهداف اتفاقية باريس، فضلا عن معالجة الاختلالات الهيكلية للنظام المالي العالمي، الذي تحد من قدرته على الاستجابة السريعة والفعالة للأزمات.. منوها بأنه دارت اليوم نقاشات كثيرة حول النظام المالي العالمي، وكيف أنه في خلال الـ 80 عاما الماضية حدثت تطورات كبيرة جدا بالعالم، حيث أكدت النقاشات أن هذا الأمر في حاجة إلى تحرك لتطويره حتى يستطيع مجابهة تلك التحديات.

وأكد الرئيس السيسي الحاجة لتبني منظور شامل يضع تمويل التنمية في قلب أجندة العمل متعدد الأطراف ويضمن عدالته واستدامته، إضافة إلى معالجة التحديات ذات الصلة.

وأوضح الرئيس عبد الفتاح السيسي أن أحد أهم تحديات الأثر التراكمي للأزمات الدولية المتعاقبة، هو إطلاق مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016، والذي حقق مع صندوق النقد الدولي كل الأهداف المرجوة منه ووصل إلى معدل نمو 6%، وكانت كل الأمور مبشرة جدا، منوها بأنه في حالة الاستمرار بهذه الوتيرة سيتم تحقيق الهدف الذي تم تنفيذ برنامج الإصلاح من أجله.

وقال الرئيس السيسي إنه "لسوء الحظ أثرت أزمة كورونا (كوفيد-19) والأزمة الروسية- الأوكرانية، تأثيرا سلبيا كبيرا جدا على المسارات التي تحقق فيها نجاحات مختلفة وتراجع بشكل ملحوظ النجاح الذي حققته مصر".

وأوضح السيسي أن من بين هذه التأثيرات السلبية: ارتفاع التضخم العالمي لمستويات قياسية وتنامي إشكالية الديون بشكل خطير وامتدادها للدول النامية متوسطة الدخل، بالإضافة إلى تضاؤل جدوى المعونات التنموية وتعاظم المشروطيات المقترنة بها.

وأضاف: أن مصر كان لديها خطة لإدارة ديون خطة التنمية المستدامة، وهذا الأمر نتيجة للظروف التي مرت خلال السنوات الماضية ألقى بصعوبات كبيرة جدا أمام استمرار النجاح الفعال في خطة الديون، ولكن الحكومة المصرية تبذل قصارى جهدها وتصر على إدارة الأمر بما يحقق الأهداف الوطنية.

وأعرب الرئيس السيسي عن تطلع مصر لإسهام قمة "ميثاق التمويل العالمي الجديد" في دفع المناقشات بمختلف المحافل الدولية، من خلال عدد من الرسائل على رأسها ضرورة تكاتف الجميع لا سيما مؤسسات التمويل الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول النامية، بالتركيز على تنفيذ توصيات مٌحفز أهداف التنمية المستدامة الذي أطلقه سكرتير عام الأمم المتحدة بالتعاون مع شركاء التنمية، وبما يتسق مع الأولويات الوطنية.

وشدد السيسي على أهمية اتخاذ قرارات دولية سريعة تحول دون اندلاع أزمة ديون كبرى، مع استحداث آليات شاملة ومستدامة لمعالجة ديون الدول المنخفضة ومتوسطة الدخل، فضلا عن التوسع في مبادلة الديون من أجل الطبيعة.

وأكد الرئيس السيسي، ضرورة إصلاح الهيكل المالي العالمي؛ لتعزيز تمويل التنمية المستدامة، بما يتضمن إعادة تخصيص حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي وتعليق أو إلغاء الرسوم الإضافية لصندوق وقت الأزمات.

وشدد الرئيس السيسي على أهمية تطوير سياسات وممارسات بنوك التنمية متعددة الأطراف؛ لتعظيم قدرتها على الإقراض، وتيسير نفاذ الدول النامية لها وكذلك تعزيز الحوار بينها وبين وكالات التصنيف الانتمائي؛ لزيادة قدرتها على الإقراض دون المساس بتصنيفها، علما بأن المجتمع الدولي توافق خلال قمة شرم الشيخ على المطالبة بالكثير من تلك الإصلاحات.

وشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على الأهمية الجوهرية لتمويل التنمية المستدامة في مواجهة ظاهرة تغير المناخ.. مشيرا إلى أن مجابهة التغيرات المناخية تعد من أحد الأهداف العالمية، وذلك لتحقيق المصلحة المشتركة لجميع دول العالم.

ولفت الرئيس السيسي إلى الجهود التي تبذلها مصر في إطار مواجهة التغيرات المناخية من بينها الخطوات الجادة التي اتخذتها في تنفيذ العديد من البرامج الخاصة بالتحول إلى الطاقة المتجددة حتى عام 2030، وقال: إن مصر نفذت العديد من البرامج التي تستهدف التنمية المستدامة في نفس الوقت التي تعمل على حماية البيئة.

ونوه الرئيس السيسي إلى إنفاق مصر الكثير من الأموال لتنفيذ الخطط التي تستهدف حماية البيئة، مشيرا إلى التجربة المصرية الناجحة التي استطاعت تحويل البحيرات الواقعة على البحر المتوسط من حالتها التي وصفها بـ"الصعبة" إلى بحيرات صديقة للبيئة.

وأضاف: أن من بين الخطط المصرية التي نفذت نحو حماية البيئة هي العمل على الاستفادة من مياه الصرف الزراعي كحصة إضافية إلى جانب نهر النيل، وإعادة تدويرها حتى لا تكون ملوثة للبيئةـ مؤكدا نجاح مصر خلال الثلاث سنوات الماضية في إدارة خطة ديون تمويل البرامج الخاصة بحماية البيئةـ والتي من ضمنها العمل على التحول إلى الطاقة المتجددة ومعالجة المياه وتحسين شبكة طرق واستخدام وسائل النقل الكهربائية.

ودعا الرئيس السيسي الشركاء في التنمية ومؤسسة التمويل الدولية إلى تفهم موقف مصر في تنفيذ كافة البرامج والخطط الخاصة بالتنمية المستدامة مع المحافظة على حماية البيئة، عقب التحديات التي واجهتها خلال السنوات الثلاث الماضية.