العالم على موعد مع كسوف القرن.. يستمر 383 ثانية

في مشهد فلكي نادر يتكرر مرة كل عدة سنوات، يترقب العالم حدثًا استثنائيًا يُعرف بـ"كسوف القرن"، من المقرر أن يحدث اليوم الموافق الثاني من أغسطس . هذا الكسوف الكلي للشمس، والذي يُتوقع أن يستمر لمدة 6 دقائق و23 ثانية، سيكون الأطول من نوعه منذ عام 1991، ويُعد واحدًا من أبرز الظواهر الفلكية في القرن الحادي والعشرين.
قبل قرون، لو ادّعى أحدهم معرفته المسبقة بمواعيد كسوف الشمس، لاتُهم بالسحر والدجل. أما اليوم، فقد أصبحت القدرة على التنبؤ بهذه الظواهر ثمرة لسنوات من التقدم العلمي والمعرفة المتراكمة. وبفضل علم الفلك وعلوم الأجرام السماوية، بات الإنسان قادرًا على استباق هذه الظواهر بدقة متناهية.
كسوف 2027 سيغطي شريطًا جغرافيًا يبلغ عرضه نحو 260 كيلومترًا وطوله يتجاوز 15 ألف كيلومتر، ويمر فوق 11 دولة ومنطقة. تبدأ الظاهرة في إسبانيا وجبل طارق، ثم تعبر شمال إفريقيا من المغرب وحتى مصر، وتواصل مسارها عبر السودان والسعودية واليمن، وصولًا إلى الصومال. في المقابل، لن يُشاهَد الكسوف في روسيا إلا جزئيًا، وتحديدًا في المناطق الجنوبية منها.
تعود المدة الطويلة لهذا الكسوف إلى مجموعة من العوامل الفلكية الدقيقة، من أبرزها تموضع الأرض بالنسبة للشمس، وموقع القمر في مداره حول الأرض، فضلًا عن مرور مسار الكسوف بالقرب من خط الاستواء، حيث يكون تحرّك ظل القمر أبطأ فوق سطح الكوكب.
رغم أن "كسوف القرن" لن يُرى بالكامل في روسيا، إلا أن البلاد سبق أن شهدت كسوفًا شمسيًا مهمًا في 1 أغسطس 2008، عُرف بـ"الكسوف الروسي"، وكان مرئيًا بشكل واضح من غرب سيبيريا ومدينة نوفوسيبيرسك. أما الكسوف الكلي التالي الذي ستشهده روسيا فسيكون في 12 أغسطس 2026، حيث يبدأ من شمال شرق شبه جزيرة تيمير، ويمر عبر المحيط المتجمد الشمالي وجرينلاند وأيسلندا، قبل أن يصل إلى الأراضي الإسبانية.
تشير توقعات وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" إلى حدوث كسوف جزئي للشمس في 21 سبتمبر 2025، سيكون مرئيًا في أجزاء من إفريقيا وأوروبا وجنوب آسيا. كما شهد العام نفسه كسوفًا جزئيًا في 29 مارس، رُصد في مناطق واسعة من أوروبا وشمال إفريقيا وروسيا وغرينلاند والمحيط الأطلسي.
وبعد "كسوف القرن"، ستكون روسيا على موعد آخر مع ظاهرة مشابهة في 1 يونيو 2030، حيث سيظهر الكسوف على هيئة "حلقي"، وستُرى الشمس كحلقة مضيئة في السماء، خصوصًا في المناطق الجنوبية الممتدة من البحر الأسود إلى بحيرة بايكال.
كسوف الشمس يحدث ما بين مرتين إلى خمس مرات سنويًا، ولا يُرى إلا من سطح الأرض. وتخضع هذه الظاهرة لدورات متكررة، أبرزها دورة "ساروس"، التي تمتد لنحو 18 عامًا وتُعيد ترتيب الظواهر الفلكية بشكل شبه دوري. ولا يحدث الكسوف إلا خلال "المحاق"، أي حين يكون القمر بين الأرض والشمس في خط مستقيم.
من المهم التذكير بأن مراقبة الكسوف، خاصة الكسوف الجزئي، يجب أن تتم باستخدام نظارات خاصة أو تقنيات غير مباشرة مثل أجهزة العرض ذات الثقب. النظر مباشرة إلى الشمس دون حماية قد يؤدي إلى أضرار جسيمة في شبكية العين.