"العشاء عيش ناشف".. اتهامات لدار مسنين بحلوان بتجويع النزلاء والتعدي على عاملة حاولت فضحهم

في مشهدٍ يفتقد لأبسط معاني الرحمة، تحوّل المسنّون في إحدى دور الرعاية بمنطقة حلوان من مواطنين يستحقون التقدير إلى ضحايا صمتٍ ثقيل، يعلوه أنين الجوع وذلّ الإهمال. فـ"العشاء عيش ناشف" لم يكن مجرد وصفٍ عابر لوجبة، بل كان صرخة مكتومة دوّنتها عاملة حاولت كسر جدار الصمت.
القصة بدأت عندما قررت إحدى العاملات بدار رعاية المسنين في حي حلوان التقدم ببلاغ رسمي إلى قسم الشرطة، كشفت فيه عن انتهاكات جسيمة تُمارَس بحق كبار السن داخل الدار، لا تقتصر على الإهمال الغذائي فحسب، بل تمتد إلى الاعتداء الجسدي والتهديد لمنع فضح ما يدور خلف الجدران.
وفي البلاغ الذي حمل الرقم 4827 إداري حلوان، اتهمت العاملة عددًا من المشرفين بـ"تقديم وجبات لا تصلح للاستهلاك الآدمي"، مشيرة إلى أن جدول التغذية المقرر لا يُنفَّذ، وأن وجبة مثل "الكفتة أو اللحوم" لا تُقدم سوى مرة واحدة أسبوعيًا، بينما يكتفي النزلاء مساءً بـ"عيش ناشف" ومأكولات رديئة الجودة، لا تليق بكرامة أي إنسان، فكيف بمن قضى عمره منتظرًا رعاية تُكافئه لا تُهينه؟
لكن محاولتها لفضح هذه الممارسات لم تمر مرور الكرام داخل الدار. فبحسب أقوالها في البلاغ، تعرضت للضرب على يد اثنين من المشرفين بعدما اكتشفا قيامها بتوثيق الانتهاكات عبر هاتفها المحمول. لم يكتفيا بالاعتداء، بل قاما بمصادرة الهاتف وحذف الصور والفيديوهات التي قد تفضح ما يحدث.
العاملة، التي قررت أخيرًا أن لا تسكت، قالت في بلاغها إنها كانت تتحمل الكثير "خوفًا على النزلاء أكثر من نفسها"، لكن ما شاهدته من معاملة غير إنسانية دفعها لكسر حاجز الخوف والإبلاغ، مؤكدة أن "كبار السن ليسوا عبئًا بل أمانة".
من جهتها، بدأت الجهات الأمنية تحقيقاتها في البلاغ، تمهيدًا لاستدعاء المتهمين وسماع أقوالهم، فيما تم عرض الواقعة على النيابة العامة التي تولت التحقيق في الاتهامات، وسط مطالبات من الأهالي والحقوقيين بمراقبة صارمة لدور الرعاية وتطبيق القانون بحزم في حال ثبوت المخالفات.