المفطورة الرئوية.. عودة ملحوظة لبكتيريا توقظ ذكريات كورونا

كتب- محمد أبوالمجد:

شهدت قارتي آسيا وأوروبا عودة ملحوظة بعد غياب لبكتيريا المفطورة الرئوية والتي تؤدي إلى التهاب الجهاز التنفسي وخصوصاً لدى الأطفال، حيث تشهد هاتان المنطقتان من العالم موجات وبائية دفعت السلطات الصحية والعلماء إلى الدعوة لتوخي الحذر من دون هلع.

ما هي المفطورة الرئوية؟

وتنتمي المفطورة الرئوية لعائلة المفطورات «الميكوبلازما»، حيث أنها نوع من أنواع البكتيريا المعروفة من العلماء، والتي تتسبب في الإصابة بالالتهاب الرئوي، إذ أن العامل البكتيري الأكثر تسبباً، بعد المكورات الرئوية، بالالتهابات الرئوية الحادة في المجتمع.

ويعد الأطفال والشباب هم الأكثر عرضة للإصابة بهذه البكتيريا، ويمكن أن تطال أيضًا كل الفئات العمرية، وتكون أبرز الأعراض الشائعة للإصابة ببكتيريا المفطورة الرئوية، هي السعال والحمى والصعوبات التنفسية.

ويمكن أن تنتقل البكتيريا بواسطة الرذاذ، أو المخالطة اللصيقة، وتستمر فترة حضانة المرض ما بين أسبوع وثلاثة أسابيع.

ومع أن الإصابات بعدوى الميكوبلازما الرئوية تحصل على مدار العام، فقد تكون أكثر شيوعاً في الصيف والخريف.

حجم الإصابة بالعدوى

وقبل جائحة كورونا، كانت المفطورة الرئوية تتسبب بموجات وبائية دورية تحدث في فترة زمنية من 3 إلى 7 سنوات تقريبًا وتعود آخرها إلى نهاية عام 2019 - مطلع 2020 في دول عدة، وخاصة في أوروبا وآسيا، ولكن عادت هاتان المنطقتان من لعام لتسجيل الإصابة بالمفطورة الرئوية هذا الصيف، وتسارع تفشيها على نحو ملحوظ منذ بداية الخريف.

وجاء الإنذار الأول من الصين، حيث سجلت زيادة كبيرة خلال الأسابيع الأخيرة في حالات التهابات الجهاز التنفسي، ومنها المفطورة الرئوية، وكذلك لاحظت دول آسيوية أخرى مثل كوريا الجنوبية ارتفاعاً مماثلاً.

وفي أوروبا وفرنسا والدول الاسكندنافية وهولندا وايرلندا، سجلت زيادة في الإصابات بهذا النوع من البكتيريا.

فيما أكدت الهيئة الصحية الفرنسية، الخميس الماضي، أن عدد الحالات في فرنسا، تفشى بشكل كبر منذ بداية الخريف، وتجاوز أعدد الإصابات التي سجلت عام 2022 وكذلك عام 2019، وأن الوضع بلغ درجةً «وبائية».

وفي الدنمارك، تمثل الحالات الـ 541 المسجلة الأسبوع الفائت أكثر من ثلاثة أضعاف العدد المسجل قبل خمسة أسابيع، مما يدل على بلوغ «مستوى وبائي»، بحسب هيئة 'إس إس آي' الصحية.

أسباب تفشي العدوى

ويرى بعض العلماء أن تفشي هذه البكتيريا، مثل الجراثيم الأخرى، وسببه هو التوقف عن تطبيق إجراءات الإغلاق والحجر، وإجراءات التباعد والحماية المضادة لجائحة كورونا.

وقالت رئيسة قسم علم الجراثيم في مستشفى جامعة بوردو سيسيل بيبيار لوكالة «فرانس برس»: «كنا نتوقع هذه العودة، فمنذ أربع سنوات على الأقل لم تسجل إصابات بالميكوبلازما الرئوية، ولكن فوجئنا كثيرا بعدم معاودة هذه البكتيريا الظهور، في حين أن الفيروسات كالأنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي وغيرها من البكتيريا انتشرت مجددًا».

وأوضحت 'سيسيل' أنها بكتيريا ربما تكون أقل قدرة على الانتقال من الفيروسات الأخرى، أو حتى من أنواع بكتيريا الجهاز التنفسي الأخرى، وتتكاثر ببطء'.

واعتبر عدد من أعضاء المجموعة الأوروبية لمراقبة عدوى المفطورة الرئوية، أن تأخر معاودة الظهور لهذا المرض لافتة للانتباه، إذ حصلت بعد مدة طويلة من انتهاء العمل بقيود احتواء كوفيد' في عدد من البلدان، وذلك بحسب ما نشر في مجلة «لانسيت ميكروب».

وبالإضافة إلى احتمال أن تكون المناعة الجماعية من هذه البكتيريا انخفضت منذ تفشيها الأخير، شرح العلماء أن للميكوبلازما الرئوية ميزة خاصة تتفرد بها.

خطورة ومضاعفات العدوى

وفي معظم الأحيان، تكون عدوى الميكوبلازما الرئوية حميدة، ويتم تشخيصها بعد استبعاد الأسباب الأخرى، كالتهاب القصيبات، أو الأنفلونزا، أو كوفيد، أو الالتهاب الرئوي الأكثر خطورة. وفي بعض الحالات، قد يُجرى اختبار «PCR» للتأكد من احتمال وجود أسباب أخرى عدة.

وقد تحتاج بعض المضاعفات النادرة للميكوبلازما الرئوية (تفاقم الربو، وسوى ذلك)، أو مختلف تجلياتها (الجلدية والعصبية وسواها) دخول المستشفى، وأحياناً العناية المركزة، وهو ما تم ملاحظته خلال الأسابيع الأخيرة مع عدد من الأطفال، وكذلك بعض البالغين.

ما العلاج؟

وأكدت منظمة الصحة العالمية في بيان عن التهابات الجهاز التنفسي في الصين أن المفطورة الرئوية تُعالج بسهولة بالمضادات الحيوية، وخصوصاً الماكروليدات، ومنها أزيثروميسين، وبالرغم من ذلك، يجب الانتباه إلى مراقبة وجود مقاومة للمضادات الحيوية، خاصة أنها قد تزيد مع الموجة الحالية.

وقالت سيسيل بيبيار 'قبل كوفيد، في آسيا، حيث كان وصف المضادات الحيوية غير مبرر، كانت 80 % من سلالات المفطورة الرئوية مقاوِمة في الصين، وأكثر من 90 % في اليابان وفي فرنسا، لم تتجاوز مقاومة المضادات الحيوية 10.