بعد اختلاس4 مليارات.. كيف أخلي سبيل سيد تونسي في قضية جامعة 6 أكتوبر؟ «التحقيقات تُجيب»

احتل اسم رئيس رئيس مجلس أمناء جامعة ٦ أكتوبر السابق، سيد تونسي، ورئيس مجلس إدارة شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا، صدارة الأخبار على المواقع الصحفية ومحركات البحث الإلكتروني، بعد انتشار خبر القبض عليه لاتهامه بالاستيلاء على ممتلكات بقيمة 4 مليارات جنيه من أموال الشركة الجامعة اللاتين يساهم فيهما المال العام.

وجاء بيان النيابة العامة، الصادر مساء أمس الأريعاء، بإخلاء سبيل التونسي على ذمة القضية ليفتح باب التساؤلات حول أسباب قرار النيابة بإخلاء سبيله في ظل ضخامة المبلغ المستولى عليه.

ويلقي موقع 'قناة صدى البلد' الضوء في هذا التقرير على الأسباب التي آلت بتحقيقات النيابة العامة إلى التقرير بإخلاء سبيل المتهم على  ذمة القضية.

الاتهامات المنسوبة لـ تونسي

و يواجه المتهم سيد تونسي - وفقاً لبيان النيابة العامة- تهم الاستيلاء على مستندات ملكية شركتي قناة السويس لتوطين التكنولوجيا، ومصر للتأمين التي تثبت حصتهما في رأسمال جامعة (٦ أكتوبر)، واستيلائه لنفسه وبدون حق على الحصتين المقدرتين بمبلغ أربعة مليارات جنيه بنية التملك.

كما ارتبطت تلك الجريمة بجريمة أخرى وهي تزويره في ميزانية الجامعة لعام ٢٠١٦ بتخفيض رأسمالها من ٩٥٨ مليون جنيه إلى ٢٠ مليون جنيه، ونسبته ملكية الجامعة لنفسه منفردًا على خلاف الحقيقة.

كيف تمكن تونسي من الاستيلاء على المبلغ

وتشير تحقيقات النيابة العامة إلى أن تحريات الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، توصلت  إلى استغلال 'تونسي' لموقعه الوظيفي كرئيس لمجلس إدارة شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا، ومجلس أمناء جامعة ٦ أكتوبر -المملوكة للشركة- خلال الفترة من عام ٢٠١٤ حتى ٢٠١٦.

وعلى أثر ذلك استولى دون وجه حق على أصول وممتلكات الجامعة وحقوقها المادية والفكرية التي تجاوز قيمتها أربعة مليارات جنيه، باختلاسه عقد تأسيس الجامعة ومستندات مساهمة الشركة المذكورة وشركة مصر للتأمين في رأسمالها، واستبدالها بمستندات أخرى مزورة أثبت فيها على خلاف الحقيقة انحصار ملكية الجامعة له منفردًا.

كما زوّر تونسي خلال ذات الفترة أحد محاضر الجمعية العامة غير العادية لشركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا؛ حيث جعل قيمة مساهمة الشركة في رأسمال الجامعة قيمة مديونية مستحقة عليها للشركة، قاصدًا سلب تلك الحصة واستبعاد الشركة من مؤسسي الجامعة.

وزوّر أيضاً في ميزانية الجامعة خلال عام ٢٠١٦ بتخفيض رأسمالها في بند حقوق المساهمين إلى مبلغ ٢٠ مليون جنيه فقط، مستبعدًا بذلك شركتي قناة السويس لتوطين التكنولوجيا ومصر للتأمين من مؤسسي الجامعة، ومستوليًا على أصولها منفردًا، بالحصول على الفارق بين القيمة الإسمية للجامعة والقيمة الفعلية لها المتجاوزة أربع مليارات جنيه.

وأكدت التحريات محاولة استيلاء المتهم على مبلغ ٢٠٩ مليون جنيه من أموال الجامعة بدعوى إنفاقها على تأسيسها عام ١٩٩٣ دون وجه حق، حيث اعتمد صرف هذا المبلغ خلال رئاسته مجلس أمناء الجامعة وأثبته كمديونية مستحقة له على الجامعة بميزانيتها لعام ٢٠١٥ و ٢٠١٦ على خلاف الحقيقة، ولكن التحقيقات قد أثبتت عدم استلامه المبلغ فعليًا.

وقد جاءت تحريات هيئة الرقابة الإدارية مؤكدة ارتكاب المتهم تلك الجرائم.

تخفيض رأس مال الشركة من نحو مليار لـ20 مليون

ووفقاً لتحقيقات النيابة العامة فقد انتقل فريقاً منها لمقر الجامعة وفتّش مبناها الإداري وضبطت أصول ميزانيات الجامعة منذ عام ٢٠٠٢ وحتى عام ٢٠١٨ وعدد من محاضر مجلس أمناء الجامعة، وتبينت من الاطلاع على تلك المستندات ثبوت ملكية شركتي قناة السويس لتوطين التكنولوجيا ومصر للتأمين لرأس مال الجامعة وذلك في ميزانياتها حتى عام ٢٠١٥.

وتبين من الاطلاع على ميزانية عام ٢٠١٦ تخفيض رأس مال الجامعة من مبلغ ٩٥٨ مليون جنيه حتى مبلغ ٢٠ مليون جنيه، وأُثبت بالإيضاحات المكملة لتلك الميزانية هذا التخفيض وأن جميع حصص التأسيس أصبحت مملوكة للمتهم بموجب عقد تأسيس محرر خلال عام ١٩٩٣ دون توضيح سبب التخفيض أو مصدر العقد أو كيفية اختفاء حصص مساهمة الشركتين السالف ذكرهما، وقد استمر إثبات تلك البيانات المخالفة للحقيقة في ميزانيتي عامي ٢٠١٧ و ٢٠١٨.

 الكسب غير المشروع يدين "تونسي"

وتلقت النيابة العامة تقريرًا من اللجنة المشكلة من خبراء الكسب غير المشروع ثابت فيه صحة ارتكاب المتهم الجرائم المنسوبة إليه، وإضراره بأموال شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا وهي شركة مساهمة تعد أموالها أموالًا عامة وشركة مصر للتأمين، كما أن إثبات رأسمال الجامعة مخفضًا عن الفعلي ونسبته بالكامل للمتهم قد جاء مخالفًا للأصول المحاسبية.

وأكد التقرير عدم صحة ما اعُتمد من مبالغ مالية للمتهم تحت مسمى مصاريف تأسيس الجامعة والمقدرة بمبلغ ٢٠٩ مليون جنيه، والذي انتهت التحقيقات لعدم صرف المتهم هذا المبلغ فعليًّا.

وشهد بتحقيقات النيابة العامة الممثلون القانونيون للمصرف المتحد، وشركة مصر للتأمين، ورئيس شركة الأهلي للاستثمارات،ورئيس مجلس إدارة شركة السويس لتوطين التكنولوجيا، ومراقب حسابات بها، فبما يؤكد ما توصلت إليه التحريات في حق المتهم.

المتهم يختار التصالح ورد المبلغ

وإزاء ثبوت الاتهامات في حقه، فقد أبدى تونسي خلال استجوابه رغبته في التصالح مع شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا والإقرار بملكيتها لجامعة 6 أكتوبر، وأقدم في سبيل ذلك على بعض الإجراءات التي ساهمت في إخلاء سبيله وهي :-

أولاً : أقدم على توثيق عقد إنهاء النزاع مع الجامعة وتحرير توكيل لمحاميه لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وإزاء ذلك أمرت النيابة العامة بحبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات، وتمكينه من تحرير التوكيلات والإقرار المطلوب وانتقال موثق الشهر العقاري لمحبسه لاستكمال الإجراءات.

ثانياً: قدّم دفاعه إقرارًا موثقًا بالشهر العقاري يقر فيه تونسي بعدم ملكيته لأي حصص في رأس مال الجامعة والتعهد بعدم منازعته شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا مستقبلًا في مكليتها لها.

ثالثاً: تنازل عن الأحكام الصادرة لصالحه، وأودع صورة من هذا الإقرار الموثق بملف الجامعة بأمانة الجامعة الخاصة بوزارة التعليم العالي.

وبناء عليه، توصلت تحقيقات النيابة العامة إلى أن الأموال العامة التي أضر بها المتهم واستولى عليها قد تم صونها وردها بهذا التنازل والإقرار المقدم من المتهم، وعليه انتفت مبررات حبسه احتياطيًّا، فأمرت لذلك النيابة العامة بإخلاء سبيله، وجارٍ استكمال التحقيقات.