بعد 100 يوم.. كيف وصلت روسيا وأوكرانيا إلى مرحلة اللاعودة؟

100 يوم مرت على بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وبات الوضع أكثر تعقيدا بعدما تحول النزاع الذي كانت تأمل موسكو أن يكون بمثابة هجوم خاطف إلى حرب استنزاف طاحنة أثرت على جميع دول العالم، وجعلت الكرة الأرضية على شفا حرب نووية قد تندلع في أي وقت بين الأطراف المتصارعة.

وضع صعب 

وأكد محللون أن عدم نجاح الهجوم الخاطف لإسقاط النظام في كييف، دفع القوات الروسية إلى تخفيض مستوى طموحاتها وتركيز جهودها على السيطرة على منطقة دونباس حيث باتت تدور حرب استنزاف بعد 100 يوم على اندلاع النزاع.

ويرى مراقبون أن روسيا تعتمد على تكتيك المحدلة، بقضم أجزاء من دونباس تدريجًيا، والذي يؤتي ثماره، ورغم المقاومة الأوكرانية، باتت القوات الروسية تسيطر حاليًا على جزء من مدينة سيفيرودونيتسك الرئيسية.

وأقرّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، بأن موسكو سيطرت على 20% من الأراضي الأوكرانية، كما أن الوضع في دونباس لا يزال صعبا للغاية.

وتعليقًا على ذلك، قال الخبير في مركز تشاتام هاوس البريطاني ماتيو بوليج إنه رغم كل شيء تتقدم المحدلة بالطبع لكن بصعوبة، هذا ليس اكتساحا عسكريا.

حرب مواقع

وأضاف: في الأسابيع المقبلة ستضطر موسكو إلى الانتقال من حرب متحركة إلى حرب مواقع، فهي لا تجدد عتادها وقواتها منهكة، المواقع ستُجمّد قريبًا، بحسب قوله.

وسمحت سيطرة موسكو على ميناء ماريوبول الاستراتيجي في (الجنوب الشرقي) بربط روسيا بشبه جزيرة القرم، ما اعتبر انتصارا عسكريا في دونباس، رحب به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أثار دخوله في حرب صدمة الغرب.

عملية في 3 جبهات

وفي 24 فبراير، أطلقت موسكو أكبر عملية عسكرية في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفتحت 3 جبهات في الوقت نفسه، ما أدى إلى تشتت في القوات الروسية، شمالًا باتجاه العاصمة كييف، وفي الشرق وفي الجنوب. وحُشد 160 ألف عنصر لهذه العملية، ما يرجّح ميزان القوى لصالح موسكو وإن قليلا، مع أكثر من جندي روسي واحد في مقابل كل جندي أوكراني، إلا أن العقيدة العسكرية توصي بأن يكون هناك ثلاثة جنود في مقابل كل جندي مضاد، لشنّ هجوم.

تخفيض الطموحات

سرعان ما أثبتت 'العملية العسكرية الخاصة' كما تُسمّيها موسكو، محدوديتها في مواجهة دفاع أوكراني لامركزي من جانب عناصر يتلقون تدريبات منذ سنوات من حلف شمال الأطلسي (الناتو).

كما أن تحصل القوات الأوكرانية، التي أساء المهاجم تقدير قوّتها، على أسلحة مضادة للدبابات والطائرات من الدول الغربية، ألحق أضرارًا جسيمة بالروس الذين اضطروا بعد شهر على إطلاق هجومهم، على تعديل أهدافهم.

ومن ذلك الوقت قررت موسكو التركيز على حوض دونباس في الشرق، إلا أنه تمّ تخفيض مستوى هذا الطموح وتكثّفت الجهود لمعالجة الإخفاقات التي لوحظت، بحسب محللين.

وقال المتحدث باسم البنتاجون جون كيربي، الجمعة: رأينا الروس يواجهون بعض الصعوبات، خصوصًا على المستوى اللوجستي. دونباس قريبة من روسيا ومن خطوطهم للإمدادات العضوية.

وأوضح أنهم على مستوى التكتيك يستخدمون وحدات أصغر ويقومون بتحركات أصغر' و'يحاولون أن يكون لديهم تنسيق أفضل بين العمليات البرية والجوية.

معركة دونباس

ويرى المؤرّخ العسكري الفرنسي ميشال جويا في مدوّنة بعنوان مسار السيف، أن 'بعد نجاحات أوكرانية مفاجئة، في الواقع هي خطوات تستغلّ الثغرات الروسية، استعاد الروس زمام المبادرة. معركة دونباس أبعد ما يكون عن الانتهاء'. ويتوقع أن تأخذ هذه الجبهة الشرقية 'شكل معركة حاسمة ستمتصّ الجهود في الأسابيع المقبلة'.

نحو نزاع مجمّد

من جانبه، قال الجنرال كريستوف غومار القائد السابق في القوات الخاصة الفرنسية عبر إذاعة 'آر تي إل'، الثلاثاء، إنه 'بالنسبة للكرملين الهدف هو بلوغ الحدود الإدارية لدونباس'.

وأضاف أن ما إن يحدث ذلك، أعتقد أنهم سيأخذون استراحة تشغيلية حقيقية، لأن هناك جيشين يتواجهان منذ 3 أشهر وهما منهكان، ولقد بدأ يتحوّل (النزاع) إلى حرب استنزاف. وخلال نحو 100 يوم، وتسبب هذا النزاع بدمار كبير. تقدّر مصادر غربية أن يكون قد قُتل حوالي 15 ألف جندي روسي في الحرب.

ويُرجّح أن يكون عدد الجنود القتلى من الجانب الأوكراني أقلّ، علمًا أنه لا يصدر أي تقدير رسمي، حتى لو أن زيلينسكي أشار في مقابلة مع موقع نيوزماكس' الأمريكي إلى خسارة '60 إلى 100 جندي يوميًا.

خسائر روسيا

وبخلاف الأرقام المعلنة من الجانبين، ووفق إحصاء أجرته مدوّنة استنادًا إلى صور من الميدان، خسر الروس 739 دبابة و428 آلية مصفّحة و813 مركبة قتالية لقوات المشاة و30 مقاتلة و43 مروحية و75 طائرة مسيّرة و9 سفن بينها الطراد 'موسكفا' في البحر الأسود. ومن الجانب الأوكراني، لم تشر المدوّنة سوى إلى فقدان 185 دبابة و96 مدرعة و22 طائرة مقاتلة و11 مروحية و18 سفينة.

خسائر أوكرانيا

ويرى الخبير العسكري مايكل كوفمان من مركز التحليلات البحرية الأمريكي للأبحاث أنه 'في دونباس قد تتكبد أوكرانيا خسائر ميدانية على المدى القصير، لكن روسيا ستواجه مشاكل خطيرة لإبقاء جهدها العسكري على المدى الطويل والحفاظ على مكاسبها الميدانية، مشيرًا إلى أن الحرب قد تطول.

وأوضح مارك كانسيان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي أن هذا النزاع سيشكل حرب استنزاف طويلة الأمد'.

وأضاف لا يبدو أن أيا من الطرفين لديه نية المساومة أو إبرام اتفاق، وحتى ذلك الحين قد نشهد استراحة غير رسمية، نوعا من نزاع مجمّد ذي حدّة منخفضة.

أحمد موسى: نحو 30 إلى 40% من حجم السياحة المصرية كانت قادمة من روسيا وأوكرانيا.. فيديو