تفاصيل واقعة العاشر .. إيداع الطفل مينا دار رعاية وحبس والده 4 أيام على ذمة التحقيقات

في مدينة العاشر من رمضان، وبالتحديد في المجاورة الثالثة، كانت صرخة مدوية لفتى صغير تمزق سكون المساء: 'أبوس إيدك يا بابا'.. صرخة خرجت من شرفة شقة سكنية بالدور الثالث، استغاثة حقيقية لطفل يتعرض للضرب والتعنيف القاسي على يد والده، فيما لم يكن أحد يتخيل أن كاميرا هاتف محمول ستصبح بابًا للنجاة من جحيم مستتر داخل جدران المنزل.
بداية القصة
بدأ كل شيء حين قررت سيدة تُدعى 'مها' أن تضع حدًا لصراخ متكرر كانت تسمعه من شقة مجاورة. حاول الجيران من قبل التحدث إلى الأب المتهور دون جدوى، لكن هذه المرة، فتحت السيدة نافذتها، وشاهدت بعينيها الطفل الصغير يتعرض للضرب في 'البلكونة'، فاستخدمت هاتفها لتوثيق المشهد، في محاولة لإنقاذ الطفل بأي وسيلة.وفي غضون ساعات، كان مقطع الفيديو قد انتشر كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مثيرًا موجة هائلة من الغضب الشعبي. الطفل الصغير كان يصرخ: 'أبوس إيدك يا بابا'، فيما كان والده ينهال عليه ضربًا بعصا، دون أن يرف له جفن.
لم يمر وقت طويل حتى تلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا بالواقعة، وسرعان ما تحركت قوة من قسم شرطة العاشر من رمضان إلى موقع البلاغ، لتجد أن الأب فرّ هاربًا، بينما تم القبض على الأم داخل الشقة.
وبعد تحريات دقيقة وتحديد هوية الوالد، ألقي القبض عليه لاحقًا، واقتيد إلى جهات التحقيق، ومعه زوجته، بينما تم التحفظ على الطفل 'مينا'، في محاولة لتأمينه بعد ما تعرض له من عنف.
التحقيقات: الأب والأم تناوبا الاعتداء
كشفت أقوال الجيران والمبلّغة أن الطفل لم يتعرض للضرب للمرة الأولى، بل كان يتعرض للعنف منذ فترة طويلة، وأن الأب والأم كانا يتبادلان تعنيفه باستخدام 'سلك'، في مشهد يتكرر كل حين، لكن هذه المرة تم توثيقه بالصوت والصورة.وبعرض الطفل على الطب الشرعي، تبيّن أنه مصاب بجروح وآثار كدمات متفرقة على جسده، تؤكد روايات الشهود وبلاغ السيدة التي سجلت الفيديو.
وأمرت جهات التحقيق بحبس الأب أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بتهم تعريض حياة طفل للخطر والاعتداء البدني، بينما تقرر إخلاء سبيل الأم بكفالة 5000 جنيه، مع استمرار التحقيق معها.
الطفل إلى دار رعاية
ورأت النيابة العامة أن الطفل لا يجب أن يعود إلى نفس البيئة التي أُهين فيها، فأمرت بإيداعه في إحدى دور الرعاية بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية لمدة شهر، مع خضوعه لإشراف طبي ونفسي واجتماعي مكثف.رواية الأم: «خربتوا بيتنا»
خلال التحقيقات، ظهرت الأم في حالة انفعالية، نافية أن ما حدث يصل إلى درجة 'العنف الجنائي'، وقالت إنها كانت تربي طفلها فقط. وهاجمت السيدة التي وثقت الفيديو بقولها:'كنتي عايزة تاخدي التريند؟! الولد اتاخد مننا وبيعيط وعايز أبوه، أنتم أذيتوه مش أنقذتوه'.. وأوضحت أن الضرب لم يكن بالصورة التي ظهرت في الفيديو، وأن معظم الضربات كانت على الأرض وليس على جسد الطفل مباشرة، حسب زعمها.
أثارت الواقعة جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد لتدخل الدولة باعتبار ما حدث جريمة، وبين من طالبوا بإعادة تأهيل الأسرة بدلًا من تفكيكها. فيما أكد المختصون أن القانون المصري لا يسمح مطلقًا بتبرير العنف الأسري تحت مسمى 'التربية'.
وأشادت جهات حقوقية باستجابة وزارة الداخلية السريعة للبلاغ، وبدور النيابة في حماية الطفل.
ولا تزال التحقيقات جارية حتى الآن، ولا يزال الطفل 'مينا' تحت رعاية الجهات المختصة، يتلقى الدعم النفسي، في محاولة لمحو آثار الخوف والصدمات التي عاشها.