حسين مرسى يكتب عن اقتحام صدى البلد: بلطجة بقابلها الطناش
واقعة اقتحام مقر موقع صدى البلد هي باختصار شديد وبلا مزايدات ولا مقدمات نوع من البلطجة التي أصبحت سمة العصر الذي نعيشه .. فكل ما تتخيله يمكن أن تفعله لو كنت قادرا على ممارسة البلطجة .. حقيقة أصبحت مؤكدة.
المؤسف في الأمر أننا لم نسمع صوتا واحدا من الحنجوريين الذين طالما سمعناهم يتحدثون عن حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الإبداع .. لم نسمع أحدا منهم يشجب أو يدين اقتحام مقر صدى البلد بأحد عشر بلطجيا مع كبيرهم الذي استاجرهم ..
كنا نسمع ونشاهد بقرف شديد مناضلي الفضائيات ورواد حقوق الإنسان وكهنة المنظمات المشبوهة والقابضين بالدولار من دول أجنبية وهم يهاجمون الدولة المصرية وحكومتها ورئيسها ومؤسساتها عندما يتعرض واحد منهم لموقف قد لايكون فيه شبهة كبت لحرية الرأي أو منع للإبداع أو خلافه ..
كنا نراهم يقلبون الحقائق ويشعلون نيرانهم كثيفة ويصعدون هجومهم ضد ديكتاتورية الدولة وديكتاتورية الحاكم .. حتى إذا حدث بالفعل هجوم أقل ما يوصف به أنه قصف جبهة لكل معاني الحرية في الرأي والتعبير والكتابة والإبداع والإعلام .. فلم نجد منهم أحدا ينبس ببنت شفة .. لم ينطق منهم أحد بكلمة إدانة واحدة لتصرف همجي من جانب بلطجية يفترض فيهم أنهم رعاة الفن وسدنة الإبداع في السنوات الأخيرة رغم أنهم كانوا سببا مباشرا في خراب العقل المصري على مدار تلك السنوات ..
والحق أني لم أندهش من أي موقف من هذه المواقف الفاضحة .. سواء من اقتحام مقر موقع صدى البلد .. أو من الصمت المريب والغريب من جمعيات ودكاكين حقوق الإنسان .. لم أندهش من اقتحام البلطجية لموقع صدى البلد لأن من قاموا بالاقتحام لاعلاقة لهم بالفن من قريب أو من بعيد فقد كانوا كما قلنا سببا مباشرا في نشر الإسفاف والبلطجة بشكل مباشر بين الشباب عندما قدموا لنا أفلاما أقل من الهابطة وروجوا لها بين الشباب فكانت النتيجة هي مانراه ونعيشه الآن من فوضى أخلاقية يتحمل وزرها بشكل مباشر من كانوا وراء إنتاج مثل هذه الأعمال التي يتبرأ منها الفن الذي هو في حقيقته محاولة لنشر الجمال والأخلاق وليس القبح والبلطجة ..
ولو كان بعض البلطجية الذين اقتحموا موقع صدى البلد هم أنفسهم الذين نشروا مفهوم البلطجة في مصر وصنعوا نماذج للبطولة أقل ما يقال عنها إنها نماذج سيئة أصبحت قدوة لكثير من شبابنا في البلطجة وفي قصة الشعر وفي طريقة التشاجر حتى أن الكثير من شبابنا يظهر في معاركه بالسيوف والثعابين وبالنار ناهيكم عن السلاسل والجنازير .. باختصار شديد أصبحت البلطجة موضة على أيدي دعاة الفن الجديد !!
أما دعاة حقوق الإنسان الذين لم نر أحدا منهم يدافع إلا عن المجرمين والقتلة وتناسوا دوما حقوق المجني عليهم .. والذين كانوا يتصيدون الأخطاء للدولة بل ويصطنعون أخطاء وخطايا ليجعلوا منها قصصا وحكايات يتم من خلالها عمل التقارير لأسيادهم الذين يدفعون لهم بالخارج ..
هؤلاء المدعون الكاذبون الذين طالما صدعونا بالحديث عن حرية الرأي وحرية الإبداع حتى لو كان الإبداع مجرد دعارة مقنعة سواء كان دعارة فكرية او حقيقية .. وكان الهجوم العنيف الذي يصل إلى حد السب والقذف والتجريح هو عقاب من يتجرأ عن رفض أفكارهم أو مجرد الحديث عنها ..
والآن لم يظهر منهم واحد فقط يرفض الاعتداء على منبر من منابر الرأي حتى لو كانوا يختلفون معه .. والخلاصة أن مثل هؤلاء أصبحوا الآن عراة أمام الجميع لم تعد تستر عورتهم ولا حتى ورقة التوت .. والحق أن حتى ورقة التوت أصبحت خسارة في مثل هؤلاء ..
أما زملائنا في صدى البلد وأولهم الكاتب الصحفي المحترم أحمد صبري رئيس التحرير فنقول لهم إن ما وقع عليكم من اعتداء هو وسام شرف على صدوركم وهو أمر كاشف لحقيقة أضحت واضحة للجميع وهي ان البلطجة يمكن أن تكون هي المسيطرة على الساحة ولكننا لن نترككم أبدا وحدكم في المواجهة ونعلن تضامننا معكم في أي مواجهة مع دعاة الفوضى والبلطجة حتى لو كان البلطجية هم الأقوى وحتى لو كان الطناش من البعض هو السائد !!!. نقلا عن جريدة الجمهورية.