حكاية يوسف الصديق.. أنقذ ثورة 23 يوليو وكرمه الرئيس السيسي بقلادة النيل

تحل اليوم الذكرى السبعون لـ ثورة 23 يوليو، التي تعتبر من أهم ثورات التاريخ الحديث، لما خلفته من آثار على جميع المستويات منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي غيرت ملامح الحياة في مصر بعد عقود من الاستعمار البريطاني وحكم العائلة الملكية لأسرة محمد علي باشا.

الضباط الأحرار

كانت حرب فلسطين عام 1948، هي الشرارة الأولى لتكوين حركة الضباط الأحرار، والحافز للتخلص من الحكم الملكي والقضاء على الرأسمالية وجلاء الاحتلال البريطاني من مصر، فنجح الضباط في السيطرة على كافة المرافق الحيوية داخل البلاد وأصدرت بيانها الأول بصوت الرئيس الراحل محمد أنور السادات وتنازل الملك فاروق عن الحكم لولي عهد أحمد فؤاد الأول ومغادرة البلاد في 26 يوليو عام 1952.

حدد الضباط الأحرار، عددا من أهدافها والعمل على تحقيقها من أجل إعلاء مصلحة الدولة الوطنية، منها جلاء الاستعمار البريطاني من مصر، والقضاء على الرأسمالية، وتوفير الحياة الاجتماعية العدالة للمصرين والقضاء على الإقطاع وتنظيم جيش وطني قوي.

يوسف الصديق

دائما ما يكون في حياة الشعوب، رجال تسوقهم الأقدار لأن يتحملوا مسؤولية شعوبهم في أصعب ظروفها، فكان من ضمن الضباط الأحرار  شخصيات حملت على عاقتها مسؤولية بلادهم والعبور بها لبر الأمان للتخلص من براثن الاحتلال والملكية التي عانى منها الشعب لعقود طويلة.

لم تفرز ثورة 23 يوليو، رؤساء حكموا مصر فقط، لكن كان هناك كتيبة كاملة حملت أكفانهم على أكتفاهم من أجل مصير الشعب، فبجانب الرؤساء الراحلين، محمد نجيب، وجمال عبدالناصر، وأنور السادات، وقائد الجيش، اللواء عبدالحكيم عامر، كان من ضمن الكتيبة شخصيات كانت لها دور بارز في نجاح الثورة.

ومن ضمن هذه الشخصيات، العقيد الراحل، يوسف الصديق، الذي كرمه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بمنح قلادة النيل لأحد رموز ثورة 23 يوليو.

قصة يوسف الصديق مع الثورة

 

بدأت قصة يوسف مع الثورة قبل ليلة 23 يوليو سنة 1951 حينما زاره الضابط وحيد رمضان الذي عرض عليه الانضمام للضباط الأحرار وأطلعه على برامجهم والتي كانت تدعو للتخلص من الفساد وإرساء حياة ديمقراطية سليمة فوافق.

حسب خطة الضباط الأحرار، ومجلس قيادة الثورة، تم تكليف وإسناد قيادة الكتيبة الأولى مدافع ماكينة ليوسف الصديق، وقبل الموعد المحدد بقليل تحرك البكباشي يوسف صديق مع مقدمة كتيبته مدافع الماكينة من العريش إلى مقر الكتيبة الجديد في معسكر هايكستب قرب مدينة العبور ومعه معاونه عبد المجيد شديد.

اجتمعت اللجنة القيادية للثورة وقررت أن تكون ليلة 22-23 يوليو 1952 هي ليلة التحرك وأعطيت الخطة اسماً كودياً 'نصر' وتحددت ساعة الصفر في الثانية عشرة مساء إلا أن جمال عبد الناصر عاد وعدل هذ الموعد إلى الواحدة صباحاً وأبلغ جميع ضباط الحركة عدا يوسف صديق لكون معسكره في الهاكستيب بعيد جدا عن مدى تحركه ذلك اليوم فآثر انتظاره بالطريق العام ليقوم برده إلى الثكنات.

ويروي الكاتب والمؤرخ أحمد حمروش، من الضباط الأحرار، أن لتعديل هذا الموعد المحدد للانطلاق، سببا كبيرا في نجاح الثورة، حيث كان قد تم إبلاغ يوسف صديق أن ساعة الصفر هي 2400 أي منتصف الليل وليست الواحدة صباحا وهو الموعد الذي تم التعديل له دون إمكانية تبليغ يوسف بالتعديل.

يوضح حمروش، أن يوسف الصديق، كان قائداً ثانياً للكتيبة مدافع الماكينة ولم يخف الموقف على ضباطه وجنوده، وخطب فيهم قبل التحرك وقال لهم إنهم مقدمون هذه الليلة على عمل من أجل الأعمال في التاريخ المصري وسيظلون يفتخرون بما سيقومون به تلك الليلة هم وأبناؤهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم.

تحركت القوة من معسكر الهايكستب دون أن تدري ما يدبر في مركز القيادة، وكان يوسف صديق راكباً عربة جيب في مقدمة طابور عربات الكتيبة المليء بالجنود وما أن خرجت القوة من المعسكر حتى فوجئت باللواء عبد الرحمن مكي قائد الفرقة يقترب من المعسكر فاعتقلته القوة بأوامر من يوسف صديق وتم اقتياده بصحبة طابور القوة بسيارته التي يرفرف عليها علم القيادة محصورا بين عربة الجيب التي يركب بها يوسف في المقدمة والطابور وعند اقتراب القوة من مصر الجديدة صادفت أيضاً الأميرالاي عبد الرؤوف عابدين قائد ثاني الفرقة الذي كان يسرع بدوره للسيطرة على معسكر هايكستب فأمر يوسف صديق أيضا باعتقاله وأركبه إلى جانب اللواء المعتقل من قبل بنفس سيارة اللواء وساروا مع القوة والمدافع موجهة عليهما من العربات الأخرى.

ولم تقف الاعتقالات عند هذا الحد، فقد فوجئ يوسف ببعض جنوده يلتفون حول رجلين تبين أنهما جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وكانا حسبما روي يوسف في ملابس مدنية، ولما استفسر يوسف عن سر وجودهما حدث جدل بين جمال عبد الناصر ويوسف صديق حيث رأى جمال خطورة تحرك يوسف قبل الموعد المحدد ضمن الخطة الموضوعة سابقا للثورة على أمن ضباط الحركة الأحرار وعلى إمكانية نجاح الثورة ورأى رجوعه إلى الثكنات لكن يوسف صرح له أنه لم يعد يستطيع العودة مرة ثانية دون إتمام العمل وأن الثورة قد بدأت بالفعل حينما قامت قوة يوسف بالقبض على قائده اللواء عبد الرحمن مكي ثم الأميرالاي عبد الرؤوف عابدين (قائده الثاني) وقرر أنه مستمر في طريقه إلى مبنى قيادة الجيش لاحتلاله ولم يكن أحد يعلم على وجه اليقين ما يتم فـي رئاسة الجيش، حيث كان خبر الثورة قد تسرب إلى الملك الذي أبلغ الأمر للقيادة لاتخاذ إجراء مضاد على وجه السرعة وكانت قيادة الجيش -التابعة للملك- مجتمعة في ساعته وتاريخه تمهيدا لمواجهة الثورة.

جدال بين الصديق وعبدالناصر

ووفقا أحمد حمروش، حسم يوسف صديق الجدل بينه وبين جمال حينما أصر على مواصلة طريقه لاحتلال القيادة وأغلب الظن اتفق الطرفان على ذلك لأن جمال عبد الناصر الذي استمر يراقب التحركات عن كثب وجه بعد ذلك بقليل بإرسال تعزيزات من أول الأجنحة التابعة للثورة التي تحركت في الموعد الأصلي اللاحق لمساندة يوسف بعد أن قام يوسف صديق مع جنوده باقتحام مبنى القيادة العامة للجيش والسيطرة عليه بالفعل.

بعد هذا اللقاء وفي الطريق أعد يوسف خطة بسيطة تقضي بمهاجمة مبنى قيادة الجيش وبالفعل وصل يوسف إلى المبنى وقام يوسف صديق وجنوده باقتحام مبنى القيادة بعد معركة قصيرة مع الحرس سقط خلالها اثنان من جنود الثورة واثنان من قوات الحرس ثم استسلم بقية الحرس فدخل يوسف مع جنوده مبنى القيادة وفتشوا الدور الأرضي وكان خالياً، وعندما أراد الصعود إلى الطابق الأعلى اعترض طريقهم شاويش حذره يوسف لكنه أصر على موقفه فأطلق عليه طلقة أصابته في قدمه.

وعندما حاول فتح غرفة القادة وجد خلف بابها مقاومة فأطلق جنوده الرصاص على الباب ثم اقتحموا الغرفة، وهناك كان يقف الفريق حسين فريد قائد الجيش، والأميرالاي حمدي هيبة وضباط آخرين أحدهم برتبة عقيد وآخر غير معروف رافعين منديلاً أبيضاً، فتم القبض عليهم حيث سلمهم لليوزباشي عبد المجيد شديد ليذهب بهم إلى مبنى الكلية الحربية.

وفي فجر 25 يوليو تحرك عدد من قادة الثورة ومنهم يوسف صديق وحسين الشافعي وعبد المنعم أمين ليواجهوا الملك فاروق الذي كان متمركزاً مع أعوانه، ثم عاد الشافعي ويوسف إلى الإسكندرية في طائرة هليكوبتر مع أنور السادات وجمال سالم ومحمد نجيب وزكريا محي الدين. وفي أغسطس 1952 دخل يوسف الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار مع محمد نجيب وزكريا محي الدين.

حسن عمار: ثورة 23 يوليو نقطة فارقة في تاريخ النضال الوطني

محافظ بورسعيد يهنىء الرئيس السيسي بذكرى ثورة ٢٣ يوليو