حوار| فاروق حسني لجريدة الأيام البحرينية: الثورة التكنولوجية مكنت العالم من الإطلاع على رواد الفن التجريدي

أجرت الناقدة شريفة يتيم حوارا مع الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق نشر اليوم، السبت ١٥ يناير، فى جريدة الأيام البحرينية  ٢٠٢٢، على هامش افتتاح معرضهُ الثاني في مملكة البحرين، والذي احتضنه ««مركز الفنون»، بعد معرضه الأول الذي استضافته المملكة عام 1992.

وقالت شريفة يتيم عن فاروق حسني، إنه إرثٌ وطني، وتاريخٌ حافل، ومسيرةٌ ملأى بالإنجازات التي سيخلدها تاريخ مصر الحديث، وتاريخ الفن التشكيلي في الوطن العربي.

كما وصفته بأنه فنانٌ عالمي، تجولت أعماله الفنية في معارض فردية، حازت على قبول منقطع النظير في المتاحف، وصالات العرض بالولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وإيطاليا، وفرنسا، والكثير من دول العالم. فمنذُ أن غادر الفنان حسني أرض مصر إلى إيطاليا، ليتمم ما تعلم في جامعات مصر، على مدة الـ18 عامًا، ولينهل ويتعلم عن قرب، ويطلع على فنون الغرب وثوراته، ومدارسه الفنية في عالم الفن التشكيلي.

وإلى نص الحوار:

تُسقط انفعالاتك بلغة التجريد والتعبير اللوني على اللوحة التي تثير في النفوس حالاتٍ من الدهشة والسؤال.. كيف يمكن أن توصل هذه الانفعالات، وما تود التعبير عنه للمتلق العادي؟

إن كثافة المعرفة، وعمق الاطلاع على شتى الفنون، لهُ الدور الأكبر في قراءة اللوحة الفنية التجريدية، فالمدرسة التجريدية لم تأت من فراغ، كما أن الفراعنة الأوائل، عبر تجريد الكتل في أعمالهم، وإسقاط الرموز عليها -كما نرى في المسلة المصرية، ومجسم أبو الهول - مارسو عملاً رمزيًا وتجريديًا.

ما رأيك، هل فتحت المدرسة التجريدية الباب على مدارس فنية أخرى أم أغلقتهُ على ما سبقها من مدارس؟

لكل مذهبٍ فني جماليته وتأثيره على جمهوره، من حيث اللغة البصرية، والموضوع. وعن نفسي، أعتنق التجريد الذي أصب من خلاله مشاعري، وطاقاتي، وأحاسيسي، كرموز تعبيرية، أطلقها باللون على اللوحة الفنية، حيثُ أصبح فن التجريد أسلوب حياة، وقد تقبله الوعي الثقافي العالمي، وأضحى مذهبًا فنيًا في مختلف الدول، خاصة المتقدمة.

أما المدارس الفنية الأخرى، كالأنطباعية، والسريالية، والرومنسية، والوحشية، وغيرها، فلكل مدرسة قيم جمالية مؤثرة، تستنطق بمفرداتها الفنية الجوانب التصويرية، ولكن التجريد هو لغة تتعامل مع الروح مباشرة، ويأتي نتاجها عبر مخزون عاطفي وثقافي وروحي، يتلون تبعاً للفكرة، وجماليتها في مناخات مألوفة وغير مألوفة، وحس مرهف وشاعري، نلمسهُ في ذات الفنان.

كيف ترى مستقبل الفن التجريدي؟

إن انتشار الوعي الثقافي عبر ثورة الاتصالات في العالم، مكن العالم من الاطلاع على رواد الفن التجريدي، والذين تركوا بصماتهم، وتم اقتناء لوحاتهم في مختلف الأنحاء، خاصة في أمريكا والغرب عموماً، أمثال الفنان الأمريكي العالمي جاكسون بولوك، والفنان وليم دكوني، ورائدة الفن التجريدي الحر، جوان ميشيل، ورواد آخرون، لكلٍ منهم بصمته الخاصة في أعمالهم التي اجتاحت العالم، وباتت متداولة، وتشكلت حولهم جماهير تقتنيها.

 بين التجريد والموسيقى علاقة، حدثنا عن هذه العلاقة، وعن علاقتك بالموسيقى؟

لقد ربط التجريديون فنهم بالموسيقى السمعية، عن طريق مفردات لونية، تهبط وترتفع في تناغمٍ لوني. أما أنا فاستمع لموسيقى الصحارى، والأديرة، والموسيقى الكلاسيكية، وأقوم بتفكيك مفردات هذه النوتات الموسيقية، وتحويلها إلى نوتات ومفرادت لونية، في كتلٍ ومساحاتٍ تتشكل عبرها اللوحة الفنية.

كيف يمكن للفنان تعميق مفهوم الحرية عبر إضافة الفكرة مع الإبداع في اللوحة الفنية؟

جمالية الفن تكمن في كونه إخراج الطاقات الدفينة من مشاعر، وأحاسيس، على شكل إسقاطات لونية، وهي الدوافع التي تترك مكنونها الداخلي في الفنان، ليعبر عبر مزيج ألوانه بالفكرة التي تراوده بحريةٍ تامة، تاركًا للمتلقي تفسير وترجمة العمل، بمنظوره وحسه الخاص.

ماذا عن فلسفة العمل الفني؟

لا يجب أن يُحمل الفن التشكيلي أعباءً لا يحتملها، ولا أرى بأن هناك فلسفة، بل هو تعبير، ومشاعر تأتي عبر طاقة حسية يتصيدها الفنان من صرخة الفضاء الكوني، ليخرجها عبر مشاعره ويسقطها على أعماله، عبر التعبير الرمزي المرتبط بالموسيقى البصرية، التي تتسع مدلولاتها ورموزها من حيث التشكيل على فهم المغزى لمعانٍ غارقة بمدلولات جمالية، تتأقلم مع الداخل والخارج، وتتسم بتراكيب تفترش اللوحة التشكيلية، بعناصر لونية، لإضفاء صفة الغموض، والرمزية الخاصة التي تروي حكايات الموسيقى البصرية.

ما رأيك، كيف يشكل الفنان بصمتهُ التشكيلية؟

من الضروري أن يكون لكل فنان هوية تميزه عن غيره من الفنانين. ولا يتأتى ذلك إلا من خلال كثافة العمل الفني، والاطلاع الثقافي، الذي يعودُ لهُ الدور الأكبر في تكوين الفنان لهويته وبصمته الفنية، والتي تبرز عبر أعماله، خاصة ونحنُ في خضم زخمٍ فكريٍ ثقافي، تفرضه العولمة، إذ يمكنُ للفنان، حتى في هذا الزخم، أن يشكل هويته، لتكون بارزةً في لوحاته وهي تتصدر صالات العرض.

فاروق حسني فاروق حسني

 

افتتاح معرض فاروق حسني في البحرين بحضور وزراء ودبلوماسيين

فاروق حسني يحضر افتتاح معرض حنين للفنان البحريني خالد فرحان