عمرو الخياط يكتب: معصوم فى عصمة الدولة
سريعا ما تداولت الأخبار واقعة القبض علي السفير السابق معصوم مرزوق، الرجل اتخذ إجراءً معلناً توصيفه القانوني الدعوة للخروج علي الدولة، معصوم سبق أن أعلن آراءه المعارضة مرات عديدة ولم يقترب أحد منه، لكنه قرر مواصلة الحركة نحو دعوة عامة للخروج ضد الدولة المدهش أنه لم تصدر عنه دعوات مماثلة من أجل خروج ديمقراطي وقانوني خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا، وهنا يثار السؤال لماذا لا بد أن يكون الخروج علي القانون وليس من أجله ؟.
سلوك الرجل يبدو أنه يثبت نظرية لابد أن تتحول لقاعدة سياسية »المعارضة تحقق النجومية المجانية وأن تظل تعرف ما لاتريد ولا تعرف ماتريد ذلك أفضل جدا».
معصوم الآن يخضع للقانون أمام جهات التحقيق، فهو الداعي للخروج علي الدولة والآن هو في عصمة الدولة، معصوم لم يعصمه تاريخه من الوقوع تحت طائلة القانون، فالدبلوماسي السابق الذي قضي عمره في دولاب الدولة قرر أن يكون ناشطا بعد التقاعد، أين كان نشاطه عندما كان موظفا عاماً في محافل الدبلوماسية المصرية ؟!.
في عام ٢٠٠٦ زار معصوم نيجيريا ممثلاً لوزير خارجية مبارك وقتها حرص علي أن تكون كل تصريحاته حصرية لقناة الجزيرة رغم وجود مندوب لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، لا أدري هل سلوكه الظاهر الآن امتداد لعلاقة خفية قديمة مع قطر وقناة الجزيرة ؟!، هل لذلك علاقة بأنه حرص علي أن تكون قنوات الإخوان هي وسائل اتصاله ؟!، أين كان معصوم خلال فترة حكم العصابة الإخوانية ؟، لم نسمع له صوتاً أم أنه كان معصوما من الرجس الثوري والآن زالت هذه العصمة بعدما أصبح الخروج علي الدولة عملاً ثورياً طاهراً؟!.
إذا افترضنا وجود استجابة لدعواته هل له أن يخبرنا كيف يمكن ألا نضمن أن تستغل كمناورة إخوانية؟، هل له أن يخبرنا ما إذا كانت دعوته من أجل الخروج علي النظام أم من أجل الخروج علي الإرادة الشعبية التي جددت نفسها في الانتخابات الأخيرة؟.
لماذا يجب أن تكون الحركة دائماً في اتجاه الخصم من رصيد التوافق الاجتماعي والسياسي، لماذا لا تكون إثراءً لهذا الرصيد ونحن حتما علي أبواب استحقاق برلماني ثم رئاسي؟، سنوات معدودات تشهد زخما هائلا.
معصوم نموذج لحالة من النضال الشفهي غير المستند لأي قاعدة شعبية بل يفتقد للطرح البديل أو الرؤية المستقبلية، أم أنه مدرك لما يفعل من أجل صناعة سياج سياسي جديد لمظلومية إخوانية مكذوبة تهدف لتوسيع مساحاتها وتصفية حساباتها مع الشعب المصري
ماذا لو كانت دعواته عملاً سياسياً خالصاً يملك رؤية حقيقية قادرة علي تصويب مايراه من أخطاء؟
معصوم كان كاتبا لمقالات بجريدة الاهرام في الولاية الأولي للسيسي لم يقدم خلالها أي طرح منطقي، لا أدري كيف أثر العمل في السلك الدبلوماسي علي تكوين الرجل فاحترف السياسة من باب الهواة في أرذل العمر؟، الآن تلتف حوله جماعات النضال الإلكتروني لمواساته عبر حساباتهم الشخصية ثم سرعان ما يعودون إلي حياتهم ومشاغلهم الشخصية، هل هناك من بينهم من هو مؤمن بتلك الدعوة فقرر أن يحمل الراية ويستكمل المسيرة.. سنري!!
إذا افترضنا أن الاستجابة لدعوات معصوم قد حدثت ونزل بعض الشباب إلي الميادين فطبقت الدولة عليهم قانون التظاهر بعدما وضعوا أنفسهم تحت طائلة القانون، ماذا كان سيفعل مرزوق غير تحيتهم إلكترونيا ومواساتهم من مكتبه المغلق؟.
معصوم الآن أمام جهات التحقيق يمكنه جداً أن تتحول أقواله إلي رسائل قانونية للدولة، أن تتحول اقواله إلي وثيقة نضال مدفوع الثمن.
أتمني علي النيابة العامة أن تعلن ماورد بأقواله للراي العام لعل أنصاره ومحبيه يقتبسون نوراً من نضاله، لا أدري كيف ستكون صدمتهم إذا اكتشفوا تراجعاً.. لست أدري.
إذا أصر معصوم علي دعوته فعليه أن يبررها قانوناً أمام النيابة ويتحمل ضريبة النضال الذي عادة ما يكون اختيارياً لكن نتائجه تكون إجبارية، عليه أن يستغل الفرصة ليكون أيقونة للنضال ومثلاً وقدوة قابلة ان تكون مشروعاً حقيقياً.
اذا تراجع في التحقيقات فعليه أن يعلن ذلك ويبرر لماذا أراد الزج ببعض الشباب في مواجهة هو أساسا تراجع عنها، وهل بدأها قبل أن يقيمها تقييماً حقيقياً؟، هل بدأها دون قناعة كاملة بها ؟، هل بدأها من اجل الاستعراض الإعلامي ؟.
هذا ما يحدث عندما تُمارس السياسة في أوقات الفراغ.
نقلا عن صحيفة أخبار اليوم