عم محمود.. 43 عامًا في تلميع الأحذية ولا يزال متمسكا برزقه الحلال

في أحد شوارع القاهرة، وتحديدًا في شارع المبتديان، يجلس 'عم محمود' على الرصيف، صندوق تلميع الأحذية أمامه، وعيناه تحملان نظرة رضا قلما تجدها في هذا الزمن.

بعد 43 عامًا قضاها في محل لتصليح الأحذية، اضطر لمغادرته بسبب ارتفاع الإيجار، لكنه لم يستسلم للظروف، بل قرر أن يواصل عمله على الرصيف المقابل للمحل، متمسكًا بمصدر رزقه الحلال.

رحلة كفاح بدأت منذ الصغر

التقى برنامج 'ساعة الفطار' بعم محمود الذي يعود أصل إلى محافظة أسيوط، لكنه انتقل للعيش في القاهرة منذ عقود، حيث استقر في حي السيدة زينب.

وقال عم محمود خلال لقائه مع الإعلامى هاني النحاس على ببرنامج 'ساعة الفطار' المذاع على قناة صدى البلد، أنه بدأ عمله في محل إصلاح الأحذية منذ صغره، واكتسب خبرة كبيرة في هذا المجال، حتى صار وجهًا مألوفًا لزبائن المنطقة، لكن مع تغير الظروف الاقتصادية وارتفاع تكلفة الإيجارات، أصبح استمرار عمله داخل المحل أمرًا صعبًا، فاضطر لمغادرته.

العمل على الرصيف بدلًا من البطالة

لم يفكر عم محمود في الجلوس دون عمل أو انتظار المساعدة، بل قرر أن يأخذ صندوقه الصغير، ويجلس على الرصيف المقابل للمحل ليكمل عمله.

يفتح يوميًا في العاشرة صباحًا ويواصل العمل حتى الرابعة عصرًا، ثم يعود إلى منزله في حلوان، حيث يسكن حاليًا انتظارًا لاستلام وحدته السكنية في مشروع 'روضة السيدة'.

إصرار وقناعة

عم محمود لديه ثلاثة أبناء، جميعهم أنهوا تعليمهم وتزوجوا، لكنه لا يعتمد عليهم في مصاريفه، فهو يرى أن كل إنسان مسؤول عن بيته. ورغم أن دخله اليومي لا يتجاوز 80 إلى 100 جنيه، إلا أنه قانع وسعيد برزقه، مؤمنًا بأن البركة في القليل.

لماذا لا يحزن عم محمود؟

خلال لقائه في برنامج 'ساعة الفطار' الذي يقدمه الإعلامي هاني النحاس على قناة صدى البلد، سئل عم محمود عما إذا كان يشعر بالحزن بعد مغادرته المحل الذي قضى فيه أكثر من أربعة عقود، فأجاب بثقة: 'الزعل مش هيجيب حاجة.. الرزق بيد الله، وأنا راضي بحالي وسيبتها على الله.'

بأخلاقه الرفيعة، لا يرفض عم محمود تلميع أحذية من لا يملكون المبلغ كاملاً، فهو يراعي ظروف الناس كما راعت الظروف حاله.

يقول بابتسامة: 'لو حد قال لي ما معاييش غير 5 جنيه، همسحهاله.. المهم إنه يكون رايح شغله بشياكة.'