عيد الشرطة الـ 71..قصة ملحمة قدمها أبطال مصر في معركة الإسماعيلية

أرواحهم جسدت معاني التضحية والفداء لتكون شاهدة على أن المصري بما يحمله سمات العزيمة والإصرار والفداء وحب الوطن لا تتزعزع، فقبل 71 عاما، أبى شرطيون مصريون الاستسلام لأوامر المحتل البريطاني بمحافظة الإسماعيلية الذي كان يطمع في الاستيلاء على أسلحة ضباط الشرطة المصريين ليصوبها نحو المدنيين الذين ضاقوا بما فعله الاحتلال في بلادهم، ليشتعل غضب المحتل البريطاني الذي صوب مدافعه تجاه ضباط شرطة الإسماعيلية الذين سطروا بدمائهم الذكية معركة بطولية تتحاكها الأجيال مع مطلع كل عام يوم الـ25 من شهر يناير.

تضحيات رجال الشرطة

50 شهيد من رجال الشرطة بخلاف الجرحى  سقطوا بعد محاصرة 7000 جندى بريطانى مبنى محافظة الإسماعيلية والثكنات التى كان يدافع عنها 580 جندى فقط، ما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة، التي دافعت ببسالة عن أرضها بقيادة الضابط مصطفى رفعت.

معركة الإسماعيلية

بداية المعركة، بعد زيادة العمليات الفدائية ضد المحتل بمنطقة القناة، بالتزامن مع ترك أكثر من 91 ألف عامل مصري معسكرات البريطانيين للمساهمة في حركة الكفاح الوطني، كما امتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية.

وجاءت تلك الأعمال بعد استجابة حكومة الوفد، لمطلب الشعب بإلغاء معاهدة 1936‏،‏ حيث أعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس، في مجلس النواب، يوم 8 أكتوبر 1951، إلغاء المعاهدة، التي فرضت على مصر الدفاع عن مصالح بريطانيا.

وأزعجت تلك الأفعال حكومة لندن، فهددت باحتلال القاهرة، إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، غير أن الشباب لم يهتم بهذه التهديدات ومضوا في خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربي البريطاني، واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة‏.‏

25 يناير وبسالة الشرطة المصرية

وفي صباح يوم الجمعة، الموافق 25 يناير عام 1952، استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة 'البريجادير أكسهام'، ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية، أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن مبنى المحافظة ومنطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة.

وجاء هذا الإنذار بعد أن أدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة‏،‏ لذا خطط الاحتلال على تفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من الاستفراد بالمدنيين وتجريدهم من أي غطاء أمني‏.

غير أن قوات الشرطة المصرية رفضت الإنذار البريطاني، وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية، في هذا الوقت، والذي طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، ليشتد غضب القائد البريطاني في القناة، ويأمر قواته بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية، وإطلاق النيران مدافعهم بطريقة وحشية لأكثر من 6 ساعات، في الوقت التي لم تكن قوات الشرطة المصرية مسلحة إلا ببنادق قديمة الصنع.

استشهاد 50 من رجال الشرطة

وحاصر أكثر من 7 آلاف جندي بريطاني مبنى محافظة الإسماعيلية، والثكنات التي كان يدافع عنهما 850 جنديا فقط، مما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة، التي دافعت ببسالة عن أرضها بقيادة الضابط مصطفى رفعت، حتى سقط منهم 50 شهيدًا والعديد من الجرحى الذين رفض العدو إسعافهم.

وأجبر تصدي الشرطة المصرية لقوات الاحتلال واستبسالهم حتى اللحظة الأخيرة في الدفاع عن الوطن، قرر الجنرال الإنجليزي اكسهام، منح جثث شهداء الشرطة التحية العسكرية عند إخراجها من مبنى محافظة الإسماعيلية، اعترافًا بشجاعتهم في الحفاظ على وطنهم.

مصطفى رفعت قائد معركى الإسماعيلية

قدم اليوزباشي مصطفى رفعت معركة بطولية في الإسماعيلية قبل 71 سنة أمام قوات الاحتلال الإنجليزي، ليصنع مع باقي أبطال الشرطة ملحمة تاريخية كبرى.

تأثر 'مصطفى رفعت' بالأحداث الوطنية التي شهدتها مصر بعد إلغاء معاهدة 1963، حيث تم إرساله في بعثة دراسية إلى لندن لمدة 6 أشهر على اعتبار أنه مدرس بكلية البوليس (كلية الشرطة).

وعندما عاد ظهرت حركة الفدائيين وتطوع بها لتدريب المقاومة في القناة، وكان معه عبدالكريم درويش، وصلاح ذوالفقار الذي أصبح نجما سينمائيا بعد ذلك، وطلب 'رفعت' نقله إلى الخدمة في الإسماعيلية، وخلال تلك الفترة وقعت معركة الإسماعيلية وكان وقتها يوزباشي (نقيب).

وفوجئ في الخامسة صباح الجمعة 25 يناير 1952 أن الضباط معه في الخدمة أخبروه أن قوات الاحتلال تطلق النيران على المحافظة، فنزل مع ضابطين وباقي القوة وتوجهوا لمساندة القوات المصرية.

وأثناء تلك الملحمة الشعبية التي صمدت فيها قوات الشرطة المصرية ببنادقهم الخشبية أمام الاحتلال البريطاني، تلقى 'رفعت' اتصالًا تليفونيًا من فؤاد سراج الدين، وكان يشغل منصب وزير الداخلية، ليؤكد له البطل: 'لن نستسلم يافندم، وسنظل في مواقعنا'.

عقب نهاية المعركة، نادى عليه أكسهام القائد البريطاني بمنطقة القناة، وأشاد ببطولته، رغم اعتقاله وعزله من عمله بالبوليس، قبل أن يعيده الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تكريما له، ويمنحه وسام الجمهورية، ويعود إلى كلية الشرطة ليدرس للطلبة الفروسية.

وبعد مسيرة رائعة تقاعد 'رفعت'، حتى وفاته في 13 يوليو 2012، حزنًا على الفوضى التي شهدتها مصر، بعد 'يناير 2011'، قائلًا لأفراد أسرته أنه 'لو يستطيع النزول لإعادة الاستقرار إلى مصر مرة أخرى رغم كبره في السن فلن يتأخر أبدًا.

التعليم تكشف حقيقة توقف الامتحانات في إجازة عيد الشرطة

‎أوفى الرجال.. وزارة الداخلية تطلق ثالث الأغاني بمناسبة احتفالات عيد الشرطة

الداخلية تشارك مع «قادرون باختلاف» في احتفالات عيد الشرطة بوادى الفروسية.. فيديو