فاتن عبد المعبود تكتب: حتى يغيروا ما بإنفسهم

في قراءة التاريخ استخلاص العبرة والحكمة ،والقدرة على التنبؤ بالمستقبل  ،فالقارئ الجيد هو القادر على ربط الحاضر بالماضي، واستشراف المستقبل .

التاريخ دائما يتحدث أن قوة وصلابة الدولة المصرية على مدار تاريخها ليست مواردها  وثرواتها الطبيعة، وإنما عقول أبناءها التي استطعت في أحلك الظروف ،ولحظات الضعف والاضمحلال أن  تتخلص من كل الصعاب ،وتعود للبناء والتعمير والتحضر .

ثوابت الشخصية المصرية تكمن في الأصالة ،والفنون والثقافة، التي استطاعت أن تتشرب الثقافات المختلفة بل وتندمج معها لتعطى بريقا جديدا لثقافتنا دون أن نترك أصالتنا وهويتنا .

كم مر علينا من حملات وغزوات وحروب واستعمار من هنا وهناك كل هذا انصهر داخل المجتمع المصري بعزيمتنا وصبرنا وقوتنا .

المواجهة اليوم صعبة  وليست هينة لأنها تضرب في ثوابت عقولنا وإنسانيتنا .

الثابت الأول هو محاولة ضرب وتشويه الدين واستغلاله في أحداث الفرقة والبلبلة والخلط بين مفهوم صحيح الدين والمفاهيم المغلوطة التي أفرزت الفكر المتطرف ،وجعلت رجال الدين الحقيقيين في صراع لسد ودحض هذه الأفكار، ولم تترك فرصة حقيقية لإفساح المجال  للمساهمة في بناء المجتمعات وحملات التنوير والتثقيف التي أنقذت مصر في أحيان كثيرة على مر التاريخ .

والأمر الثاني هو تشويه التاريخ ومحاولات القفز على الأحداث وتشويه القادة والزعماء  والقدوة والنماذج الناجحة اللذين كان لهم دور في بناء تلك الأمة فحين يشوه التاريخ يتوارى الفخر بالأصالة ، وتضيع الهوية وتشوه الشخصية المصرية .

والى الفنون التى اشتهرت بها مصر منذ أجدادنا العظماء الذى يقف أمامهم العالم حتى اليوم احتراما وانبهارا بما شيدوه من فنون العماره والغناء والشعر والأدب لنصل الى ان يصبح الفن سلعه فقط ،بعدما كان غذاء النفوس والوجدان ،ونقاء القلب ،وعنوان الرحمة والتسامح والامل والتفاؤل ،فلا نتعجب مما يحدث لنا الان وما نشاهده من احداث لم تكن تخطر لنا على بال .

علينا ان نستعيد وبسرعة ثوابتنا التى نتكئ عليها ونحافظ على ما وصلنا اليه فى السنوات الاخيرة لنصل الى بناء جمهورية جديدة لا يتسع فيها  المكان للمنافقين والمغرضين واصحاب المصالح والمنافع .

هناك رغبة حقيقية من القيادة السياسية نراها فى كل حديث للرئيس عن الانسان والسعى لبناء شخصيته  وتوجيهه لمؤسسات الدولة لهذه المهمة الخطيرة والقيام بدورها الفعال المحقق لنتائج نلمسها على ارض الواقع  .

فلنخلص النوايا ونعود سريعا لما تربينا عليه وما يجب ان نربى ابناءنا عليه فلا احد يعرف ماذا سيحمل لنا الزمن .

(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بإنفسهم )

صدق الله العظيم