في الذكرى الـ53 لرحيله.. دموع إسماعيل ياسين تكشف عن كفاح مرير قبل النجومية

في الذكرى الثالثة والخمسين لرحيل أسطورة الكوميديا المصرية، إسماعيل ياسين، التي تحل اليوم، نستحضر جانباً إنسانياً مؤثراً من حياته، كشف عنه بنفسه في لقاء نادر، حيث لم يتمالك دموعه وهو يسرد تفاصيل رحلة كفاحه القاسية قبل أن يصبح 'أبو ضحكة جنان' الذي أحبه الملايين.

أنا من مدينة السويس.. هكذا بدأ ياسين حديثه بصوت متهدج، مسترجعًا ظروف نشأته الصعبة التي دفعته للهروب إلى القاهرة في السابعة عشرة من عمره، حاملاً معه ستة جنيهات أخذها من والدته، مدفوعاً بحلم أن يصبح مطربًا بعد أن أقنعه البعض بجمال صوته، لكن الحلم اصطدم بواقع مرير، حيث وجد معهد الموسيقى مغلقاً في الصيف.

إسماعيل ياسين

وسرعان ما تبددت الجنيهات القليلة، ليجد الفتى الطموح نفسه مشرداً في شوارع القاهرة لا يعرف إلى أين يذهب، لجأ إلى أقاربه، فكان استقبالهم صادمًا: 'جاي ليه؟' بل ورفضوا فكرة أن يكون بينهم مطرب، قائلاً بمرارة: 'قال يعني المطرب ده مثلاً تقول مخدرات ولا بتاع'.

هذه المعاملة القاسية دفعته لتركهم، لتبدأ رحلة التشرد الحقيقية، 'بقيت محتاس في مصر أروح فين آجي منين، خلصت الفلوس بقيت ماشي في الشوارع'.

لم يجد ياسين مأوى سوى المساجد، متنقلاً بين مسجد السيدة زينب، الذي كان إمامه 'يرفسني برجله كده يقولي قوم'، ثم مسجد 'مراسينا' حيث استيقظ ذات ليلة على اتهامه بسرقة طقم شاي من قبل أحد القائمين على المسجد، لكن شيخ الجامع الطيب تعاطف معه بعد أن سرد له قصته، وأعطاه 35 قرشاً ليعود إلى السويس، بعد أن غسل له ملابسه حتى لا يرى والده ابنه في هيئة مزرية.

إسماعيل ياسين إسماعيل ياسين

كانت العودة للسويس تحمل صدمة أخرى، حيث وجد والده، الذي كان يملك محلاً كبيراً، قد ضاقت به الحال وأصبح يعمل في محل صغير بيده كصائغ 'دقي'، هذا المشهد، كما اعترف ياسين، كاد أن يجعله يبكي، 'جالي شبه هستيريا وبقيت أعيط'.

واختتم ياسين حديثه، الذي امتزجت فيه الدموع بالصدق، معتبراً أن ما وصل إليه من نجاح وشهرة ربما كان مكافأة إلهية على ما تحمله من 'تعب والبهدلة والشقا والمرمطة حتى إني وصلت إلى هذا، ولذلك ربنا بيديني'.

رحل إسماعيل ياسين تاركاً إرثاً خالداً من الضحك، ولكن خلف هذه الضحكات كانت هناك قصة كفاح ملهمة، ودموع صدق تروي رحلة إنسان عصامي تحدى الصعاب ليصنع مجده بنفسه.