كاترين بيريز شاكدام.. صحفية فرنسية تحجبت لخداع الإيرانيين والتخابر لصالح إسرائيل

وسط ضجيج المشهد السياسي الإيراني، تصدّر اسم الكاتبة الفرنسية كاترين بيريز شاكدام عناوين الأخبار والنقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما تفجّرت مزاعم مثيرة بشأن كونها "جاسوسة محتملة للموساد الإسرائيلي". القصة التي بدأت بصفتها صحفية محجبة متعاطفة مع النظام الإيراني، تحوّلت فجأة إلى سردية مختلفة تمامًا، تطرح أسئلة مقلقة حول الاختراقات الإعلامية والسياسية في إيران.

برزت شاكدام في الأوساط الإعلامية الإيرانية خلال العقد الماضي، حيث كسبت ثقة الدوائر الرسمية بوصفها صحفية ملتزمة دينيًا ومناصرة للقضية الفلسطينية، وناقدة شرسة لإسرائيل. لم يكن من السهل تجاهل مقالاتها الجريئة التي نُشرت باللغة الإنجليزية في منصات رسمية، من بينها موقع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، والذي استضاف لها 18 مقالاً على الأقل، تضمنت هجومًا عنيفًا على "الكيان الصهيوني" ودعماً للمقاومة.

في عام 2017، كانت لحظة فارقة في مسيرتها، حين أجرت مقابلة مع إبراهيم رئيسي، الذي كان وقتها مرشحًا للرئاسة، وذلك لصالح قناة "روسيا اليوم". لم تمرّ تلك اللحظة مرور الكرام، بل فتحت لها أبوابًا أوسع في الدوائر العليا الإيرانية، حتى رافقت رئيسي في حملته الانتخابية إلى مدينة رشت، في مشهد يعكس حجم الثقة التي حظيت بها.

ولدت شاكدام في فرنسا، واعتنقت الإسلام لاحقًا، ثم انضمت للمذهب الشيعي بعد زواجها من رجل يمني، ما عزز من مصداقيتها أمام النظام الإيراني. ارتدت الحجاب، وظهرت بمظهر المرأة المسلمة الملتزمة، وسافرت إلى طهران بجواز سفر فرنسي، وهو ما مكّنها من الوصول لمواقع حساسة داخل البلاد.

غير أن هذه الهوية لم تكن سوى واجهة، كما تشير مزاعم ظهرت لاحقًا. ففي عام 2022، كشفت وسائل إعلام، من بينها "إيران إنترناشيونال"، عن أن شاكدام عادت إلى ديانتها الأصلية (اليهودية)، وقالت في مقابلة مع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل":

هذه التصريحات صدمت المتابعين، خاصة مع تزامنها مع تقارير تتحدث عن علاقاتها الواسعة داخل إيران، وما قيل عن تقرّبها من عشرات المسؤولين، في وقت ذهب فيه مؤيدو الرئيس الأسبق أحمدي نجاد إلى مزاعم أبعد، تتعلق بعلاقات "شخصية" جمعتها ببعض الشخصيات النافذة، وهو ما نفته تلك الأطراف لاحقًا.

ربما يكون أكثر ما يثير الجدل في سيرة شاكدام، أنها بدأت مسيرتها في الإعلام الإيراني بمقال شديد العداء لإسرائيل حمل عنوان: "الصهاينة يخططون لإبادة الإسلام"، وصفّت فيه الإسرائيليين الذين يصلون في باحات المسجد الأقصى بـ"الكلاب المسعورة". هذه اللغة، التي بدت صادقة في حينها، أعادت طرحها لاحقًا على أنها كانت جزءًا من تلاعبها بالهوية والمواقف.

قضية كاترين بيريز شاكدام باتت الآن مادة دسمة للنقاش، ليس فقط داخل إيران، بل أيضًا في أوساط الأمن والإعلام الغربي. فقد تمكنت هذه المرأة من اختراق وسائل الإعلام الرسمية، والتقرب من أبرز المسؤولين، والسفر برفقة مرشح رئاسي في إحدى أهم المحطات السياسية للبلاد.

وبينما تنفي بعض الجهات الرسمية في طهران وجود علاقة مباشرة بينها وبين مراكز صنع القرار، تبقى حقيقة نجاحها في كسب هذا القدر من النفوذ، مثيرة للتساؤلات حول كيفية إدارة الثقة والمعلومات داخل النظام الإيراني.

 

لا تزال فصول هذه القصة تتكشّف تباعًا، مع غموض كبير يلف مصير شاكدام حالياً، والجهات التي ربما وقفت خلفها. المؤكد حتى الآن، أن كاترين بيريز شاكدام لم تكن فقط صحفية أو معلّقة سياسية، بل كانت في نظر البعض "حصان طروادة" داخل مؤسسات النظام الإيراني.

 

هل ترغب أن أضيف عنوانًا فرعيًا معينًا أو فقرة خاصة بالتحليل السياسي؟