مدبولي : «5 حيتان» دفعوا مليار جنيه للتصالح في مخالفات البناء

قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن هناك 5 مقاولين قاموا بدفع مليار جنيه رسوم في مخالفات البناء بعد بناء عدد يتراوح ما بين 40 إلى 80 برج مخالف.

وأضاف  رئيس الوزراء ، خلال لقاء مفتوح بعدد من الكتاب والصحفيين بضاحية كفّر سعد بالقليوبية، المواطن إنَّ بعض كبار المقاولين قاموا ببناء أبراج مخالفة بكميات كبيرة في فترات سابقة ضاربا المثل في محافظة الإسكندرية بعد دفع البعض مئات الملايين من الجنيهات للتصالح في مخالفات بنائهم.

وأضاف مدبولي أنه تم إلقاء القبض على هؤلاء المقاولين، وتمت إحالتهم للنيابة العسكرية بالفعل وتم تحديد مخالفتهم ودفع أحدهم مبلغ 200 مليون جنيه للتصالح.

وشدد رئيس الوزراء على أن مئات الموظفين تمت إحالتهم للنيابات، وللنيابة الإدارية، مضيفاً: 'إحنا مش جايين على المواطن البسيط'، مضيفًا أنَّ الحكومة بدأت بـ'الحيتان الكبار' الذين تسببوا بالظاهرة.

وخلال كلمته أوضح رئيس الوزراء من خلال فيلم توثيقي لمدينة الخصوص بالقليوبية حجم التعديات والمشاكل التي يواجهها المواطنون وتعمل على إصلاحها الحكومة، خاصة ما يتعلق بمسارات الأمان لإدخال غاز طبيعي على سبيل المثال أو مياه وكهرباء وغاز لمناطق لم تكن ضمن المخططات العامة للدولة ولم يتم اتخاذ الإجراءات الخاصة بالتقسيمات المدروسة بدلا من الجيوب والأزقة الضيقة التي لا تسمح بتوصيل الخدمات لها بشكل آمن لمدينة الخصوص التي تتكدس بأعداد كبيرة من المواطنين .

وقال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء' إنه بسبب معايير وجوانب فنية لا نستطيع توصيل غاز طبيعي في مدينة الخصوص بسبب قلة عرض الشوارع، لأنه لابد من وجود حد أدنى من عروض الشوارع من أجل توصيل الغاز الطبيعي، لأن هناك نسب أمان، وبالتالي تظل هذه المناطق معتمدة على أنبوبة البوتجاز، ومن أجل توصيل المياه والصرف والكهرباء لهذه المناطق التي لم تكن موجودة في الأساس ضمن أي تخطيط للدولة اليوم كيف يمكن إداخل شبكة المواسير التي تتحرك لخدمة هذه المناطق؟.

وأضاف مدبولي - خلال لقاء مفتوح بعدد من الكتاب والصحفيين بضاحية كفّر سعد بالقليوبية لعرض جهود الحكومة فيما يتعلق بعدد من الملفات ومن بينها ملف التصالح فى مخالفات البناء ووقف التعديات على الأراضى الزراعية - أن مدينة الخصوص كانت كلها أراض زراعية ثم وجدنا الزحف العمراني الذي لم ينفذ بتخطيط سليم، واليوم، الأراضي الزراعية والجيوب التي ما زالت موجودة شمال مدينة الخصوص، لو لم يتم أخذ قرار حاسم ووقفة حقيقية لمنع البناء العشوائي سيكون مصير هذه الأراضي خلال بضع سنوات أن تتحول إلى مبان سكنية أيضا.

وتابع' إنه نتيجة أن كل واحد من المواطنين على مدار هذه الفترة كان يبني لأنه يرى من وجهة نظره الاستفادة منه من الناحية الاقتصادية، فيتم بناء عقارات بدون تخطيط ودون ترك مساحة كافية لعمل خدمات، واليوم بسبب عدد السكان الهائل بمدينة الخصوص، هناك نقص شديد في عدد المدارس، الوحدات الصحية والمستشفيات، ونريد عمل محطات للشرب والصرف الصحي من أجل خدمة المدينة.

وقال متسائلا: ما هو الحل؟، سأضطر أن انزع ملكية أحد الجيوب الزراعية الموجودة من أجل وضع مدرسة عليها أو أن أنشئ محطة صرف صحي أو محطة مياه من أجل خدمة هذا العدد الهائل، واليوم من أجل أن أعالج هذه الإشكالية الكبيرة، سأكون مضطر أن آخذ المزيد من الأراضي الزراعية من أجل إقامة عليها خدمات للمواطنين'.

وتابع'بالتأكيد المواطن من حقه أن نطور له في جودة الحياة ومستوى المعيشة، وحتى لو استطعنا توصيل المرافق، هو ليس لديه شبكة شوارع، ولو أردنا ذلك، سنضطر إلى الإزالة، من أجل فقط أن أفتح شبكة شوارع للمواطنين لكي يتحركوا بيسر داخل هذه المناطق، وتخيلوا ما هي حجم الإزالات التي يمكن أن تنفذ وعند الإزالة لابد من توفير بديل للناس'، مشيرا إلى مدى حجم التعديات والتعقيد الشديد الذي نواجهه في مصر من أجل أن نتعامل مع قضية البناء العشوائي والبناء على أراض زراعية'.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء' إن أسهل شيء على القيادة السياسية والحكومة نتيجة لحجم هذا التعقيد وتلك المشكلة أن نغض الطرف ونغمض البصر عن هذه القضية كما كان يحدث في فترات سابقة وعلى مدار عقود كثيرة نتيجة للظروف الاقتصادية والسياسية، ونحن هنا لا نخطئ من سبقونا، ولكن نظرا للظروف التى كانت تمر بها مصر وفي هذه التوقيتات منذ بدء هذه الظاهرة منذ السبعينات يمكن أن تكون فرضت على متخذي القرار والحكومات المتعاقبة أنها لا يوجد لديها البديل ولا القدرة ولا الرغبة في دخول ملف شديد التعقيد بهذا الشكل، وكان من الوارد أن نفكر بنفس المنطق ونقول لماذا نغضب المواطنين ونترك تلك الأزمة ونرجئها لمن يأتي بعدنا'.

وأضاف مدبولي' أنه عندما تم إرجاء تلك الأزمة منذ السبعينات ماذا كانت النتيجة، لو كان هناك وقفة شديدة الصرامة والحزم منذ السبعينات والثمانينات هل كان الوضع سيكون كالآن، ولو أننا صمتنا اليوم ماذا سيكون الوضع بعد 10 أو 20 سنة وماذا سيكون وضع المتبقي من الأراضي الزراعية، وكيف سيكون مستقبل مصر لو استمر هذا النمط من النمو العشوائي'.

وأكد أن الحكومة ليست في معزل عن المواطنين ولكنها موجودة دائما في الشارع وتسمع بصورة يومية ماذا يدور في الأذهان وتساؤلات المواطنين، وقال ' نحن على علم بكل ما يدور بخلد المواطنين كما أننا على علم أيضا بحجم المشكلة وصعوبتها، ولكن الأهم الآن هل هناك توافق على استحالة الاستمرار بهذا الشكل أم لا، هل لابد من ضرورة وقف النزيف الحاصل على كل الأراضي الزراعية'.

واستعرض الصورة التى توضح تكدس البناء بصورة عشوائية وتوضح أيضا مدى عشوائية الشوارع وضيقها مما يمثل صعوبة كبيرة في التعامل مع الكوارث.

وقال ' قامت الدولة منذ 2008 و2009 بتوسيع الأحوزة العمرانية، وكل تلك المدن والقرى تم عمل أحوزة عمرانية جديدة لها'، مؤكدا أنه تم إضافة 160 ألف فدان أراض زراعية لأحوزة المدن والقرى حتى تكفي ل 24 مليون مواطن حتى عام 2030 ، فبالتالي حجم الأحوزة الموجود يكفي حتى عام 2040 و2050'.

وأضاف أن المواطن لم يلتزم مع الحيز العمراني المخطط وهو المفروض أن يكون امتدادا للكتلة القائمة، لأن كل مواطن يريد البناء على أرضه، ومهما تم توسيع الأحوزة ستظل مشكلة البناء خارجه، لذلك تظهر هذه الظاهرة التي نسميها (العزب والمتخللات والتوابع) وهى كتلة خرسانية تبدأ في الظهور وسط الأراضي الزراعية، وعندما يتم توصيل الخدمات والمرافق الرئيسية لتلك العزب نضطر إلى مد شبكات كاملة لمئات الأمتار بتكلفة أضعاف مضعفة لما كان يتم تكلفته لو أن هذه الكتلة نمت بطريقة مخططة، كما يتم أيضا الاستقطاع من الأراضي الزراعية المحيطة بها لتوصيل المرافق إليها.

وقال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء' إنه في 2011 كان عدد العزب والتوابع والكفور 27 ألفا، واليوم أصبح العدد 32 ألفا أي هناك 5 آلاف كتلة مماثلة لهذا الشكل ظهرت في السنوات العشر الماضية، وهذه الكتل تمثل اليوم ضغطا شديدا، وسط حاجة المواطن إلى كل الخدمات'.

وأضاف مدبولي' وصلنا إلى حجم تغطية للمياه على مستوى مصر بنسبة 98.5 % ، والواحد ونصف المتبقية هي هذه النوعية من العزب والتوابع التي تستمر في الظهور، ونحن غير قادرين كدولة أن نلاحق على توصيل الخدمات، وكل ما ننتهي تظهر مجموعة جديدة من العزب وكل ما نقترب من نسبة 100% نفاجئ بوجود بعض التوابع والتجمعات التي تفرض علينا توصيل المرافق'.

وتابع' إنه مع هذه التجمعات السكانية مع الوقت تتحول كل الأراضي الزراعية إلى مبان والحجم يزيد ويطالبون بوجود مدرسة ووحدة صحية، ومن أجل توصيل مياه وصرف من أقرب نقطة التي قد تحتاج إلى ما يطلق عليه 'الروافع'، الأمر يحتاج مساحة نصف فدان على الأقل، ولعمل ذلك سأ ضطر انزع ملكية من أجل خدمة الكتلة المخالفة أصلا'.

وقال مدبولي ' أريد أن أوضح حجم التحدي الكبير التي تواجهه مصر على مدار 40 عاما، وكان من السهل كحكومة أننا لا نتدخل في ملف بهذا الشكل ، لأنه ملف شديد التعقيد ونعلم تماما أنه سيثير العديد من التحديات والشكاوى، لأن المواطن على مدار 40 سنة نشأ على أن هذا هو النمط السائد في البناء لدرجة أنه أصبح البناء غير مخطط يمثل 50 % من الكتلة السكنية لمصر'.

وأضاف' وعندما نعرض صورة مصر للعالم، للأسف لا ينظر إلى الجزء المخطط، لذلك عندما قال السيد الرئيس 'مش هينفع نفضل مستمرين بهذا النزيف لأن النهاردة مع توفر الإرادة السياسية لتطوير البلد، والحكومة تجري وتسابق الزمن عشان تطور، نحن نشعر بأننا دخلين سباق خاسر من البداية لو استمر هذا الوضع بهذا الشكل، مهما أوتين من قوة وحسم وسرعة في الأداء وسرعة في توصيل المرافق والخدمات مش هنلاحق'، فكانت الرؤية الحقيقية أنه لابد من وضع حد لهذا النزيف، ونحن نعمل تماما أنه سياسيا ممكن يكون هذا القرار غير مقبول في الشارع، لأن الأجيال تربت على ثقافة أن هذا هو الذي يحدث وهو السائد وهي طبيعة البناء المخالف'.

وأشار مدبولي إلى أنه من الناحية التشريعية، القانون يجرم البناء المخالف والبناء على أراض زراعية، مضيفا أنه كان هناك قرار في التسعينيات من أجل إيقاف البناء على الأراضي الزراعية، وبعد ذلك تم إلغاؤه فالدولة وجدت عدم الجدوى وتم عمل موضوع الأحوزة العمرانية ، وظل أيضا نمط العشوائية موجود، وعملنا تشريع جديد في 2008 ، وهو قانون 119 للبناء، الذي قال صراحة لا يجوز التعامل مع أي مبنى مخالف والتعامل الوحيد فيه هو الهدم وفي 2009 صدرت اللائحة التنفيذية.

وقال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء' إنه في بداية 2011 حدثت الثورة، وهناك ما حدث في الدولة من الظروف التي أعقبت الثورة والفوضى التي حدثت من عدم القدرة على ضبط أعمال البناء، وفوجئنا مع الوقت أنه أصبح لدينا كتلة عمرانية كبيرة جدا'.

واستعرض مدبولي ما تم تنفيذه من قبل المواطنين عند البناء بصورة مخالفة على الأراضي الزراعية، مشيرا إلى أن المواطن يقوم بعمل وصلة خلسة للكهرباء ووصلة مياه وعمل بيارة للصرف الصحي دون أي معايير فنية؛ الأمر الذي يؤثر على جودة التربة في العديد من المناطق فهو يحاول حل المشكلة بأية صورة من الصور بعيدا عن الدولة.

وأضاف مدبولي' لكي نحاول حسم هذا الموضوع ونوقف هذا النزيف ونقوم بعمله بطريقة سليمة ظهرت فكرة عمل قانون التصالح على مخالفات البناء وهو قانون مؤقت وضعته الدولة لكي تقنن أوضاع حجم المخالفات التي ظهرت بعد 2008، موضحا أنه قبل ذلك أصدرت الدولة القانون 144 لإيقاف التعدي على أراضي الدولة الموجودة في الأراضي الصحراوية والمخالفات التى كانت عليها وكانت تعمل الدولة على ذلك لوقف البناء المخالف وغير المنظم والتعدي على أملاك الدولة والأراضي الزراعية'.

وبين أن قانون التصالح على مخالفات البناء ظهر في أبريل 2019 وأعطى مدة 6 أشهر لتقنين الأوضاع، ولمجلس الوزراء أن يمد فترة أخرى وما زال الانطباع لدى المواطنين أن الدولة غير جادة، لكننا قمنا بمد القانون مرة أخرى، وبمبادرة مشتركة مع مجلس النواب قمنا بعمل التعديل الخاص بقانون التصالح على مخالفات البناء في يناير 2020، وظهرت اللائحة التنفيذية وقالت إن هناك 6 أشهر يتم تطبيق القانون فيها وهي مرحلة وقتية.

ونوه مدبولي إلى أنه عند تقنين أوضاع البناء سيصبح مبنى رسمي ويتم توصيل المرافق له وإدخاله في المنظومة الكاملة للمباني الرسمية في الدولة، مشيرا إلى أنه عندما فتحت الدولة هذا الموضوع ليس للعقاب ولكن بالعكس لخدمة المواطنين القاطنين في هذه المناطق، مضيفا ' أن الأهم لنا جميعا هو إنهاء هذه الظاهرة ومنع ظهور مبان جديدة على الأراضي الزراعية وهذا هدفنا في المستقبل، المدة التي منحها القانون للمخالفين للتصالح، ستنتهي في 30 سبتمبر الجاري، ولابد لنا كدولة ومواطنين العمل سويا على إغلاق هذه الصفحة وتقنين الأوضاع في أقرب وقت ممكن'.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء' لن نسمح بأن يبنى على قيراط آخر من الأراضي الزراعية، وهذه الوقفة الحاسمة من الدولة تعكس الرغبة الشديدة والحرص على إنقاذ ما تبقى من الأراضي الزراعية التي يأكل منها 100 مليون مواطن مصري، مشيرا إلى أنه لو استمر هذا النزيف للأراضي، سنصل إلى مشكلة حقيقية في أن نجد أكلنا وكل هذا كان يدعونا إلى التحرك واتخاذ الإجراءات'.

وعن قانون التصالح، قال مدبولي' إن القانون يقول إن اللجنة التي تضع قيمة التصالح هي شبه مستقلة فيها خبراء من التقييم العقاري وأستاذة جامعة وفيها بعض الموظفين من المحليات، وهذا التقييم يضع بناء على اعتبارات كثيرة جدا منها تميز الموقع مثل أرض على النيل بمساحات كبيرة أو أبراج، ويتم عمل التقييم وبناء عليه يتم تحديد سعر المتر'.

وأضاف أن القانون حدد نسبة من أول 50 جنيه حتى 2000 جنيه، هذا هو المدى الذي تتحرك فيه قيمة التصالح، فبالتالي أقل قيمة 50 جنيها للمتر وأعلى قيمة 2000 جنيه.

وأشار إلى أنه حدثت شكوى من العديد من المواطنين في مناطق كثيرة أن أرقام التصالح بها مغالاة، مضيفا' إننا نريد حل هذه المشكلة مع المواطن ونحن لسنا في صراع ونريد حل الإشكالية وإغلاق هذا الملف، وتحركنا وكانت توجيهات القيادة السياسية لنا بمراعاة البعد الاجتماعي في عملية التقييم، بغض النظر عن كل المعايير التي وضعت وهي كلها معايير موضوعية وعادلة، لكن نحن غلبنا البعد الاجتماعي، لذلك فإن 23 محافظة من الـ 27 خفضت قيمة التصالح بنسبة وصلت إلى 70% في بعض الأماكن من أجل التيسير على المواطنين.

محافظ الجيزة: تحصيل 350 مليون جنيه من مخالفات البناء حتى الآن

محافظ القليوبية: تخفيض قيم التصالح بمخالفات البناء بنسب تتراوح من 10% إلى 50%

مدبولي: مليون مواطن تقدموا بطلب التصالح في مخالفات البناء

مدبولي: الحكومة موجودة في الشارع وليست معزولة عن المواطنين