من هو الشيخ تقادم الليثي؟ رجل أطفأ نيران الثأر وخلده الصعيد بلقب "شيخ المصالحات"

في مشهد مهيب يليق بمقام الكبار، ودعت قرية العوينية بإدفو وأرجاء الصعيد الشيخ الجليل تقادم أحمد الليثي بن العارف بالله الشريف إسماعيل الجعفري النقشبندي، والذي رحل عن عمر ناهز 95 عامًا بعد حياة ملؤها الخير، وعقود أفناها في خدمة الوطن والدين، وحقن الدماء، وبذل الإصلاح.

من هو الشيخ تقادم الليثي؟

الشيخ تقادم الليثي عرفه أهل الصعيد والعلماء والوجهاء على حد سواء بـ'شيخ المصالحات الثأرية'، الرجل الذي كان صوته أقوى من صوت السلاح، وهيبته أبلغ من التهديد، ومحبة الناس له كفيلة بأن تنهي صراعًا دام أعوامًا.

كان الشيخ تقادم رجلًا أوتي قبولًا وهيبة نادرة، تسكن القلوب قبل العيون، فيسارع المتخاصمون إلى قبوله وسيطًا مصلحًا دون تردد أو نقاش، إجلالًا لمكانته ومحبة لشخصه.

وصفه العلامة علي الجفري، الذي كان من زائريه الدائمين، بـ'كبير قومه بين ظهرانيهم'، بينما نعاه الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، قائلًا: 'كان رمزًا للإصلاح ووجهًا مضيئًا لصعيد مصر، ساعيًا بلا كلل لترسيخ السلم ونبذ عادة الثأر الذميمة التي نهى عنها الإسلام.'

ورث الشيخ تقادم عراقة نسبه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وعلم طريقه من جده الشريف إسماعيل بن تقادم النقشبندي، أحد كبار صوفية مصر، الذي ترك مخطوطات خالدة، وقاد حملات ضد الاحتلال في اليمن.

أما الشيخ تقادم، فقد كان امتدادًا حيا لهذا المجد؛ زاهدًا في مظهره، كريمًا في عطائه، متواضعًا رغم رفعة ذكره، ووطنيًا عاشقًا لمصر، لا يذكر في صعيدها خصام إلا وكان مفتاحًا لحلّه.

كان يجوب قرى ونجوع الصعيد لا يبتغي إلا الصلح، لا يرجو مالًا ولا منصبًا، يحمل الحكمة في قوله، والسكينة في حضوره، يقنع، فيرضي، فيطفئ نيران الفتنة، وكأنما خلق لذلك.

برحيله، يفقد صعيد مصر أحد أعمدته الراسخة، ويطوي الزمن صفحة رجلٍ نذر نفسه للخير والوفاق، وسطر بحياته تاريخًا من التسامح والسلم المجتمعي.