من هو الفنان سمير ربيع؟.. بدأ مشواره الفني منتصف الثمانينيات وأخر أعماله «بدون ذكر أسماء»

حل عن عالمنا صباح اليوم الأربعاء الفنان سمير ربيع، أحد الوجوه المميزة التي أثرت الدراما والسينما المصرية على مدار أكثر من ثلاثين عامًا، تاركًا خلفه سجلًا حافلًا بالأعمال المهمة التي جعلته من أبرز الممثلين المساندين في جيله، رغم ابتعاده الدائم عن الأضواء والحوارات الإعلامية.

جاء خبر وفاته عبر منشور مؤثر لأحد زملائه الفنانين، ناعيًا إياه بكلمات صادقة عبر موقع 'فيس بوك'، وداعيًا له بالرحمة والمغفرة، لتبدأ بعد ذلك موجة من الحزن بين جمهوره وزملائه الذين استعادوا بصماته الفنية الهادئة، وأدواره التي ظلت عالقة في الذاكرة.

البدايات: من الأدوار الصغيرة إلى الحضور الثابت

بدأ الفنان سمير ربيع مشواره الفني في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، في وقت كانت فيه الدراما المصرية تعيش عصرها الذهبي، وشهدت ظهور جيل جديد من الممثلين الشباب الذين شكّلوا العمود الفقري للأعمال الدرامية.

منذ بدايته، امتلك ربيع موهبة فطرية في أداء الأدوار الثانوية بمزيج من البساطة والتلقائية، فكان يحوّل حتى الأدوار الصغيرة إلى لحظات مؤثرة تظل في ذاكرة المشاهد.

شارك في عدد كبير من الأعمال التلفزيونية التي أصبحت من كلاسيكيات الدراما المصرية، منها: «الوسية»، «النوة»، «السقوط في بئر سبع»، «أبو العلا 90»، «التوأم»، «الأصدقاء»، «كناريا وشركاه»، «عفاريت السيالة»، «قضية رأي عام»، «يتربى في عزو»، و«قلب ميت».

قدّم في هذه الأعمال شخصيات متنوعة، بين العامل البسيط، والصديق الوفي، والموظف المكافح، ما جعله قريبًا من نبض الناس ووجوههم المألوفة.

«شيخ العرب همام».. علامة مضيئة في مسيرته

رغم تقديمه لعشرات الأدوار المهمة، إلا أن مشاركته في مسلسل «شيخ العرب همام» كانت واحدة من أبرز محطاته الفنية، إذ لفت الأنظار بقدرته على التعبير عن البيئة الصعيدية وأسلوب الأداء الواقعي الذي عُرف به.

المسلسل مثّل نقلة نوعية في مشواره، وعرّف الجمهور أكثر على قدراته التمثيلية، خاصة في تجسيد الشخصيات الشعبية ذات الملامح الإنسانية العميقة.

أدوار متنوعة في الدراما والسينما

لم تقتصر مسيرة سمير ربيع على الدراما فقط، بل امتدت إلى السينما التي ترك فيها بصمات واضحة رغم اقتصارها على الأدوار المساندة.

شارك في عدد من الأفلام التي تنوعت بين الدراما الاجتماعية والإثارة والكوميديا، منها: «رجل لهذا الزمان»، «بيت الكوامل»، «الجلسة سرية»، «الهاربات»، «كيد العوالم»، «الهجامة»، و«1000 مبروك».

تميز ربيع في السينما بنفس الروح التي عرفها الجمهور في الدراما: أداء هادئ، نظرات معبّرة، وحضور صادق بعيد عن المبالغة، جعل منه وجهًا مألوفًا وأمينًا لدى المخرجين الذين كانوا يبحثون عن 'الممثل الحقيقي' الذي يخدم الدور دون أن يطغى عليه.

استمرار العطاء حتى آخر لحظة

لم يتوقف الفنان الراحل عن العمل حتى السنوات الأخيرة، إذ شارك في أعمال عديدة خلال العقدين الأخيرين، أبرزها: «الرحايا حجر القلوب»، «منتهى العشق»، «فرقة ناجي عطا الله»، «الصفعة»، «موجة حارة»، «سلسال الدم»، و«خلف الله».

أما آخر ظهور له فكان عام 2023 من خلال مسلسل «بدون ذكر أسماء»، من تأليف الراحل وحيد حامد وإخراج تامر محسن، وبمشاركة كوكبة من النجوم. هذا العمل كان بمثابة ختام لمسيرة فنية ثرية ومليئة بالعطاء، أكدت تمسكه بالفن حتى آخر يوم في حياته.

فنان هادئ أحب الفن بصمت

عرف عن سمير ربيع تواضعه الشديد وابتعاده عن الظهور الإعلامي، فلم يكن من هواة المقابلات الصحفية أو استعراض حياته الشخصية.

كان يكتفي بأن يعبّر عن نفسه من خلال الشاشة، مؤمنًا بأن الفن رسالة تؤدى وليس شهرة تُطلب.

ترك وراءه إرثًا فنيًا ربما لم يحظَ بالضوء الكافي، لكنه سيظل حاضرًا في ذاكرة الدراما المصرية، كنموذج للفنان المخلص الذي قدم فنه بإخلاص واحترام، بعيدًا عن الصخب والضوضاء.

برحيله، يودّع الوسط الفني واحدًا من الوجوه المألوفة التي صنعت هوية الدراما المصرية الحديثة، تاركًا سيرة طيبة، وأعمالًا ستظل شاهدًا على موهبة لا تحتاج إلى صدارة لتُخلّد.