ننشر حيثيات براءة أحمد شفيق في قضية إهدار أموال الطيران « لا جريمة ولا نية للإضرار »
حيثيات حكمها ببراءة الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق، والمهندس إبراهيم مناع وزير الطيران المدني الأسبق، وتوفيق محمد عاصي رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران، في قضية إهدار أموال وزارة الطيران
أودعت محكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار سرور محمد أحمد، حيثيات حكمها ببراءة الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق، والمهندس إبراهيم مناع وزير الطيران المدني الأسبق، وتوفيق محمد عاصي رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران، في قضية إهدار أموال وزارة الطيران المعروفة إعلاميًا بـ'فساد وزارة الطيران'.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه من المقرر أن جريمة الإضرار العمدي بالمال العام المؤثمة بالمادة 116 مكرر من قانون العقوبات تتطلب توافر 3 أركان، أولهم 'صفة الجاني' وهو أن يكون موظفًا عموميًا بالمعنى الوارد بالمواد 111و119 مكررا من قانون العقوبات، وهو ما ليس محل منازعة فى هذه الدعوى، كما أن المال فيها من الأموال العامة كما هي معرفة بالمادة 119 من ذات القانون.
وأضافت المحكمة أن الركن الثاني هو الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف، ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له، والركن الثالث هو القصد الجنائي باتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو المصلحة، فلا تقع الجريمة إذا حصل الضرر بسبب إهمال، كما يشترط فى الضرر كركن لازم لقيام جريمة الإضرار العمدي المنصوص عليها فى المادة 116 مكرر من قانون العقوبات أن يكون محققا، أي حالا ومؤكدا، لأن الجريمة لا تقوم على احتمال تحقق أحد أركانها، والضرر الحال هو الضرر الحقيقي سواء كان حاضرا أو مستقبلا، والضرر المؤكد هو الثابت على وجه اليقين. وأضافت المحكمة أنه من المقرر أن جريمة الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها فى المادة 113 من قانون العقوبات، فضلا عن توافر صفة الموظف العام والمال العام من الجاني على النحو سالف البيان فإنها تتحصل متى استولى الموظف العام أو من في حكمه على مال للدولة أو لإحدى الهيئات والمؤسسات العامة أو الشركات أو المنشآت إذا كانت الدولة تساهم في مالها بنصيب ما، وذلك بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه أو إضاعه المال على ربه، ويتعين أن تنصرف فيه نية الجاني وقت الاستيلاء أو تسهيل الاستيلاء إلى تملكه أو تضيعه على ربه.
ولفتت المحكمة أن عماد الدعوى وأساسها الذي بنيت عليه هو بروتوكول التعاون المؤرخ والموقع بين الطرفين إحداهما المتهم الأول أحمد شفيق بصفته وزيرا للطيران المدني آنذاك، والطرف الثاني هو عضو مجلس إدارة سكرتير جمعية تنمية خدمات مصر الجديدة، والثابت من مسمى ذلك البروتوكول في عنوانه ومضمونه أنه للتعاون فيما بين الطرفين، ولم ينص فيه على انفراد أحد الطرفين بالتعاون دون الآخر.
وتابعت المحكمة أن ذلك التعاون تجلى في ما نص عليه ذلك البروتوكول في بنده الأول من التزام الطرف الأول بموافاة الطرف الثانى بالوثائق المتاحة والتي تخص المعدات والأجهزة الترفيهية لمشروع الجمعية 'ألعاب لحديقة سوزان مبارك' ومعاونة باقي الجهات الحكومية والأهلية لإتمام المشروع، وفي المقابل نص البند الثالث من ذلك البروتوكول على التزامات الطرف الثاني، والتي تتمثل في منح الطرف الأول مزايا خاصة للعاملين بمرفق الطيران المدني فيما يخص الانتفاع بالمشروع عند تشغيله، نظير مساهمة المرفق فى تنفيذ المشروع، على أن يتم الاتفاق بين الطرفين على ذلك في حينها.
وأوضحت المحكمة أن الطرف الأول والمتمثل في المتهم الأول أحمد شفيق لا يملك حق التصرف في أموال عامة مملوكة لمرفق الطيران المدني والشركات التابعة له في البروتوكول، وقد خلت أوراق القضية تماما مما يفيد أنه أهدر مالا عاما أو أضر عامدًا بالجهات التى تتبعها، بل على العكس كما هو واضح بالأوراق فقد حرص على استفادة المرفق والعاملين به من المشروع مقابل القدر الذي يستطيع المساهمة به.
وأكدت المحكمة أن الأوراق خلت تماما مما يفيد أن المتهم الأول قد انصرفت نيته الى الإضرار عمدا بأموال مرفقه وشركاته ووزارته وهو الأمر الذي تأيد بما قرر هشاهد الواقعة الأول، ومجرى التحريات بأنه لم يتحقق أي إضرار بأموال شركات مصر للطيران، وأن البروتوكول نص على الالتزامات المتبادلة، وأنه يتعين الوقوف على ماإذا كان قد تم تطبيق ما نص عليه بروتوكول التعاون من مزايا العاملين بالشركات التابعة لوزارة الطيران المدني مقابل تعاونها.
وأضافت المحكمة أن مُجري التحريات تساءل عما إذا كانت الشركات قدمت مساهمتها في المشروع كصور من صور الدعاية والإعلان لها، وأنه لا يستطيع تحديد ما إذا كانت تلك المساهمات تساوي ما عاد عليها من نفع في الدعاية والإعلان من عدمه، وهو الأمر الذي يؤكد وجود تلك الالتزامات المتبادلة بين طرفي البروتوكول، والتي لمينتج عنها أي ضرر مالي وقت ذلك، وهو ما انتهى إليه تقرير مصلحة الخبراء المودع ملف الدعوى بتاريخ 17 أبريل 2012، وما قرره رئيس تلك اللجنة وأعضائها كشهود إثبات منأنه لم يتحقق لديهم ما الضرر الذي قد لحق بتلك الشركات، ومن ثم فقد انتفت الأوراق من الدليل على ما يشير إلى انصراف نية المتهم الأول إلى الإضرار بأموال الجهة المسئول عنها، كما خلت الأوراق أيضا من وجود أية ضرر.
وأشارت المحكمة إلى أن هذا الأمر هو ما سار على نهجه المتهمين الثاني والثالث تطبيقا لذلك البروتوكول، فقدما مساهمات من الشركتين التي يرأسان إدارتهما بموافقة مجلس الإدارة إلى مشروع الحديقة، مقابل ما تحصل عليه شركاتهما من مزايا للعاملين بها من تلك الجمعية المنشأة، وفي ذلك الوقت تقديم تلك المساهمات كصورة منصور الدعاية والإعلان التي تعود على الشركتين بالنفع.
وذكرت المحكمة أنه من المعروف، بل من العلم العام، أن شركات الطيران تجعل من بند الدعاية والإعلان بند رئيسي في ميزانيتها لما يعود عليها من ذلك بالنفع للترويج لأنشطتها وطائرتها، وقد تأيد ذلك بما قرره شاهد الواقعة الأول من أن الشركات تخصص للدعاية والإعلان جزءا من ميزانيتها وأن مساهمتها في إنشاء تلك الجمعية كانت في صورة من صور الدعاية والإعلان للأنشطة بها، إلا أنه نظرا لعدم التشغيل حتى تاريخ القضية لا يستطيع تحديد ما يمكن أن يعود على الشركات من نفع، وهو ما تأكد أيضا بتقرير خبراء وزارة العدل وقرره أعضاء اللجنة التي أعدت ذلك التقرير سالف الإشارة إليه من عدم تحقق الضرر بأموال الشركتين.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن الأمر المؤكد ولا مراء فيه، خلو الأوراق مما يدل على نية المتهمين جميعا الإضرار بأموال الجهات التى يعهد إليهم بها، وهوما أكده شهود الواقعة جميعا من أنه لم يتحقق الضرر بأموال الشركات، متابعة أن ما أثير فى الأوراق من كلمة 'تبرع' من تلك الشركات للجمعية فهي لم تتعد ىسوى أنها كلمة صيغة في سؤال دون أن يكون لها أي سند أو دليل بالأوراق -حسب ما سلف بيانه- وفضلا عن استحالة تصور ملكية المتهمين هذا الاختصاص، وهو التبرع بالمال العام، فقد خلت الأوراق مما يدل عليه سواء بنصوص البروتوكول الموقع أو موافقة مجلس إدارة الشركتين في المحاضر المؤرخة.