ننشر حيثيات حكم إلغاء الإدارية لقرار الكنيسة بحرمان سيدة من ممارسة الأسرار الكنسية
أصدرت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار محمد حسام الدين، رئيس مجلس الدولة، حكماً قضائياً اعتبرت فيه القرارات التي تصدرها الكنيسة بحرمان بعض الأقباط من ممارسة الأسرار الكنسية، والتي تعرفها العقيدة المسيحية بأنها بعض الأعمال المقدسة والمنح الإلهية كسر التوبة والاعتراف وسر القربان والتناول، هي قرارات تجتمع فيها أركان القرار الإداري، ومن ثم تختص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعن عليه.
كما رفضت المحكمة الطعن المقام من بابا الإسكندرية وبطرايرك الكرازة المرقسية بصفته، وأيدت الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ وإلغاء قرار بطريركية الأقباط الأرثوذكس بحرمان إحدى السيدات من ممارسة الأسرار الكنسية.
ورفضت المحكمة أيضا الدفوع المبداة من المستشار منصف نجيب سليمان، محامي الكنيسة، بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى، وعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، حيث أكد سليمان أن الطلب المقدم من تلك السيدة يتعلق بأمر من أمور العقيدة المسيحية لطائفة الأقباط الأرثوذكس والتي لا تخضع لرقابة القضاء.
قالت المحكمة في حيثيات حكمها إن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس تعتبر شخصاً من أشخاص القانون العام وما يتفرع عنها من هيئات إدارية، وتقوم على رعاية المرافق الدينية التابعة لها مستعينة في ذلك بقسط من اختصاصات السلطات العامة، وليس هناك ما يحول من حيث الأصل دون اعتبار قراراتها قرارات إدارية إذا ما استقامت لها مقومات وأركان القرار الإداري.
وأضافت المحكمة أنه لما كان قرار حرمان السيدة المشار إليها وهي مواطنة من أبناء الطائفة الأرثوذكسية من ممارسة الأسرار الكنسية يحول بينها وبين أداء شعائر ديانتها التي تؤمن بها ويشكل قيداً على ممارستها بالمخالفة للحريات العامة التي كفلها الدستور للمواطنين ومنها حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية مما يشكل مساساً بمكرزها الاقنوني، ومن ثم يكون قرار حرمانها من ممارسة الأسرار الكنسية قد استجمع مقومات وأركان القرار الإداري، وتكون الدفوع المشار إليها بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى قد وردت على غير محل مما يتعين معه رفضه.
واضافت الحيثيات إلغاء قرار حرمان تلك السيدة من ممارسة الأسرار الكنسية، إن الثابت من الأوراق أن الكنيسة أصدرت قراراها ضد هذه السيدة استناداً إلى خيانتها للأمانة وارتكابها مخالفات قانونية ومصرفية ضد سيدة أخرى، ومن ثم يكون هذا السبب خاضعاً لرقابة القضاء الإداري، مضيفة أنه لما كان قرار الحرمان ينطوي في حقيقته على قرار تأديبي، وبالتالي فإنه يتطلب أن تكون النتيجة التي ينتهي إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من تحقيق تتوافر له كافة المقومات الأساسية للتحقيق القانوني السليم، وأول تلك المقومات ضرورة مواجهة المتهم او المخطئ لما هو منسوب إليه وأن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه تجاه ما أسند إليه من اتهامات.
وأشارت المحكمة الى أنه لما كانت أوراق الطعن قد جاءت خالية مما يفيد قيام الكنيسة بإجراء أي تحقيق مع السيدة المحرومة من ممارسة الأسرار الكنسية، لمواجهتها بالوقائع المنسوبة إليها والتي كانت سبباً لصدور القرار، خلت الأوراق أيضاً مما يفيد تمكين المطعون ضدها من الدفاع عن نفسها قبل إصدار القرار، ومن ثم تكون الكنسية قد أهدرت حقها في الدفاع عن نفسها والذي يعد حقاً أصيلاً من حقوق الأنسان الأساسية التي كفلها الدستور.
وأوضحت المحكمة أن البادي من ظاهر الأوراق صدور حكم من محكمة الجنح ببراءة السيدة المشار إليها مما أسند إليها من اتهامات متعلقة بخيانة الأمانة والمخالفات القانونية والمصرفية، ومن ثم تكون الوقائع التي استند إليها قرار حرمانها كسبب لإصداره غير صحيحة، مما ينهار معه ركن السبب بالنسبة لقرار حرمانها من ممارسة الأسرار الكنسية ويغدوا ذلك الحرمان صادراً بالمخالفة للقانون .