ننشر كلمات قصيدة خمس رسايل إلى أمي لـ نزار قباني تزامنًا مع ذكرى ميلاده وعيد الأم
ولد نزار قباني شاعر النساء كما لُقب، يوم 21 مارس من عام 1923 وذلك تزامنًا مع عيد الأم، ولأن نزار كان شاعرًا مهتمًا بالمرأة بشكل كبير، قدم قصيدة مؤثرة للأم.
موقع قناة صدى البلد، يرصد فيما يلي كلمات قصيدة خمس رسايل إلى أمي للشاعر نزار قباني.
قصيدة خمس رسايل إلى أمي
صباح الخير يا حلوه صباح الخير يا قديستي الحلوه مضى عامان يا أمي على الولد الذي أبحر برحلته الخرافيه وخبأ في حقائبه صباح بلاده الأخضر وأنجمها، وأنهرها، وكل شقيقها الأحمر وخبأ في ملابسه طرابيناً من النعناع والزعتر وليلكةً دمشقية.. أنا وحدي.. دخان سجائري يضجر ومني مقعدي يضجر وأحزاني عصافيرٌ.. تفتش –بعد- عن بيدر عرفت نساء أوروبا.. عرفت عواطف الإسمنت والخشب عرفت حضارة التعب.. وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر ولم أعثر.. على امرأةٍ تمشط شعري الأشقر وتحمل في حقيبتها.. إلي عرائس السكر وتكسوني إذا أعرى وتنشلني إذا أعثرنزار قباني
أيا أمي..
أيا أمي.. أنا الولد الذي أبحر ولا زالت بخاطره تعيش عروسة السكر فكيف.. فكيف يا أمي غدوت أباً.. ولم أكبر؟ صباح الخير من مدريد ما أخبارها الفلة؟ بها أوصيك يا أماه.. تلك الطفلة الطفله فقد كانت أحب حبيبةٍ لأبي.. يدللها كطفلته ويدعوها إلى فنجان قهوته ويسقيها.. ويطعمها.. ويغمرها برحمته.. .. ومات أبي ولا زالت تعيش بحلم عودته وتبحث عنه في أرجاء غرفته وتسأل عن عباءته.. وتسأل عن جريدته.. وتسأل –حين يأتي الصيف- عن فيروز عينيه.. لتنثر فوق كفيه.. دنانيراً من الذهب.. سلاماتٌ.. سلاماتٌ..نزار قباني
إلى بيتٍ سقانا الحب والرحمة
إلى أزهارك البيضاء.. فرحة 'ساحة النجمة' إلى تختي.. إلى كتبي.. إلى أطفال حارتنا.. وحيطانٍ ملأناها.. بفوضى من كتابتنا.. إلى قططٍ كسولاتٍ تنام على مشارقنا وليلكةٍ معرشةٍ على شباك جارتنا مضى عامان.. يا أمي ووجه دمشق، عصفورٌ يخربش في جوانحنا يعض على ستائرنا.. وينقرنا.. برفقٍ من أصابعنا.. مضى عامان يا أمي وليل دمشق فل دمشق دور دمشق تسكن في خواطرنا مآذنها.. تضيء على مراكبنا كأن مآذن الأموي.. قد زرعت بداخلنا.. كأن مشاتل التفاح.. تعبق في ضمائرنا كأن الضوء، والأحجار جاءت كلها معنا.. أتى أيلول يا أماه..نزار قباني
وجاء الحزن يحمل لي هداياه
ويترك عند نافذتي مدامعه وشكواه أتى أيلول.. أين دمشق؟ أين أبي وعيناه وأين حرير نظرته؟ وأين عبير قهوته؟ سقى الرحمن مثواه.. وأين رحاب منزلنا الكبير.. وأين نعماه؟ وأين مدارج الشمشير.. تضحك في زواياه وأين طفولتي فيه؟ أجرجر ذيل قطته وآكل من عريشته وأقطف من بنفشاه دمشق، دمشق.. يا شعراً على حدقات أعيننا كتبناه ويا طفلاً جميلاً.. من ضفائره صلبناه جثونا عند ركبته.. وذبنا في محبته إلى أن في محبتنا قتلناه