هاني عارف: السكتات الدماغية السبب الثاني للوفيات بمصر.. وهذا هو الوقت المثالي لإنقاذ المريض

كشف الدكتور هاني عارف، رئيس قسم المخ والأعصاب والمشرف على برنامج السكتة الدماغية بمستشفيات جامعة عين شمس، عن أهمية استغلال الساعات الذهبية الأولى من الشعور بأعراض السكتة الدماغية والتي تعد من أحد الطرق الرئيسية لتحقيق الشفاء الكامل منها.

وأضاف في حواره مع «قناة صدى البلد» أن السكتات الدماغية تعد السبب الثاني في الوفيات في مصر، خاصةً وأنها من الأمراض التي لها تأثير على المجتمع وتؤثر على جودة حياة المصابين وقدرتهم على العيش بصورة طبيعية.

وتابع رئيس قسم المخ والأعصاب والمشرف على برنامج السكتة الدماغية بمستشفيات جامعة عين شمس، أن السكتة الدماغية تحدث عندما يتوقف تدفق الدم إلى أحد أجزاء الدماغ، مما يحرم أنسجة المخّ من الأوكسجين الضروري جدا ومواد التغذية الحيوية الأخرى، وغالبًا ما يحدث بسبب انسداد لأحد الشرايين.

ما هي السكتة الدماغية؟ وأعراضها؟

تحدث السكتة الدماغية عندما يتوقف تدفق الدم إلى أحد أجزاء الدماغ، وتختلف أعراض السكتة تبعًا للمنطقة الدماغية التي انقطع عنها الدم، يوجد أعراض أولية للإصابة بالسكتة الدماغية متفق عليها والتي تتضمن:

1. تخدير في جزء من الوجه حيث يشعر المصاب بالجلطة الدماغية ببعض التنميل في الوجه والفم.

2. اللعثمة في الكلام، يلاحظ المتحدثين مع المصاب بالسكتة الدماغية ببعض التلعثم والصعوبة في الكلام.

3. اعوجاج في الفم.

لذلك، في حالة شعور المصاب بتلك الأعراض الأولية للسكتة الدماغية، يجب عليه التوجه بشكل سريع لأقرب مركز لعلاج السكتة الدماغية خلال الساعات الأولى من الإصابة.

الإسعافات الأولية التي يجب إجراءها ؟

يلعب الوقت عامل أساسي ورئيسي في علاج السكتة الدماغية. لذلك، أي محاولات لعلاج الإصابة من غير المتخصصين يضيع ويأخذ من الوقت اللازم لإنقاذ الحالة المصابةنظرًا لأهمية كل دقيقة تمر على المصاب، حيث يفقد فيها 2 مليون خلية عصبية. لذلك، تمثل المساعدات أو التدخلات غير الطبية من قبل الأقارب أو حتى الأطباء غير المختصين خطر كبير للمصاب. يجب توجيه المريض إلى أقرب وحدة علاج سكتة دماغية في حالة الشك باحتمالية الإصابة.

سبب انتشار الإصابة بالسكتة الدماغية في الفترة السابقة بين الشباب؟

لا تصيب السكتة الدماغية الشباب بشكل خاص بالطبع، ولكن في الفترة الأخيرة حدثت بعض الحالات التي لفتت النظر نحو هذا المرض. خاصةً وأن انتشار فيروس كورونا المستجد ساعد بشكل كبير في زيادة معدل الإصابة بالسكتة الدماغية ليصل إلى خمسة عشر ضعف حالات الإصابات السابقة في الظروف العادية. يرجع ذلك إلى أن إصابة الشخص بفيروس الكورونا يتسبب في زيادة احتمالية الإصابة بالسكتة الدماغية، نتيجةً لحدوث تجلطات في الدم، والذي هو عرض اساسي من أعراض فيروس كورونا. علاوة على ذلك، تعد السكتة الدماغية مرض شائع جدًا في مصر، كما أنها تعد السبب الثاني في أكثر نسب الوفيات وتسببها في الإصابة بالشلل أو الإعاقات أو صعوبات في الكلام والحركة وقد ينتهي المطاف بالوفاة.

هل يوجد علاج للسكتة الدماغية؟

ينقسم علاج السكتة الدماغية لشقين، ويعد عامل السرعة والوقت هو أهم جزء لعلاج السكتة الدماغية والذي إذا توفر من الممكن أن يتم الشفاء التام. تمثل الساعات الأولى للعلاج هي الساعات الذهبية، فإذا أدرك المريض إصابته يجب عليه التحرك إلى المستشفى بأقصى سرعة في حوالي الساعات الأربعة ونصف الأولى من ظهور الأعراض، كما يجب على المريض التوجه إلى مستشفى بها وحدة علاج للسكتات الدماغية، فمن الممكن أن تكون المستشفى كبيرة ولكنها غير مؤهلة أو مجهزة لعلاج السكتات الدماغية. ففي الساعات الأربعة ونصف الأولى، يتم معالجة السكتة الدماغية بعقاقير خاصة تعمل على تذويب هذه الجلطات، ولكن في المراحل الخطرة أو الحرجة من الإصابة أو في حالة الإصابة بانسداد الشريان الرئيسي، يتم علاج الجلطة عن طريق القسطرة المخية. وفي هذه الحالة، من الممكن علاج المريض في خلال ست ساعات وليس معنى ذلك أنه لا يحدث خلل في بعض الخلايا العصبية، ولكن يجب أن يتم التعامل مع السكتة الدماغية بشكل فوري وكلما لوحظت في وقت مبكر في الساعات الاولى من الاصابة كانت فرصة الشفاء الكامل أكبر بكثير. وذلك نظرًا لأن إزالة وعلاج الجلطة يؤدي إلى تدفق الدم مرة أخرى بشكل طبيعي إلى الخلايا المخية.

وفقًا للإحصائيات الأخيرة التي تم رصدها، يمثل عدد المرضى الذين يصلون إلى المستشفى في الساعات الأولى عدد محدود للغاية، خاصةً أن 50% من المصابين لا يمتلكون أي معلومات عن السكتة الدماغية ويتوجهون بشكل خاطئ إلى أحد الأطباء غير المختصين أو أي مستشفى غير مؤهلة، وللأسف يتم التعامل بشكل خاطئ من الطبيب على أنها أعراض إرتفاع ضغط الدم وتشخيص الثقل في تحريك اليد على انه دور برد أو ما إلى ذلك. ومن هنا يجب توضيح أن أعراض السكتة الدماغية واضحة، فعلى سبيل المثال من يجد يده لا تتحرك بشكل مفاجئ وبعدها تتحرك بشكل طبيعي فهذا عرض واضح بأنه لا محالة مصاب بالسكتة الدماغية، فيجب عليه أن يستغل الوقت الذهبي الذي تم الإشارة إليه وهو الأربع ساعات ونصف الأولى والتوجه إلى مستشفى قادرة على علاج السكتة الدماغية.

وفي حالة التأخر على المريض أو التعامل مع الحالة بعد فوات الأربع ساعات ونصف الأولى، يتم التعامل مع الإصابة وفقًا للأساليب التقليدية من حيث ضبط معدل ضغط الدم أو معدل السكر في الدم وإعطاء المريض بعض الأدوية المنشطة للمخ ومن ثم التركيز على التأهيل والعلاج الطبيعي، وإذا أصيب المريض بصعوبة في الكلام يتعرض في هذه الحالة إلى علاج للتخاطب. هذا هو الفرق بين المريض بعد توجهه في الوقت الذهبي إلى المستشفى المتخصصة والمريض بعد توجهه للمستشفى بعد تجاوز ال 4 ساعات ونصف.

علاوة على ذلك، تحتاج مصر وفقًا لتلك الدراسة إلى 500 وحدة لعلاج السكتة الدماغية ولكن الوحدات الموجودة حاليًا لا تتعدى الـ 90 وحدة والتي تعد وحدات غير مؤهلة أو مجهزة بشكل كامل، ولكن بالتأكيد تمتلك جميع المستشفيات الجامعية وحدات لعلاج السكتة الدماغية على مستوى عالي من الكفاءة، وذلك بالإضافة إلى بعض مستشفيات وزارة الصحة التي تحتوي على علاج السكتة الدماغية. بالفعل يوجد طفرة في علاج السكتة الدماغية في الآونة الأخيرة وتقديم الإمكانات المختلفة وزيادة وعي الاطباء وتوفير الدواء على نفقة الدولة وكل ذلك يساهم في الشفاء التام بشكل كبير.

وفي الفترة الأخيرة، يتم التنسيق مع وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي لتجهيز مختلف المستشفيات بوحدات علاج السكتة الدماغية لتوفير خريطة واضحة للمرضى بجميع الوحدات المتوفرة والمستشفى الأقرب للتوجه اليها حال اصابته بالسكتة الدماغية. ذلك بالإضافة إلى أننا نعمل الآن على إنشاء منظومة جديدة وهي العلاج عن بعد عبر الانترنت،وذلك في حالة التواجد في وحدة علاج للسكتة الدماغية وعدم توفر دكتور أعصاب مختصيتم التواصل مع دكتور مختص في وحدة أخرى ليتعامل بشكل أسرع مع الحالة.

طرق الوقاية من الإصابة بالسكتة الدماغية؟

كما أشرنا سابقًا ان السكتة الدماغية تحدث بسبب انسداد شريان، والذي قد يؤثر على المخ وبالتالي على القلب كذلك. أما ما يتسبب في انسداد الشرايين، فهي أسباب كثيرة تتنوع بين ارتفاع ضغط الدم وارتفاع معدل السكر في الدم بالإضافة إلى السمنة. لدينا سبع عادات يستطيع الفرد ممارستها للوقاية من السكتة الدماغية تتمثل في:

1. ضبط معدل السكر في الدم ليصبح المعدل التراكمي للسكر أقل من 7.

2. ضبط ضغط الدم.

3. ضبط معدل الدهون في الجسم إذا كانت معدلها عالي، فمن الممكن أن يكون وزن الفرد معتدل أو لا يصل إلى السمنة لكن نسبة الدهون عالية، ما قد يتسبب في انسداد الشرايين.

4. تناول الاطعمة الصحية.

5. الامتناع عن التدخين لما يؤديه من أضرار جسيمة للشرايين والقلب ليؤثر بدوره على المخ.

6. ممارسة الرياضة وتقليل الوزن الزائد في الجسم.

تؤثر تلك العادات بشكل كبير على وقاية الفرد من الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة تصل إلى 80%، كما أنها تقي من أمراض كثيرة أهمها أمراض القلب. وعلى صعيد آخر، بعض الأشخاص لديهم استعداد للإصابة بالسكتة الدماغية خاصة، المصابين بأمراض القلب، فكثيرًا ما يحدث جلطات في القلب تتسبب في انسداد شريان في المخ.

هل الإصابة بالسكتة الدماغية لها عوامل وراثية؟

يعد العامل الوراثي أحد عوامل الاصابة بالسكتة الدماغية في الكثير من الحالات، فنلاحظ أن من لديهم استعداد للإصابة بانسداد الشرايين لديهم عوامل وراثية وذلك إلى جانب العوامل الأخرى، والتي تشمل العوامل البيئية التي ذكرناها 'الدهون – الضغط – السكر'. فمن العوامل الوراثية على سبيل المثال نسبة لزوجة الدم العالية والتي تتسبب في تجلط الدم في الشرايين، وأمراض الضغط والسكر، فكل هذه الامراض من العوامل المساعدة على ارتفاع نسبة حدوث اصابات بالسكتة الدماغية.

الأعراض المبكرة لوجود سكتة دماغية قبل حدوث الاعراض المباشرة؟

من الممكن ان يشعر المصاب بعدم قدرته على تحريك يده او ببعض التخدير في الوجه او بالأعراض المباشرة، والتي تستمر لمدة دقائق معدودة ثم يعود لحالته الطبيعية، فهذا إنذار انه سيصاب بجلطة كاملة خلال يومين او ثلاثة على الارجح فيجب في هذه الحالة التوجه لأقرب وحدة علاج سكتة دماغية على الفور.

 التحاليل التي يتطلب على الشخص اجراءها للوقاية من السكتة الدماغية؟

تعد التحاليل من الأمور والأولويات الهامة بالتأكيد، فيجب ان يتوجه الفرد بفحص نسبة السكر في الدم، والتي من المفترض أن يصل التحليل التراكمي اقل من 7، ونسبة الدهون في الجسم، بالإضافة إلى نسبة ضغط الدم. إذا كان الفرد يشعر باضطرابات في القلب يجب عليه عمل الاشعة اللازمة للإطمئنان لأن امراض القلب متصلة اتصال وثيق بالسكتات الدماغية بالمخ.

نسبة الاصابة بالسكتة الدماغية بين الرجال والاناث؟

تعد نسب الإصابة بالسكتة الدماغية بين الرجال والنساء متقاربة جدًا، ولكن في السن الاصغر او سن الشباب تحدث للرجال بصورة أكبر ولكنها تتقارب في السن المتقدمة.

نسبة الاصابة بالسكتة الدماغية في مصر وعالميًا؟

وفقًا للإحصائيات الأخيرة التقريبية، تصل نسبة الإصابة في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال إلى 165 من بين كل 100 ألف شخص. بينما هنا في مصر، يصاب 270 شخص من بين كل 100 ألف شخص تقريبًا، كما أنها وفقًا لإحصائيات وزارة الصحة تعد السبب الثاني في الوفيات في مصر.

ما هي مبادرة الملائكة Angelsالخاصة بإدارة السكتة الدماغية؟

في إطار سعينا لتوفير الرعاية الطبية اللازمة والفعالة للمصابين بالسكتة الدماغية في مصر، أطلقنا مبادرة الملائكة والتي تلعب دور رئيسي في تطوير منظومة السكتة الدماغية في مصر وذلك بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعاتووزارة الصحة والجمعية المصرية للأمراض العصبية والنفسية وجراحة الأعصاب والجمعية المصرية للسكتة الدماغية، وذلك لحرصنا الدائم على تطوير وتحسين نظام رعاية السكتات الدماغية وتعزيز أفضل معايير الممارسة لزيادة الوعي بين مقدمي الرعاية الصحية.

ونظرًا لأهمية الوحدات الخاصة بعلاج السكتة الدماغية في المستشفيات الجامعية، نحاول من خلال مبادرة الملائكة التي تضم معظم الخبرات الفنية اللازمة وأطباء الأعصاب في مصر بما في ذلك أساتذة الجامعات، بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعات، تطوير وحدات السكتة الدماغية بالمستشفيات الجامعية، وتدريب وتوعية مقدمي الرعاية الطبية من الأطباء حول إدارة حالة السكتة الدماغية الحرجة، ذلك بالإضافة إلى تحويل جميع المستشفيات الجامعية إلى وحدات شاملة متكاملة، تقدم كل الخدمات بأعلى مستوى بما فيها إذابة الجلطة وإجراء القسطرة المخية وعلاج نزيف الأم العنكبوتية والذي يحتاج إلى أداء فني وطبي على مستوى عالي من التخصص. نسعى كذلك إلى تطوير وزيادة عدد الوحدات التابعة لوزارة الصحةالجاهزة لاستقبال والتعامل مع حالات السكتة الدماغية وتحسين جودة العلاج، لتغطي كافة المحافظات المصرية بدايةً من الإسكندرية والدلتا مرورًا بالقاهرة إلى أسيوط وأسوان بهدف الوصول الى 500 وحدة لعلاج السكتة الدماغية بمصر.