واشنطن تصفع أردوغان.. نرفض حل الدولتين فى قبرص

أكدت المسؤولة الثالثة في وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند، الأربعاء، أن الولايات المتحدة ترفض اقتراحاً كرره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الأيام الأخيرة لحل قائم على دولتين في قبرص.

بعدما طُلب منها بإلحاح أثناء جلسة برلمانية، القول بشكل واضح ما إذا كانت الحكومة الأميركية ترفض مثل هذا الاقتراح، أجابت 'نعم بالطبع'. وأضافت 'نعتقد أن وحدها آلية ثنائية بقيادة القبارصة يمكن أن تجلب السلام والاستقرار إلى قبرص'.

وخلال كلمة ألقاها في شمال نيقوسيا الثلاثاء، أكد أردوغان أنه 'لا يمكن إحراز تقدم في المفاوضات من دون التسليم بوجود شعبين ودولتين' في الجزيرة المقسّمة منذ غزو الجيش التركي لثلثها الشمالي عام 1974.

وانضمّت جمهورية قبرص عام 2004 إلى الاتحاد الأوروبي الذي تنحصر مكتسباته بالشطر الجنوبي من الجزيرة حيث يقطن قبارصة يونانيون وتحكمه سلطة هي الوحيدة المعترف بها في الأمم المتحدة. أمّا في الشمال، فلا تعترف سوى أنقرة بـ'جمهوريّة شمال قبرص التركية'.

وزار أردوغان الشطر الشمالي من قبرص لإحياء الذكرى الـ47 لغزوه من تركيا، رداً على محاولة انقلاب كانت تهدف إلى ضمّ الجزيرة إلى اليونان. واتهم القبارصة اليونانيين 'بقطع الطريق على أي حل'.

وشدد خلال الزيارة على أن 'الحياة ستُستأنف' في فاروشا، مدينة الأشباح الساحلية، التي فرّ سكانها عام 1974 وحاصرها الجيش التركي بالأسلاك الشائكة، مجدداً دعوته المالكين القبارصة اليونانيين إلى المطالبة، عبر لجنة قبرصية تركية، بتعويض عن خسارة ممتلكاتهم.

وجاء الموقف الأميركي بعد وقت قصير من تنديد وزارة الخارجية الفرنسية بتصريحات أردوغان. وقالت في بيان إن 'فرنسا تأسف بشدة لهذه الخطوة الأحادية التي لم يتم التنسيق لها وتمثل استفزازا'.

وحاولت الأمم المتحدة التي تتولى مهمة مراقبة المنطقة العازلة، إعادة إحياء المفاوضات المتوقفة بين الطرفين في نيسان/أبريل، لكنها باءت بالفشل.

وكان آخر جولة تفاوض برعايتها، حول مبدأ إعادة توحيد الجزيرة على شكل دولة فدرالية، جرت في سويسرا في تموز/يوليو 2017.

يأتي ذلك فيما أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في بيان، فجر الأربعاء، أن الولايات المتحدة تدين إعلانا صدر يوم الثلاثاء ونص على نقل أجزاء من بلدة مهجورة في قبرص إلى سيطرة القبارصة الأتراك، فيما أعربت فرنسا عن دعمها لقبرص بعد خطوات تركية إزاء المدينة المهجورة، وتتهم الرئيس التركي بـ'الاستفزاز'.

ودانت واشنطن إعلان رجب طيب أردوغان لإعادة فتح فاروشا، مدينة الأشباح الواقعة في شرق قبرص، والتي هجرها سكّانها الأصليون القبارصة اليونانيون منذ قرابة نصف قرن، ويريد القبارصة الأتراك اليوم بدعم من أنقرة إعادة فتحها تحت إدارتهم.

وقال بلينكن في بيانه إنّ 'الولايات المتّحدة تعتبر ما يقوم به القبارصة الأتراك في فاروشا بدعم من تركيا استفزازياً وغير مقبول ولا يتّفق مع الالتزامات التي قطعوها في الماضي للمشاركة بطريقة بنّاءة في محادثات سلام'.

وأضاف 'نحضّ القبارصة الأتراك وتركيا على التراجع عن القرار الذي أعلنوا عنه اليوم وعن جميع الخطوات التي اتّخذت منذ أكتوبر 2020' في المنتجع السياحي المهجور.

ولفت البيان إلى أنّ 'الولايات المتحدة تعمل مع شركاء يشاطرونها رأيها لإحالة هذا الوضع المقلق إلى مجلس الأمن الدولي، وسنحثّ على استجابة قوية'.

وتابع: 'نؤكّد على أهمية تجنّب الأعمال الاستفزازية الأحادية الجانب التي تزيد التوتّرات في الجزيرة وتعيق الجهود المبذولة لاستئناف محادثات تسوية قبرص وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي'.

وجدّد الوزير الأمريكي التذكير بموقف الولايات المتّحدة 'المؤيّد لتسوية شاملة بقيادة القبارصة لإعادة توحيد الجزيرة في إطار اتّحاد ثنائي المنطقة والطائفة لما فيه خير جميع القبارصة والمنطقة'.

من جهته، أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان عن دعمه لقبرص، الأربعاء، بعد إعلان سلطات القبارصة الأتراك عن إعادة فتح جزئي للمدينة المهجورة من أجل احتمال إعادة توطينها، الأمر الذي أثار انتقادا شديدا من القبارصة اليونانيين.

وقال لو دريان، إنه بحث الأمر أمس مع نظيره القبرصي، وإنه سيثير المسألة في الأمم المتحدة، متهماً أردوغان بـ'الاستفزاز'.

وقال في بيان إن 'فرنسا تأسف بشدة لهذه الخطوة الأحادية التي لم يتم التنسيق لها وتمثل استفزازا'، مضيفة 'إنها تقوض استعادة الثقة الضرورية للاستئناف العاجل للمفاوضات من أجل حل عادل ودائم للقضية القبرصية'.

ومدينة فاروشا القبرصية مهجورة منذ أن أسفرت حرب في عام 1974 عن تقسيم الجزيرة.

ووسط هتافات مؤيدة من الجموع التي كانت تلوح بالأعلام التركية، اتهم أردوغان السلطات القبرصية اليونانية بـ'قطع الطريق على أيّ حلّ' بتبنّيها 'نهجاً متطرفاً... منفصلاً عن الواقع'.

ورفض تحذيراً هذا الشهر من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بأن بروكسل 'لن تقبل' بحلّ الدولتين في قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي.

لكنّ وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل أعرب، الثلاثاء، عن 'قلقه' لإعلان أردوغان، معتبرا أنه 'غير مقبول'.

وقال بوريل في بيان: 'يشدد الاتحاد الأوروبي مجددا على ضرورة تفادي الخطوات الأحادية المنافية للقانون الدولي، والاستفزازات الجديدة التي يمكن أن تزيد التوترات في الجزيرة وتهدد استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى تسوية شاملة للمسألة القبرصية'.

ومساء ردّت الخارجية التركية على بوريل في بيان اعتبرت فيه أن انتقادات الاتحاد الأوروبي لأردوغان 'باطلة ولاغية'.

وعلى نقيض الاحتفالات في الشطر الشمالي، دوّت صفارات الإنذار في الشطر الجنوبي من نيقوسيا عند الساعة الخامسة والنصف (2,30 يتوقيت غرينتش) تذكيراً ببدء الغزو التركي في 20 تموز/يوليو 1974.

وقبرص مقسّمة منذ غزو الجيش التركي لثلثها الشمالي عام 1974. وانضمّت جمهورية قبرص عام 2004 إلى الاتحاد الأوروبي الذي تنحصر مكتسباته بالشطر الجنوبي من الجزيرة حيث يقطن قبارصة يونانيون وتحكمه سلطة هي الوحيدة المعترف بها في الأمم المتحدة. أمّا في الشمال، فلا تعترف سوى أنقرة بـ'جمهوريّة شمال قبرص التركيّة'.

وفاروشا التي كثيرا ما كانت وجهة للسياح الذين كانوا يقصدونها للاستمتاع بمياهها الصافية وأمسياتها الصاخبة، باتت منذ عقود مدينة مقفرة محاصرة بالأسلاك الشائكة، وتستخدم ورقة تفاوض.

وإعادة فتحها خط أحمر بالنسبة للسلطات القبرصية اليونانية. لكن الجيش التركي أعاد فتح أجزاء من شاطئها العام الماضي، قبل أسابيع على انتخاب تتار.

وكان أردوغان قد زار فاروشا في خطوة نددت بها جمهورية قبرص واعتبرتها 'استفزازا غير مسبوق'.

قبرص تستغيث بمجلس الأمن.. واستنكار عام لاستفزازات تركيا

مصر تعرب عن قلقها بشأن تغيير وضعية منطقة فاروشا بقبرص وتطالب بالالتزام بقرارات مجلس الأمن