مجمع الملك فهد.. صرح إسلامي يتصدى بجلاء لمهمة حفظ المصحف الشريف ونشر علومه

قبيل نحو 40 عاما وتحديدًا في عام 1982 استشعرت المملكة العربية السعودية ازدياد حاجة العالم الإسلامي إلى المصحف الشَّريف، وترجمة معانيه إلى مختلف اللُّغات، والعناية بمختلف علومه، واضطلاعاً من المملكة العربيةَّ السُّعوديَّة بدورها الرَّائد في خدمة الإسلام والمسلمين، وإدراكًا من خادم الحرمين الشَّريفين الملك فهد بن عبد العزيز، لأهميَّة خدمة القرآن الكريم من خلال جهاز متخصِّص ومتفرِّغ لذلك العمل الجليل، وَضعَ حجرَ الأساس لمجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشَّريف بالمدينة المنورة في السَّادس عشر من المحرَّم سنة (١٤۰٣هـ – ١٩٨٢م)، وقال عند إزاحة السِّتار عن اللَّوحة التِّذكاريَّة لوضع حجر الأساس لمشروع المجمَّع:

«بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى بركة الله العلي القدير… إننا نرجو أن يكون هذا المشروع خيراً وبركة لخدمة القرآن الكريم أولاً، ولخدمة الإسلام والمسلمين ثانياً، راجياً من الله العلي القدير العون والتَّوفيق في كل أمورنا الدينيَّة والدنيويَّة، وأن يوفِّق هذا المشروع الكبير لخدمة ما أنشئ من أجله، وهو القرآن الكريم، ولينتفع به المسلمون وليتدبَّروا معانيه».

وما إن فرغ خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله - من وضع حجر الأساس لهذا المشروع الإسلامي الواعد حتى بدأت عمليات البناء تجري فيه على قدم وساق إلى أن تم افتتاح المجمع في السَّادس من صفر سنة (١٤۰٥ هـ – ١٩٨٤م).

ومنذ ذلك الحين شرع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في تلبية احتياجات العالم الإسلامي من مختلف طبعات المصحف، وإصداراته المطبوعة أو المرتلة، وإنتاجها، وتوزيعها والمواءمة بين حاجات المسلمين إليها، والاستفادة القصوى من الإمكانات الكبيرة لديه، من خلال التجهيزات الحديثة، والإمكانات المتقدمة.

ويطبع المجمع المصحف الشريف ويسجل تلاوته بالروايات المشهورة في العالم الإسلامي، ويترجم معاني القرآن الكريم، ويعتني بعلوم القرآن الكريم، والسنة النبوية، والبحوث والدراسات الإسلامية، والوفاء باحتياجات المسلمين في داخل المملكة وخارجها من إصدارات المجمع المختلفة، ونشر إصداراته على الشبكات العالمية وفق سياسات، أبرزها استمرار إنتاج إصدارات المجمع المطبوعة والمرتلة بمختلف الروايات المشهورة وبأعلى مستويات الدقة مع ما يتطلبه ذلك من إعداد ومراجعة علمية.

ويواصل مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى مختلف اللغات، والاستمرار في توزيع إصدارات المجمع على المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وتقديم هدية خادم الحرمين الشريفين السنوية لحجاج بيت الله الحرام، وخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهّرة من خلال إصدارات المجمع، ومواصلة إجراء الدراسات المتعلقة بأهداف المجمع، ونشر إصداراته وجهوده المختلفة على شبكة الإنترنت، وتطوير أعمال المجمع بما يتناسب مع انشطته المتعددة، من خلال مراكز ولجان وإدارات المجمع المختلفة، وإتاحة الفرصة للمسلمين لزيارة المجمع، وتنظيم الندوات العلمية ذات العلاقة بأهداف المجمع، وتدريب الموظفين داخل المجمع وخارجه، وتنظيم دورات تجويدية لحفظة كتاب الله الكريم .

ويعتبر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشـريف في المدينة المنورة، مرجعاً موثوقاً في خدمة كتاب الله تعالى، سواءً على صعيد طباعة المصاحف التي يقرأ بها في أنحاء العالم الإسلامي، أو علوم القرآن الكريم، أو تفسيره، أو ترجمته، أو تسجيل تلاواته بالروايات القرآنية، أو الجهود التقنية التي يبذلها المجمع لتحقيق أهدافه النبيلة التي يسعى إليها.

ويعد إنشاء المجمع واحدة من أجِّل صور العناية بالقرآن الكريم حفظا، وطباعة وتوزيعا على المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة.

وتشكلت في عام 1428هـ لجنة متخصصة بالمجمع، تُعْنى بمراجعة ومتابعة جميع الإصدارات الإلكترونية، التي تحتوي على نصوص القرآن الكريم وتلاواته، وتخويلها منح شهادات المصادقة الرَّقْمية لها، أو التوصية بمنع نشر أو توزيع النصوص المغلوطة منها، وتوفير البدائل الإلكترونية المناسبة من البرامج الحاسوبية الخاصة بالقرآن الكريم وعلومه، ونُسَخه الرَّقْمية النصِّية والمرئية والمسموعة المطابقة لمصحف المدينة النبوية، ومواكبة التطورات التقنية المتجددة في هذا المجال، والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية لتنفيذ المهام والمسؤوليات ذات العلاقة في هذا الشأن، واقتراح الإجراءات اللازمة لذلك.

ويعمل مركز البحوث الرَّقْمية لخدمة القرآن الكريم وعلومه التابع للمجمع، على مراجعة المشـروعات، والأعمال، والمواقع، والبرامج، والتطبيقات الرقمية المتعلقة بالقرآن الكريم، سواء من أعمال المجمع، أو الأعمال المقدمة من جهات خارجية.

وراجع المركز المسودة الأولى من خط مصحف المدينة النبوية، المنتَجَة بواسطة مشروع مولِّد الخطوط الحاسوبية المطابقة لخط خطاط كاتب مصاحف المدينة النبوية، والمراجعة الكاملة لقاعدة بيانات المصحف الرقمي برواية حفص عن عاصم، ومراجعة النسخة الرقمية المعدَّة للاستخدام العام من مصحف المدينة النبوية برواية حفص عن عاصم، الصادر منذ عام 1422هـ، ومراجعة النسخة الرقمية من مصحف المدينة النبوية برواية ورش المعد للاستخدام العام.

ما لا تعرفه عن «مسجد نمرة» الذي صلى فيه الرسول صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا

قصة نيل السعودية شرف صناعة كسوة الكعبة المشرفة والإشراف عليها