36 عامًا في «كمينة القطار».. حكاية قائد قطار يقضي رمضان على القضبان

داخل غرفة قيادة القطار، حيث الزمن يسير وفق جداول صارمة والرحلات لا تتوقف، قضى مصطفى شكري، قائد قطار القاهرة – الإسكندرية، 36 عامًا من عمره، متنقلًا بين المحطات، شاهداً على آلاف الوجوه والقصص التي تحملها عربات السكك الحديدية.
«رحلات تمتد حتى 16 ساعة»
وفي لقاء تلفزيوني خلال برنامج ساعة الفطار مع الإعلامي هاني النحاس على قناة صدى البلد، كشف عن تفاصيل رحلته الطويلة في عالم القطارات، خاصة خلال شهر رمضان.بدأ شكري مسيرته عام 1989، ومنذ ذلك الحين أصبحت 'كمينة القيادة' بيته الثاني، بل ربما بيته الأول كما يصف، حيث يقضي ساعات عمل تمتد من 8 إلى 12 ساعة في رحلات الوجه البحري، بينما تصل في الوجه القبلي إلى 16 ساعة متواصلة. وعن إحساسه خلال القيادة، قال: 'أنا جلست في كمينة القيادة أكثر من منزلي، وأكون في قمة سعادتي وأنا بخدم أهالي مصر، لأننا منظومة خدمية نحافظ على أرواح الركاب الذين معنا'.
يصبح الضغط في رمضان أكبر، فالرحلات تتزايد، والجداول تصبح أكثر ازدحامًا، مما يتطلب تركيزًا مضاعفًا لضمان سلامة الركاب، خاصة مع تقارب مواعيد القطارات.
الفطار على عجلات
رمضان بالنسبة لقائد القطار يعني الإفطار والسحور خارج المنزل، أحيانًا بين المحطات، وأحيانًا في 'كمينة القيادة'، حيث لا مجال للتوقف من أجل وجبة الإفطار.يروي شكري عن أمنيته أن يشارك وزير النقل، الفريق كامل الوزير، الإفطار معهم يومًا في القطار، كما اعتاد أن يكون قريبًا من العاملين.
وفي لحظة مليئة بالمشاعر، وجّه رسالة إلى أسرته قائلاً:'أعذروني أني مقدرتش أفطر معاكم بسبب طبيعة شغلي، لكني بكون معاكم بقلبي حتى لو كنت بين القضبان'.
تطوير السكك الحديدية
تحدث شكري عن التطوير الكبير الذي شهدته السكك الحديدية في مصر، مؤكدًا أن القيادة السياسية ووزارة النقل تبذل جهودًا كبيرة لرفع كفاءة القطاع، حيث يتم تحديث البنية الأساسية ونظم الإشارات لتصبح وفق معايير عالمية، مما يرفع معدلات الأمان.
وأشار أيضًا إلى بعض السلوكيات الخاطئة التي تهدد السلامة، مثل سوء استخدام 'جزرة الخطر'، مؤكدًا أنها تُستخدم فقط في الحالات الضرورية.
القلب ما زال متعلقًا بالقطار
رغم العقود التي قضاها في قيادة القطارات، لم يفقد شكري شغفه بالمهنة، ولا يزال يشعر بالسعادة وهو يمسك بعجلة القيادة، ينظر إلى الأمام، حيث السكة تمتد بلا نهاية، محملة بآلاف الركاب وأحلامهم التي تتنقل بين المحطات.واختتم: 'بيتي الحقيقي هو غرفة القيادة.. والقضبان هي طريقي الذي لا ينتهي'.