أبو المعاطي.. رجل واحد يحمل همّ عائلة كاملة بين المرض والأمل

وسط الزحام، وفي أحد أحياء محافظة الدقهلية، يعيش أبو المعاطي قصة تفوق الخيال، لكنها حقيقية تمامًا، يبدو بسيطًا من الوهلة الأولى، لكنه يحمل في قلبه وصدره وجسده حكاية رجل لم يعرف لنفسه طريقًا سوى أن يكون سندًا لكل من حوله… زوجته، شقيقته، واخته'.

أطلّ أبو المعاطي مع الإعلامية نهال طايل من خلال برنامج «تفاصيل» على قناة «صدى البلد»، ليسرد تفاصيل مؤلمة، لكنها مُلهمة، عن رحلته التي تمتد لأكثر من 17 عامًا في خدمة زوجته المصابة بمرض ضمور العضلات، وأخته التي ترقد بلا حراك منذ سنوات، بلا أب ولا أم، ولا سند سواه.

يقول بصوت ممزوج بالرضا والحزن: 'لو خيروني بين الدنيا وما فيها وبين زوجتي وأختي، لن أختار غيرهما... هما هدية ربنا ليا'.

زوجته، التي كانت يومًا تمارس حياتها بشكل طبيعي، فوجئت بعد سنوات من الزواج بأن المرض ينهش جسدها، وتحولت شيئًا فشيئًا إلى جسد لا يتحرك إلا بعينيها وصوته، وأخته، التي بدأت الأعراض تظهر عليها أولًا، فقدت قدرتها على المشي ثم الحركة تمامًا، حتى أصبحت أسيرة السرير.

أبو المعاطي، النجار البسيط، اضطر للتخلي عن مهنته التي ورثها عن والده، ليكون بجوار زوجته وأخته ليلًا ونهارًا. يحمل زوجته إلى الحمام، يطعمها، يغسلها، يسرح شعرها، ينام بجانبها ليقلب جسدها كل ساعة حتى لا تُصاب بتقرحات الفراش، ويمسح دموع أخته، ويُحاول إضحاكها في وقت البكاء.

'أنا ما بنامش من 17 سنة'، يقولها دون تذمر، لا يشكو، بل يحمد الله لأنه جعله في هذا الموضع، ابنته الكبرى تدرس في الجامعة، والصغرى في الثانوية، ويُحاول ألّا يقصّر في حقهما، رغم أن قلبه ويده مشغولتان بخدمة من لا يستطيعن الحركة أو الكلام.

في لحظة انكسار، يقول: 'الناس بتقول لي يا أبو المعاطي، إنت في الجنة من دلوقتي.. بس أنا مش بعمل ده عشان الجنة، أنا بعمله عشان بحبهم'.

لا يطلب أبو المعاطي كثيرًا، فقط حلم صغير: مكان آمن لزوجته وأخته، رعاية طبية تليق بحالتهما، فرصة ليعود إلى عمله لساعات قليلة دون خوف من أن تسقط زوجته أرضًا أو أن يختنق أنبوب الأكسجين في غيابه.

'نفسي في بيت رعاية، أو مستشفى ترعاهم، مش قادر أعمل أكتر من كده، أنا تعبت، بس عمري ما هسيبهم'، هكذا قالها، بينما كانت عيناه تبحثان عن أمل في أعين الناس.