فى نوفمبر عام 2018، انتقل إلى جوار ربه القارئ الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي عن عمر يناهز 64 عاماً.. كان عملاقا من عمالقة دولة التلاوة، صوت الجبل كما كانوا يطلقون عليه، ابن محافظة أسوان الذي حفظ القرآن في سن صغيرة بفضل والديه اللذين غرسا فيه حب القرآن، كما كانت أمه تحفظه في سن الطفولة، ثم انتقل إلى كتاب القرية ليكمل الشيخ كمال شيخ الكتاب مرحلة تحفيظه لكتاب الله ومن بعده الشيخ محمد أبوالعلا الذي تنبه إلى موهبة الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدي فطلب من والده أن يهتم بابنه في حفظ القران والاهتمام بعلومه لأنه سيكون له شأن عظيم.
باحث بـ«التضامن»
كان الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدي بجانب حفظه للقرآن يهتم بالتعليم العام حتى أنهى تعليمه في مدرسة التجارة وعين باحثا بوزارة الشؤون الاجتماعية.
ورث حلاوة الصوت من جده لأمه
كان الشيخ حسن القليد جد الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدي لأمه، وكان الشيخ حسن يتمتع بصوت جميل فورث الحفيد عن جده هذه الموهبة التي اكتشفها فيه كل من حوله، فأصبح القارئ الرسمي للإذاعة المدرسية ولما وصل إلى المرحلة الإعدادية بدأ أهل القرية يستعينون به قارئا في المناسبات المختلفة.
لم يكمل الدراسة الجامعية من أجل القرآن
لما أنهى تعليمه بمدرسة التجارة حصل على مجموع عال يؤهله للالتحاق بكلية التجارة لكنه لم يلتحق بها وتم تعيينه باحثا اجتماعيا بمحافظته، ثم ما لبث أن انطلق إلى القاهرة ليلتحق بالدراسة في الأزهر الشريف ويدرس علم التجويد والقراءات ليفيده في المجال الذي اختاره وهو العمل بالقرآن.
قراءة القرآن رسالة وليست وظيفة
كان يرى أن قراءة القران رسالة وليست مهنة أو وظيفة، لذلك أعطى القرآن كل وقته، فاستقال من وظيفته فأعطاه القرآن الشهرة والمال حتى ذاع صيته وأصبح اسما شهيرا بين قراء القرآن الكريم.
كانت له مدرسة ولم يقلد أحدا
كان للشيخ محمود أبوالوفا مدرسة خاصة في القراءة فلم يقلد أحدا من كبار القراء الذين سبقوه كالمنشاوي وعبدالباسط ورفعت وغيرهم، إنما امتاز بمدرسة خاصة به، لذا استحق أن يطلق عليه صوت الجبل، ورغم أنه دخل الإذاعة عام 1992 فإنه حقق شهرة واسعة قبل أن يلتحق بالإذاعة عن طريق تسجيله لشرائط الكاسيت وقتها، ولما دخل الإذاعة لم يفاجأ الناس باسمه لأنهم عرفوه قبل ذلك عن طريق تسجيلاته قبل دخول الإذاعة.
الباكي الخاشع
امتازت قراءة الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدي بالخشوع كما كان كثير البكاء أثناء القراءة تأثرا بكلام الله سبحانه وتعالى، ولأن قراءته كانت تخرج من القلب فقد اخترقت قلوب مستمعيه فأصبح له قاعدة شعبية عريضة من محبيه الذين كانوا يسيرون خلفه في جميع حفلاته حبا في صوته وفي القرآن.
لا يشترط أجرا
ولأن الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي كان يرى أن قراءة القرآن رسالة وليست مهنة لم يكن يغالي في طلب الأجر بل لم يكن يشترط أجرا من الأساس، الأهم عنده أن يصل القرآن إلى قلوب مستمعيه.
بنى مسجدا ودارا لتحفيظ القرآن في مسقط رأسه
ورغم أن الشيخ أبوالوفا الصعيدي انتقل إلى العيش في القاهرة لم تنقطع علاقته بجذوره وأهل قريته كلح الجبل، فبنى مسجدا ودارا لتحفيظ القرآن وكان حريصا على ألا يذكر اسمه أو يشار إليه على أي منهما، فسمى مسجده الإخلاص ليكون عمله خالصا من الرياء وأتم بناء المسجد قبل وفاته، كما كان يحرص على أداء العمرة كل عام وكان يتمنى أن يدفن في مدينة رسول الله حتى أنه في آخر عمرة أطال المكث بالمدينة عله ينال ما يتمنى، لكن إرادة الله شاءت أن تفيض روحه إلى بارئها بعد عودته من المدينة بحوالي 10 أيام فلقي ربه راضيا مرضيا بعد أدائه لصلاة الفجر، وقد ورث عنه نبرة صوته ابنه القارئ الدكتور أحمد أبوالوفا الصعيدي الذي حقق شهرة تضاهي شهرة أبيه حيث سار على دربه في نفس المدرسة التي أسسها والده الشيخ الراحل محمود أبوالوفا الصعيدي