عمرو الخياط يكتب: الاستفتاء على 30 يونيو
عمرو الخياط:
لم تكن أبداً انتخابات عادية، لم تكن انتخابات خاضعة لقواعد المنافسة التقليدية، بل كانت حالة استثنائية فرضت نفسها علي الدولة المصرية لكن النتائج الأخيرة لم تفرضها إلا مصر وشعبها العظيم.
الحالة الاستثنائية فرضها تدخل دولي استباقي كان في انتظار هذه اللحظة للتشكيك في شرعية ٣٠ يونيو، مضافا إليها دعاة المقاطعة، إلي جانب من راح يروج لوهم تراجع الشعبية ويحاول فرضه نظرية مسلم بها، ثلاثي اجتمع علي ثورة الشعب المصري باتفاق أو دون اتفاق وجميعهم مدركون أن نجاح مخططهم لا يعني إلا عودة التنظيم الإخواني الإرهابي للمشهد.
وبرغم توحد الهدف ضد الدولة المصرية وثورة شعبها العظيم في ٣٠ يونيو وهي ثورة لو تعلمون عظيمة وستكتب في التاريخ كنظرية سياسية وإنسانية متفردة، برغم توحد الهدف المتمثل في اعادة تقويض وتحجيم الدولة المصرية المنطلقة بعنفوان ثورتها، فإن الدوافع تختلف وتتمثل في الآتي:
> أطراف دولية كانت تسعي لأن تفرز الانتخابات رئيسا مستندا لشعبية متضائلة فيكون قابلا للاستجابة للضغوط لتمرير صفقات دولية واقليمية تعارض الأمن القومي الاستراتيجي.
> دعاة المقاطعة كانوا يسعون لتراجع ٣٠ يونيو التي كشفتهم وألزمتهم المعاش السياسي المبكر، فراحوا يحاولون اخلاء تلك المساحات التي استعادتها٣٠ يونيو لقلب الوطن في محاولة لتخفيف الآلام النفسية لسن اليأس السياسي الذي لحق بهم بفعل ٣٠ يونيو التي عبرت بقوة عن حالة من النخوة الوطنية فكشفت أنصاف المناضلين وانصاف الوطنيين.
> مروجو تراجع الشعبية والذين كانوا يسعون لاستعادة أماكن لهم في دولاب الدولة لدي مسئوليها وأجهزتها بعدما تعرضوا لحالة من التجاهل فأرادوا أن يفرضوا علي الدولة حالة من الهرولة نحوهم ظنا انه لازال لديهم ما يمكن الاستماع إليه، هؤلاء ظلوا اسري لشاشات هواتفهم المحمولة انتظارا لاتصال من رقم خاص أو رقم لمشغل قديم في المكاتب المغلقة.
لكن جاءت النتيجة بما لا تشتهي أنفسهم التي سيطرت شهواتها علي ضمائرها، ضعف الطالب والمطلوب.كل هذه التفاصيل استقبلها الناخب المصري واستوعبها تماما فحولها من انتخابات بين اثنين من المتنافسين إلي حالة وطنية من الاستفتاء علي شرعية ٣٠ يونيو، هو في الحقيقة كان يعيد اختبار قوة ارادته، كان يعيد قياس معدلات ثبات ثورته، كان يؤكد أن ٣٠ يونيو تجاوزت مرحلة »تحت الاختبار» واتجهت بقوة الأمر المقضي إلي حقيقة تفرض نفسها كقاعدة ارتكاز صلبة لانطلاق الدولة المصرية نحو مستقبلها وسيادتها وامتلاك قرارها واستعادة مكانتها الاقليمية.
لم يكن يصوت لعبدالفتاح السيسي كمرشح صاحب برنامج بل كان يمنح صوته لممثل ثورته ومندوبها الدائم أمام العالم.
الحقيقة الانتخابية تقول إن الناخب ذهب إلي الصندوق لكي يصوت من أجل ثورته ومن أجل مصداقية نفسه، ذهب وهو مدرك لحجم التربص بثورته ودولته فواجه هذا التربص بفعل ثوري جديد لكنه حرص علي أن يمارسه في إطار القانون تأكيدا علي أن ثورته خضعت للدولة وليست استعلاء عليها، كما خرج قاصدا الأخذ بزمام المبادرة والرد علي دعاة المقاطعة الذين حاولوا اختبار ثورته فأخضعهم لاختبار في الوطنية وأصر علي ان تكون النتيجة عنوانا لثورة نقية تخلصت من أدرانها السياسية، أرادوا أن يخضعوه لاختبار فأخضعهم لعنفوان ثورته التي كشفتهم إلي الأبد.حتي من أبطل صوته فقد اخضعوا لاختبار آخر ليؤكد أن ثورة ٣٠ يونيو أفرزت دولة حقيقية تتيح ممارسة الحقوق في إطار القانون، فذهب إلي الصندوق مستخدما حقه الدستوري في التعبير عن رأيه الذي لا يمكن الوقوف علي أسبابه أو تحليل اتجاهات سلوكه إلا إذا توصلنا لأسباب بطلان كل صوت علي حدة، لنكون هنا بصدد وعي وإرادة
شعبية أرادت أن تنتقل بثورتها من مرحلة »ثورة دولة الدولة» إلي مرحلة »ثورة دولة القانون»، نحن أمام حالة ثورية أخضعت نفسها بنفسها لقوة القانون من أجل توجيه الطاقة الثورية لبناء الدولة وليس إلي حالة الثورة إلي الأبد كما كان ينادي البعض عن غير وعي بأن الثورة أداة ووسيلة وليست غاية.بقوة ٢١ مليونا و٨٣٥ ألفا و٣٨٧ صوتا عادت ثورة ٣٠ يونيو ليس إلي الشارع بل إلي صناديق الاقتراع لكي تقيم الحجة علي من ادعي تراجع شعبيتها، وعلي من يروج لأوهام انحسارها، لتؤكد أنها ابدا لم تتراجع ابدا لم تنحسر، وأنها إذا لم يعد بمقدورها أن تظل رافعة شعار »الثورة مستمرة» فإن عنوان »شرعية الثورة مستمرة» سيظل مرفوعا إلي الأبد، بقوة ٣٠ يونيو سيذهب السيسي إلي المحافل الدولية والإقليمية مستندا لرصيد شعبي ضخم بحجم وقيمة الدولة المصرية.
نقلاعن صحيفة أخبار اليوم