في ذكرى ميلاده.. حسن حسني جوكر السينما المصرية الذي لم يُغادر قلوب الجمهور

في زمنٍ قد تتبدل فيه الأذواق وتتغير فيه ملامح الفن، يبقى بعض الفنانين كالوتد في ذاكرة الشعوب، لا تهزّهم الأعاصير ولا تنال منهم تقلبات السنين، ومن بين هؤلاء، يقف اسم 'حسن حسني' شامخًا، كصوتٍ مميز في دروب الدراما والكوميديا، وملامح لا تُنسى في مشهدٍ سينمائي أو مسرحي أو تلفزيوني.
يوافق اليوم الخميس 19 يونيو 2025، ذكرى ميلاد الفنان الراحل حسن حسني، الذي وُلد في مثل هذا اليوم من عام 1931، بحي القلعة العريق في قلب القاهرة، وبرحيله في 30 مايو 2020، فقدت الساحة الفنية العربية أحد أعمدتها الذين تركوا أثرًا لا يُمحى في وجدان الجمهور وذاكرة الشاشة.
من المسرح بدأ.. وعلى الخشبة تشكل حضوره
لم يكن طريق حسن حسني مفروشًا بالنجومية منذ البداية، بل شقّ طريقه بصبرٍ وإصرار على خشبات المسرح، متنقلًا بين مسرح الحكيم والمسرح القومي، قبل أن يلتحق بفرقة المخرج جلال الشرقاوي، حيث تشكلت ملامح فنه الناضج وقدرته المذهلة على التنقل بسلاسة بين الكوميديا والتراجيديا.على خشبة المسرح، كان حسني نجمًا لامعًا في أعمال مثل: 'سيارة الهانم'، 'جوز ولوز'، 'حزمني يا'، 'عفروتو'، و'قشطة وعسل'، التي رسم من خلالها الضحكة ببساطة وعفوية لا تصطنع.
من جوكر الكوميديا إلى عميد الأدوار الثانية
يُلقب بـ'جوكر السينما المصرية' لأنه لم يكن يومًا نجمًا نمطيًا، بل كان نجمًا في كل دور، مهما صغر أو كبر. قدم أكثر من 500 عمل فني تنوعت بين السينما والتلفزيون والمسرح. ولم يكن مجرد ممثل مساعد، بل كان الركيزة التي تقوم عليها القصة أحيانًا، حتى ولو ظهر لبضع دقائق فقط.من بين أبرز أفلامه:
'البرئ'، 'سواق الأتوبيس'، 'عبود على الحدود'، 'يا أنا يا خالتي'، 'أفريكانو'، 'اللمبي'، 'الناظر'، و'عسكر في المعسكر'. وفي التلفزيون، تألق في مسلسلات راسخة مثل: 'أبنائي الأعزاء شكرًا'، 'بوابة الحلواني'، 'المال والبنون'، 'السبنسة'، 'أميرة في عابدين'، و'جمهورية زفتى'.تكريمات مستحقة.. وغيابٌ لا يُملأ
نال حسن حسني جائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن مجمل أعماله، بالإضافة إلى جائزة خاصة عن أدائه المميز في فيلم 'دماء على الأسفلت'. ولم تكن تلك الجوائز مجرد أوسمة شرفية، بل شهادات تقدير لفنان ظلّ يعمل حتى آخر أيامه، ويُقدّم الفن بروح الهواة ونضج الكبار.برحيله، لم تخفت بصمته، بل صارت كل ضحكة في مشهد من مشاهد أفلامه، وكل دمعة في موقف درامي، تذكيرًا دائمًا بأن حسن حسني لا يُغيب، لأنه حجز لنفسه مقعدًا دائمًا في ذاكرة المصريين والعرب.
في ذكرى ميلاده الرابعة والتسعين، نُعيد تلاوة ما تركه لنا هذا العملاق، لا بمرارة الفقد، بل بامتنانٍ للمرحلة التي مرّ فيها عبر الشاشة، فغمرها بصدقه وإنسانيته، وترك فيها من روحه ما يكفي لأجيالٍ قادمة من العاشقين للفن النظيف.