في ذكرى ميلادها.. «حنان ترك» نجمة تألقت في سماء الفن ثم اختارت الاعتزال بهدوء

في عالم الفن، تظهر بعض الأسماء فتترك بصمة لا تُمحى، تظل عالقة في وجدان الجمهور حتى وإن اختارت صاحبتها أن تبتعد، ومن بين هؤلاء الفنانة حنان ترك، التي لم تكن مجرد نجمة عابرة في سماء الدراما المصرية، بل كانت روحًا نابضة بالإحساس والأداء الصادق، حاضرة رغم الغياب، وملهمة رغم اعتزالها.
في ذكرى ميلاد حنان ترك التي تحل اليوم، نستعيد رحلتها، ونرصد مشوارها الفني الذي كان مزيجًا بين الشغف والموهبة والاختيار الواعي.
حياة حنان ترك.. الطفلة التي عشقت الحلم
ولدت حنان حسن محمد عبد الكريم، الشهيرة بـ حنان ترك، في السابع من مارس عام 1975. نشأت في أسرة مصرية متوسطة، وكان والدها يعمل في تجارة العطارة، وهو ما وفر لها بيئة دافئة، متوازنة، جعلتها تنظر إلى الحياة بنظرة حالمة، حالمة ولكنها واقعية. منذ طفولتها، كان للفن تأثيره العميق على روحها، وكانت تتلمس طريقها إليه بشغف رغم أنها لم تكن تعرف متى ستبدأ رحلتها الحقيقية.دخولها عالم الفن.. الموهبة تفرض نفسها
لم يكن دخول حنان ترك إلى عالم الفن وليد الصدفة، بل جاء عن حب وشغف ورغبة في التعبير.بدأت مشوارها في سن مبكرة من خلال عروض الباليه، حيث درست في معهد الباليه لفترة، لكن القدر كان يخبئ لها طريقًا مختلفًا، طريق الشاشة والتمثيل.
جاءت فرصتها الأولى عندما قدمها المخرج خيري بشارة في فيلم 'رغبة متوحشة' عام 1992، لتلفت الأنظار بموهبتها الطبيعية وحضورها البسيط، ومنذ تلك اللحظة لم تتوقف عن الإبداع، فتنوعت أدوارها بين السينما والدراما، وأصبحت سريعًا من نجمات جيلها الأكثر شهرة وتأثيرًا.
"لن أعيش في جلباب أبي".. محطة خالدة في مسيرتها
إذا ذُكرت الدراما المصرية، ذُكر مسلسل 'لن أعيش في جلباب أبي'، وإذا ذكر المسلسل، لا يمكن نسيان شخصية نظيرة، الابنة المدللة التي قدمتها حنان ترك ببراعة ساحرة.كان هذا العمل، الذي عُرض في منتصف التسعينيات، أحد أهم المحطات في مسيرتها، حيث شاركت في بطولته إلى جانب النجم نور الشريف، وقدمت شخصية الفتاة التي تحاول التمرد على حياة والدها التاجر العصامي، لكنها في النهاية تدرك أن الحب والدفء العائلي هما الأهم.
"أوبرا عايدة".. التحدي والنجاح
لم تكن حنان ترك مجرد نجمة لأدوار الفتاة الرومانسية الحالمة، بل سعت دائمًا إلى تقديم أعمال ذات بعد إنساني واجتماعي.في مسلسل 'أوبرا عايدة'، الذي عُرض في أوائل الألفينات، قدمت دورًا مميزًا لطبيبة شابة تدعى سارة تواجهة تهمة القتل المتعمد لمريض بسبب جرعة طبية زائدة أودجت بحياته، وسط صراع نفسي وأخلاقي قوي بين زملائها في المستشفى الفاسدين والسبب الرئيسي في وفاة المرضى حيث كان يجري عليهم اختبارات دوائية.
برعت في تجسيد الشخصية، وقدمتها بنضج فني لافت، حيث تمكنت من نقل مشاعر التردد والقلق والخوف من الظلم، والفرح مع ظهور برائتها مع نهاية الحلقة الأخيرة، مما جعل العمل أحد أبرز محطات مشوارها الدرامي، وأثبتت أنها ليست مجرد وجه جميل بل فنانة تمتلك أدواتها وتعرف كيف تختار أعمالها بعناية.
ارتداء الحجاب والاعتزال.. الاختيار الحاسم
جاء عام 2006 ليكون نقطة تحول في حياة حنان ترك، حيث قررت ارتداء الحجاب، في خطوة جريئة أثارت الكثير من الجدل حينها، ورغم محاولاتها التوفيق بين التمثيل والحجاب، إلا أنها في النهاية اتخذت القرار النهائي بالاعتزال في 2012، مفضلة حياة الهدوء والخصوصية على الأضواء والشهرة.هذا القرار لم يكن مجرد انسحاب من الفن، بل كان تعبيرًا عن قناعاتها الشخصية ورغبتها في حياة أكثر سكينة، وهو ما أكسبها احترام جمهورها الذي ظل وفيًا لها رغم ابتعادها.
أبرز أعمالها.. إرث فني لا يُنسى
رغم اعتزالها، فإن مسيرة حنان ترك حافلة بأعمال تركت أثرًا لا يُمحى في وجدان الجمهور، ومن أبرزها:في الدراما: 'لن أعيش في جلباب أبي، أوبرا عايدة، المال والبنون، سارة، أولاد الشوارع، نصف ربيع الآخر، هانم بنت باشا'.
في السينما: 'سهر الليالي، الآخر، المهاجر، الحب الأول، حرامية في كي جي 2، دنيا، تيتو'.