منتخب مصر يبحث عن النجمة الثامنة في كأس أمم إفريقيا من بوابة المغرب

مع انطلاق صافرة البداية، اليوم الأحد 21 ديسمبر، في المملكة المغربية، إيذانًا ببدء منافسات كأس أمم إفريقيا 2025، يعود منتخب مصر إلى واجهة المشهد القاري محمّلًا بإرث تاريخي لا يضاهيه أي منتخب آخر في القارة السمراء.

لا يدخل “الفراعنة” البطولة كمجرد مشاركين، بل كقوة مرجعية صنعت تاريخ كأس أمم إفريقيا عبر عقود من السيطرة والاستمرارية، وكمنتخب اعتاد أن يكون طرفًا أساسيًا في معادلة التتويج. فمع كل نسخة جديدة، تُستحضر فترات الهيمنة المصرية، وتُقاس طموحات المنافسين بالسقف العالي الذي وضعته مصر على مدار تاريخها الإفريقي.

وتحتفظ مصر بمكانتها كأنجح منتخب في تاريخ البطولة، بعدما توّجت باللقب سبع مرات، وبلغت النهائي في عشر مناسبات، فضلًا عن إنجاز فريد تمثل في الفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية، وهو رقم لا يزال عصيًّا على التكرار حتى اليوم.

وشكّلت الفترة بين 2006 و2010 العصر الذهبي للكرة المصرية، حيث أعادت رسم ملامح كرة القدم الإفريقية الحديثة، في مرحلة اتسمت بالاحتراف والانضباط التكتيكي. ولم تكن تلك النجاحات وليدة أفضلية الأرض والجمهور، إذ تحققت في ثلاث دول مستضيفة مختلفة: مصر، وغانا، وأنجولا، في تأكيد على أن التفوق كان نتاج منظومة متكاملة.

وقاد المدرب الراحل حسن شحاتة تلك الحقبة بفلسفة اعتمدت على الانسجام الجماعي قبل الأسماء الفردية، مستندًا إلى عناصر محلية تفهم خصوصيات الكرة الإفريقية، من حيث الإيقاع البدني، والالتحامات، وإدارة المباريات تحت الضغط. وبعيدًا عن الاستعراض، بُنيت الإنجازات على الانضباط التكتيكي، والذكاء الذهني، والفعالية في اللحظات الحاسمة.

وبرزت أسماء خالدة صنعت المجد، يتقدمها عصام الحضري كرمز للثبات والحسم، خاصة في ركلات الترجيح، إلى جانب وائل جمعة كصمام أمان دفاعي، وأحمد حسن وحسني عبد ربه في وسط الميدان، بينما منح محمد أبو تريكة الحلول الإبداعية في اللحظات الفارقة، مدعومًا بحس تهديفي حاسم من عمرو زكي ومحمد زيدان، ثم جدو في نسخة 2010.

ومنذ آخر تتويج قاري عام 2010، مرت علاقة مصر بكأس أمم إفريقيا بمحطات متقلبة، بين غيابات طويلة، وخروج مبكر، وبلوغ أدوار متقدمة دون معانقة اللقب، رغم الوصول إلى النهائي في نسخة 2017، والاستمرار في الحضور المنتظم بالنهائيات.

وتدخل مصر نسخة 2025 بعقلية مختلفة، لا تستند إلى الحنين للماضي، بل إلى قناعة بامتلاك مقومات العودة إلى المنافسة الحقيقية. ويستهل “الفراعنة” مشوارهم في المجموعة الثانية التي تضم جنوب إفريقيا، وأنغولا، وزيمبابوي، في مجموعة تتطلب التركيز والانضباط أكثر من البحث عن الاستعراض.

ومع انطلاق كأس أمم إفريقيا المغرب 2025، لا يتمحور السؤال حول عظمة الماضي المصري، فهي حقيقة راسخة، بل حول القدرة على تحويل هذا الإرث إلى زخم جديد يُفضي إلى التتويج بالنجمة الثامنة، بعد أكثر من عقد من الانتظار.

وعندما تعود إفريقيا إلى مسرحها الكروي الأكبر، تحضر مصر كما اعتادت دائمًا: بتاريخ يفرض الاحترام، وطموح يؤمن بأن الفصل القادم لا يزال قابلًا للكتابة.