كل عام وأنتم بخير ..رمضان فى زمن الكورونا شكل تانى

« هذا العام رمضان له طعم تاني، وشكل مختلف، عادات وطقوس لم يفعلها الناس من قبل، لأول مرة يأتي رمضان في زمن الكورونا، لأول مرة هذا العام لن تكون هناك موائد رحمن في الشوارع والمصانع وعلى الطرقات.. لن نفطر وسط الأهل والأقارب، وأقارب الأقارب والصحاب، ولن نسارع للجوامع لصلاة العشاء والتراويح.

صحيح أنها عاداتنا وتقاليدنا، وبها يأخذ شهر الصوم أحلى ملامحه بالبصمة المصرية، ويكتمل أداؤنا لفرائض الشهر الكريم، لكن للضرورة أحكام والضرورات الصحية والسلامة المجتمعية والشخصية تبيح الابتعاد والعزلة وتقليل الكثافات، وصحة الإنسان أهم من كنوز الدنيا، وإصابة إنسان بالعدوى التى قد تتسبب فى فراقه إلى الأبد تدخل أحيانا فى قتل النفس التي حرم الله قتلها، فكأنما قتل الناس جميعا، ويمكن أن نقى أنفسنا وأهلينا كل شر حين نستعيض عن هذا بتجمع الأسر الصغيرة وإقامة صلاة الجماعة وتحويل منازلنا كلها إلى مساجد، يقام فيها شعائر الله صوم وصلاة وقيام.. ودعوات لله بأن يزيح عنا الوباء والبلاء والابتلاء لنعود لحياتنا ونسعي علي أرزاقنا وإليه النشور.

سنتجمع أمام شاشات التلفزيون نشاهد دراما رمضان التي أتمنى أن تكون على مستوى يعلي من القيم والمبادئ الراقية التي تنتصر لمصلحة الدولة والمجتمع على حساب المصالح الأنانية الضيقة، التي تعتمد مبدأ انتهز الفرصة واستغل الظروف و"اخطف واجرى"، وأتمنى أن تبتعد المسلسلات عن أعمال البلطجة والفتونة والأنانية وإشاعة القيم السلبية في المجتمع.

هذا العام سيكون وقتا تمضيه الأسرة كلها أمام الشاشات كبارا وصغارا، مرتين فى اليوم، وربما ثلاث حال إعادة العمل الواحد، لن تكون هناك خيم رمضانية ولن تكون هناك ورديات للعمل بعد الإفطار إلا فى الضرورة القصوى، ولن تكون هناك سهرات حتى السحور في الخارج .. جميعنا سنلتزم بإجراءات الحظر الوقائي والإجراءات الصحية وسنطبق التعليمات التي أصدرتها الحكومة للحفاظ علي صحة المصريين، وهي إجراءات اتخذتها وتتخذها معنا جميع دول العالم والحمد لله حتى الآن مازالت مصر آمنة.

أدعو الله أن تمر هذه الأيام علي خير وننتصر علي أكبر عدو يهدد العالم كله واستطاع ان يغير شكل الحياة علي وجه الكرة الأرضية، فخلال شهرين فقط وبسرعة انتشار رهيبة سيطر فيروس كورونا اللعين علي كل الدول، وأصاب أكثر من 2.5 مليون إنسان، وقتل ما يزيد على 150 ألف شخص لم يفرق بين قوة وضعفا وبين غنى ولا فقير ولم تنجُ من آثاره المدمرة أعتى الأنظمة الصحية فى العالم، بل إن العالم القوى رغم تقدمه فى كل مناحى الحياة كان أكثر تضررا، فما بالك فى الدول الفقيرة أو المتواضعة التى كانت أنظمتها الصحية على قد الحال، كل العالم اتفقوا على أن العلاج الناجع والفعال هو الإبتعاد والعزلة، وإلزم بيتك تسلم ويسلم الناس.

ليصبح العالم حبيس المنازل لا خروج ولا سفر ولا تجارة، فلا طيران ولا سياحة ولا فسح ولا ترفيه ولا شواطئ ولا متنزهات وبلاجات.. ملخص حالة العالم : ترقب وعزلة وحجر طبي!

اللهم رد عنا هذا الإبتلاء بقدرتك ولطفك ونجنا من ويلاته .. اللهم بحق نبيك وعظمة شهر رمضان بلغنا الشهر الكريم وتقبل صيامنا وقيامنا والطف بنا وتقبلنا في عبادك الصالحين .. يارب اجعل شهرك المعظم شهر الفلاح والصلاح والنجاة من كل شر.. اللهم أنت اللطيف بعبادك وأنت الواحد الأحد الغفار الرحيم فارحمنا برحمتك.. واحفظ مصر والمصريين وقهم كل شر.

ستتوقف المقالات في الشهر الفضيل وألقاكم في العيد إن شاء الله.. وكل عام وأنتم بخير.»