في ذكرى رحيله.. طلعت زكريا «طباخ الريس» الذي بدأ من المسرح وتألق بالكوميديا

في مثل هذا اليوم من عام 2019، فقد الوسط الفني المصري أحد أبرز نجومه الذين تركوا بصمة خاصة في الكوميديا والدراما، الفنان الراحل طلعت زكريا، الذي رحل عن عالمنا في 8 أكتوبر بعد رحلة فنية حافلة امتدت لعقود، قدم خلالها عشرات الأعمال التي جمعت بين الضحك والمواقف الإنسانية، وظل اسمه مرتبطًا بخفة الظل والبساطة والأداء العفوي الذي وصل إلى قلوب الجمهور.
كان طلعت زكريا واحدًا من الفنانين الذين صنعوا لأنفسهم مكانة مميزة في قلوب المشاهدين، بفضل قدرته على تجسيد الشخصيات الشعبية بطريقة واقعية قريبة من الناس، ليصبح وجهًا مألوفًا في السينما والمسرح والتلفزيون على حد سواء.
بداية المشوار
وُلد طلعت زكريا في 18 ديسمبر عام 1960، وتخرج في قسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 1984، لكنه بدأ مشواره قبل التخرج من خلال مسرحية «الشخص» عام 1982، التي كانت بوابته الأولى نحو احتراف الفن.ومنذ ذلك الحين، تنقل بين الأدوار الصغيرة حتى أثبت موهبته بمرور الوقت، ليصبح أحد أبرز وجوه الكوميديا المصرية في جيله.
رحلة طويلة بين السينما والتلفزيون والمسرح
قدّم طلعت زكريا خلال مسيرته مجموعة كبيرة من الأعمال الناجحة التي لا تزال عالقة في ذاكرة الجمهور. ومن أبرز أفلامه: «حرامية في كي جي تو»، «جاءنا البيان التالي»، «غبي منه فيه»، «عوكل»، «خالتي فرنسا»، «التجربة الدنماركية»، «أبو علي»، «عمارة يعقوبيان»، و«طباخ الريس» الذي شكّل محطة فارقة في مسيرته الفنية وحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا.كما تميز بمشاركاته في العديد من المسلسلات التي تنوعت بين الكوميديا والدراما، مثل: «زهرة وأزواجها الخمسة»، «بيت العيلة»، «جوز ماما»، «العراف»، «الزيبق»، و«عزمي وأشجان»، بالإضافة إلى مشاركاته المسرحية التي حفلت بأعمال ناجحة منها «بهلول في إسطنبول»، «عائلة الفك المفترس»، «العصمة في إيد حماتي»، «دو ري مي فاصوليا»، و«سيبوني أغني».
أما في مجال الرسوم المتحركة، فقد شارك بصوته في سلسلة «سوبر هنيدي» الشهيرة، التي كانت من أكثر الأعمال الكرتونية المصرية جماهيرية، إلى جانب مشاركته في برامج ترفيهية وإذاعية مثل «إديني عقلك» و«حمزة وفتحية على 900».
مواقفه وآراؤه المثيرة للجدل
لم يكن طلعت زكريا فنانًا بعيدًا عن الجدل، خاصة خلال ثورة 25 يناير، إذ عُرف بموقفه المعارض لها، ووجه انتقادات حادة للمتظاهرين في ميدان التحرير، وهو ما عرضه لهجوم واسع من رواد مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك. وتم إدراجه ضمن ما عُرف بـ«القائمة السوداء» التي ضمت عدداً من الفنانين المناهضين للثورة، لكنه ظل متمسكًا بآرائه حتى آخر أيامه.مرضه ورحيله
في عام 2007، تعرض الفنان الراحل لأزمة صحية خطيرة بعدما أُصيب بالتهاب في أحد شرايين المخ دخل على إثره في غيبوبة استمرت فترة طويلة، لكنه تعافى منها وعاد إلى فنه بقوة من خلال فيلم «طباخ الريس» الذي أعاد إليه بريقه الفني.وفي 8 أكتوبر 2019، رحل طلعت زكريا عن عمر ناهز 59 عامًا، بعد تدهور حالته الصحية خلال الساعات الأولى من الفجر، حيث نُقل إلى أحد مستشفيات مدينة السادس من أكتوبر قبل أن يفارق الحياة، ودُفن جثمانه في مقابر العمود بالإسكندرية، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا كبيرًا وذكريات لا تُنسى في قلوب محبيه.
رحل طلعت زكريا، وبقي ضحكه، حضوره، وكلماته التي صنعت ابتسامة في كل بيت مصري، ليظل اسمه علامة مضيئة في تاريخ الكوميديا المصرية.