قصة سعاد حسني.. تألقت على الشاشة وأخفت حزنها بعيدًا عن الأضواء

في حياة سعاد حسني، لم تكن الكاميرا وحدها هي الشاهدة على لحظات بريقها، بل هناك وجوه ظلت حاضرة خلف الكواليس، تحفظ سرها، وتربطها بها عشرة لا يفسدها الزمن.
من هؤلاء، الفنان الراحل حسن يوسف، الذي ارتبط اسمه بالسندريلا ليس فقط من خلال الأفلام، بل بصداقة حقيقية بدأت منذ الطفولة، وظلّت قائمة حتى آخر لحظة في حياتها.
رحل حسن يوسف قبل ساعات، بعد عام من العزلة والحزن على فقدان نجله 'عبدالله'، وكأن الحياة قررت أن تسدل الستار على 'الواد الشقي' الذي حمل في قلبه وجعًا قديمًا، ربما لم يظهر للعلن، لكنه ظل محفورًا في ملامحه.
ورغم رحيله، تبقى شهاداته عن سعاد حسني واحدة من أصدق ما قيل عن فنانة أحبها الجمهور وبقيت سيرتها لغزًا بعد موتها.
كنا على تختة واحدة
في أحد لقاءاته، تحدث حسن يوسف بحنين واضح عن تلك الأيام الأولى، حين كان يجلس بجوار سعاد حسني على نفس 'التختة' في المدرسة، قبل أن يجمعهما الفن ويقدما معًا أكثر من 10 أفلام، من بينها 'مافيش تفاهم'، و'صراع مع الملائكة'، و'حكاية جواز'، و'للرجال فقط'، و'الثلاثة يحبونها'. سعاد حسني
لكن العلاقة لم تتوقف عند 'أكشن' و'كلاكيت'، بل وصفها حسن يوسف بأنها كانت تعتبره صندوق أسرارها، وكاتمًا لما لا تُفصح عنه لأحد.
كانت عبقرية.. بس تعيسة
رغم كل ما كانت تحققه من نجومية، أكد حسن يوسف أن السندريلا كانت تعاني داخليًا، وقال في أكثر من مناسبة إنها 'كانت طيبة وبريئة، لكنها عاشت حياة تعيسة'، خاصة بسبب زيجاتها التي لم تنجح، وما مرّت به من أزمات نفسية في سنواتها الأخيرة.وفي ندوة لتكريمه بقصر السينما العام الماضي، قال جملة تختصر كل شيء: 'أسعد لحظات سعاد كانت أمام الكاميرا، لأنها كانت بتهرب من الحزن اللي جواها.'
اللقاء الأخير.. والمفاجأة المؤلمة
ربما كانت المفاجأة الأشد وقعًا على قلب حسن يوسف هي حين صادف سعاد حسني في لندن قبل وفاتها، ولم يعرفها.يحكي أنه كان بصحبة ابنه 'محمود' لتقديم أوراق الجامعة، حين اقتربت منه سيدة وقالت: 'إزيك يا حسن؟'
رد عليها دون أن يتعرف: 'حضرتك مين؟' فقالت: 'أنا سعاد حسني'، الذهول الذي أصابه لم يكن من اسمها فقط، بل من التغير الجذري في ملامحها، التي لم يستطع أن يربط بينها وبين صورة 'السندريلا' التي حفظها العالم.
سعاد حسني
زارها بعدها مع زوجته شمس البارودي، وكانت بصحة جيدة، قبل أن يصدمه خبر وفاتها بعد أيام قليلة.
الغياب المزدوج
في الذكرى الـ24 لرحيل سعاد حسني، يأتي رحيل حسن يوسف وكأنه مشهد من فيلم قديم انتهى بهدوء.هو الذي حمل صورتها في ذاكرته كما أحبها الجمهور، وظل صديقًا وفيًا لها حتى بعد أن أسدل الستار على حياتها، ها هو يلحق بها دون ضجيج، تاركًا خلفه حكاية صداقة نادرة، وأسرارًا لم يفصح عنها يومًا، احترمًا لصورة 'السندريلا' كما كانت تحب أن تبقى.