أحمد مراد: الخيال أصبح عاجزًا أمام الواقع والسينما مطالبة بالمواكبة

شهدت فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ46 ندوة مميزة للكاتب والسيناريست أحمد مراد، الذي قدّم رؤية معمقة حول تطور النوع السينمائي، وتأثير المنصات الرقمية، وطبيعة الجمهور في العصر الحالي، مؤكدًا أن تغيير النمط والانتقال بين الأنواع داخل العمل الواحد أصبح ضرورة لشد انتباه المتلقي.

خلط الأنواع وتحطيم القوالب الثابتة

استهل أحمد مراد حديثه بالإشارة إلى صعوبة تصنيف الأفلام الحديثة داخل نوع واحد، قائلاً إن الواقع نفسه أصبح مزيجًا كاملًا من الأحداث المتلاحقة، يذكّر بالمولد والملاهي والمغامرات والجرائم والاحتفالات في يوم واحد، قائلاً: 'من وجهة نظري النهاردة النوع بقى صعب جدًا تحديده… البني آدم ما بقاش يكتب نوع واحد جوه الفيلم الواحد'.

وأوضح أن المفاجأة داخل الأحداث، مثل الانتقال من لحظة رومانسية إلى جريمة مفاجئة، أصبحت أداة لإعادة انتباه المشاهد: 'المفاجأة هي اللي بتصنع تغيير النمط… فلما أغيّر النوع فجأة، أنا بفاجئ المتفرج'.

الدراما في العالم أصبحت أقوى من الدراما المكتوبة

وأشار مراد إلى أن حجم الدراما اليومية التي يشهدها العالم يفوق ما يمكن للخيال تقديمه: 'إحنا شُفنا في سنتين كوفيد، حروب عالمية، اضطرابات، والعالم وقف واتحبسنا وتحررنا… كل ده في سنتين'.

وأضاف أن الكاتب لم يعد قادرًا على إبهار المتلقي إلا بطريقتين:

• خلط الأنواع وكسر النمط

• التقاط اللحظات الإنسانية الأقرب للواقع

ميزة السينما: اللقطة التي تكشف الإنسان

وتحدث مراد بإسهاب عن قوة السينما مقارنة بباقي الفنون، قائلاً: 'ميزة السينما بالنسبة لي وجود اللقطة المقربة… أقدر أدخل على عين حد معين وأشوف تعبير محدد'.

واعتبر أن تغيير الإيقاع داخل الفيلم يشبه “فرملة القطار” التي توقظ المسافر دون قصد: 'إحنا وإحنا ماشيين بنتمنى حاجة تكسر النمط… حتى لو خوفنا، إحنا عايزين نتفرج'.

المنصات تغيّر الجمهور… لكن ليس كما نتوقع

وتناول مراد الاعتقاد السائد بأن الجمهور أصبح يبحث عن المحتوى القصير بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، موضحًا أن الواقع مختلف: 'لو الناس عايزة تشوف بسرعة… كان زمان الأفلام بقت 10 دقايق. إنما اللي حصل إن الأفلام وصلت لـ3 ساعات والناس قاعدة مبسوطة'.

وأكد أحمد مراد، على أن الجمهور يحتاج 'جرعة' معينة من الإثارة وتجديد الإيقاع، وهو ما يدفع صناع السينما لزيادة التنوع داخل الفيلم الواحد.

مراد: الذكاء الاصطناعي أداة… لكنه لا يُبدع وحده

وفي حديثه عن أدوات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها ChatGPT، رأى مراد أن الأداة ليست بديلاً عن الكاتب: 'من غير حد واعي بيقوده… الذكاء الاصطناعي هيسرّع ناس وهيبطّأ ناس.. المشكلة مش في الأداة… المشكلة في اللي بيستخدمها'.

وشدد على أن الخيال الإنساني أصبح عاجزًا أمام تسارع الواقع، مما يجعل مهمة الكتابة أكثر صعوبة مع مرور الوقت.